خبير يبرز أسباب تراجع بريطانيا عن دعم مشروع الكهرباء مع المغرب

قال الخبير الاقتصادي، ياسين اعليا، إن “تراجع الحكومة البريطانية عن دعم مشروع الربط الكهربائي مع المغرب يعكس تحولا في السياسة الطاقية للمملكة المتحدة، خاصة أن المشروع كان يُروّج له منذ سنوات وكان يستهدف تزويد نحو سبعة ملايين منزل بريطاني بالكهرباء”.
وأضاف ياسين اعليا، في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن “هذا القرار جاء في سياق عالمي متغير، إذ تدفع التحولات الاقتصادية الحالية العديد من الدول إلى تبني سياسات طاقية قائمة على الموارد الذاتية، بما يعزز ما يسميه مبدأ السيادة الطاقية”.
وأوضح المتحدث أن “الاعتماد على إنتاج كهربائي أجنبي، كما هو الحال في هذا المشروع، يتعارض مع هذا التوجه الجديد”، مشيرًا إلى أن “ارتهان المستهلك البريطاني بالكهرباء المنتجة في المغرب يعد تنازلاً عن هذا المبدأ”.
وتابع قائلاً إن “كلفة المشروع الباهظة كانت هي الأخرى من بين الأسباب التي دفعت بريطانيا لإعادة النظر في جدواه، خصوصًا مع الارتفاع الملحوظ في تكاليف الإنتاج خلال السنوات الأخيرة”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “كلفة إنتاج الكيلوواط الواحد، التي كانت تُقدّر في البداية بنحو 70 جنيهاً إسترلينياً، تجاوزت حاليًا 100 إلى 115 جنيهاً، وهو فارق كبير يُضعف من جدوى المشروع الاقتصادي”.
وفي هذا الإطار، أوضح أن “الحكومة البريطانية كانت تطمح إلى شراء الكهرباء بسعر ثابت لا يتأثر بتقلبات الأسعار، لكنها وجدت نفسها أمام كلفة إنتاج متزايدة يصعب تغطيتها دون تحمل فروقات السعر الناتجة عن التضخم”.
وأضاف أن “المكونات التقنية التي يتطلبها المشروع، كالخلايا الشمسية والتوربينات الهوائية، سيتم استيرادها من دول آسيوية، ما يعني أن فائدتها للاقتصاد البريطاني ستكون محدودة”.
ويالنسبة للمغرب، أكد اعليا أن “المشروع كان سيعود ببعض الإيجابيات، من خلال تصدير الطاقة والاستفادة من العائدات، إلا أن له أيضًا آثاراً جانبية محتملة، لا سيما في ما يخص استهلاك الموارد المائية”.
وأوضح في هذا السياق أن “إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والريحية يحتاج إلى موارد مائية مهمة، وهو ما يفرض تحديات في بلد يعاني أصلاً من ضغوط مائية، بالإضافة إلى الكلفة العالية لتحلية مياه البحر عند استخدامها في هذا الإطار”.
وأردف أن “الجدوى الاقتصادية للمشروع تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وهو ما دفع بريطانيا في النهاية إلى اتخاذ قرار وقف دعمه، رغم التقدم الكبير في الدراسات الأولية الخاصة به”.
وفي السياق، عبّرت شركة “إكس لينكس” (Xlinks)، في بيان يوم الخميس 26 يونيو 2025، عن خيبة أملها لرفض وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني البريطانية إبرام عقد مقابل الفروقات (“CfD”) لمشروع الربط الكهربائي بين المغرب والمملكة المتحدة الذي تشرف عليه الشركة، مشيرة إلى أن المشروع من شأنه أن يجلب للمملكة فوائد كثيرة بما يتماشى مع استراتيجيتها فيما يخص الطاقة الخضراء.
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت عدم دعمها للمشروع من خلال إبرام عقد الفروقات (CfD) الذي يضمن للشركة سعرًا ثابتًا للكهرباء، مبرّرة الأمر بكون المشروع لا يتماشى بشكل واضح مع مهمة الحكومة الاستراتيجية للتركيز على المشاريع المحلية.