مهني: أسعار “الدوارة” مرشحة للارتفاع أكثر مع اقتراب عيد الأضحى

توقّع هشام جوابري، الكاتب الجهوي لتجار اللحوم الحمراء بالجملة، أن تشهد أسعار “الدوارة” (أحشاء الخروف) ارتفاعًا إضافيًا مع اقتراب عيد الأضحى، خاصة إذا استمر الطلب المرتفع عليها، بعد دعوة الملك المواطنين إلى عدم ذبح الأضاحي هذا العام.
وأوضح جوابري في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الإقبال الكبير على “الدوارة” هذه الأيام يأتي من طرف عدد كبير من المواطنين الذين قرروا عدم اقتناء الأضحية هذا العيد، وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الطلب على هذه المادة، وبالتالي ارتفاع أسعارها.
ضغط كبير على العرض
وأبرز أن سعر “الدوارة” قفز من حوالي 200 درهم إلى أكثر من 600 درهم، مرجحًا أن تعرف الأسعار زيادات أخرى في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.
وفي ما يخص ارتفاع أسعار الأغنام والدوارة معًا، أكد جوابري أن السبب الرئيس يعود إلى الضغط الكبير الذي تعرفه السوق، سواء من جهة المواطنين أو المهنيين، خاصة في مدينة الدار البيضاء ومختلف جهات المملكة.
وأضاف أن طريقة البيع والشراء تغيّرت، إذ لم يعد الجزار وحده من يقصد الأسواق لشراء الأغنام من “الكساب” أو من الوسطاء المعروفين بـ”الشناقة”، بل أصبح المواطن العادي يدخل مباشرة إلى السوق للشراء، ما تسبب في منافسة قوية وزيادة طبيعية في الأسعار.
وأشار جوابري إلى أن هذه الدينامية الجديدة في السوق أحدثت نوعًا من الارتباك، وأدت إلى اختلال ميزان العرض والطلب، خصوصًا في ظل تراجع حجم القطيع الوطني نتيجة توالي سنوات الجفاف.
ومع اقتراب عيد الأضحى، تفاجأ المستهلك المغربي بارتفاع صاروخي في أسعار “الدوارة”، التي تُعد من الطقوس الغذائية الراسخة في الثقافة المغربية خلال هذه المناسبة الدينية، حيث تضاعفت الأسعار لتصل إلى مستويات غير مسبوقة.
وارتفعت أسعار “الدوارة” من متوسط يتراوح بين 200 و300 درهم إلى ما بين 700 و800 درهم، مع توقعات ببلوغها 1000 درهم خلال الأيام القليلة المقبلة.
سلوك فردي
من جانبه، قال الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، إن إقبال بعض المغاربة على شراء “الدّوّارة” أو بعض أحشاء الأضحية، في ظل غياب الشعيرة الأساسية المتمثلة في ذبح الكبش، “لا يُعدّ تجسيدًا حقيقيًا لعيد الأضحى، بل هو انحراف عن روح الشعيرة وتحريف للطقوس الدينية المرتبطة بهذه المناسبة”.
وأوضح الشعباني، أن شعيرة الأضحية لا يمكن اختزالها في مظهر استهلاكي أو شكلي، مشددًا على أن الكبش هو الركن الرمزي الذي يُضفي على العيد معناه الديني والروحي، أما الاكتفاء بشراء “الدّوّارة” فهو “سلوك فردي يُخرج المناسبة عن سياقها الشرعي والاجتماعي، وقد يُدرج ضمن البدع التي تُفرغ العيد من رسالته الأصلية”.
وأشار المتحدث إلى أن “عيد الأضحى في الوجدان المغربي ليس فقط لحظة ذبح، بل مناسبة جامعة تُكرَّس فيها قيم التكافل الاجتماعي، وصلة الرحم، وإحياء شعائر دينية عريقة”، مضيفًا أن “الاحتفال الحقيقي بالعيد لا يقتصر على تكرار مظاهر شكلية، بل يتطلب إقامة الشعيرة كاملة أو، في حال تعذر ذلك، الاكتفاء بصلاة العيد دون السقوط في مظاهر مُشوَّهة تفقد المناسبة معناها”.
وختم الشعباني بالتأكيد على أن التمسك بعادة شراء “الدّوّارة” في غياب الأضحية لا يُعدّ احترامًا للشعيرة ولا حفاظًا على التقاليد الأصيلة، بل هو مظهر جديد “من السلوكيات الفردية التي تبتعد عن جوهر العيد وتُعبّر عن تحوير مفرغ من القيم الدينية والاجتماعية التي طالما شكّلت محور احتفال المغاربة بهذه المناسبة المباركة”.
مخاطرة كبيرة
فيما أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن “الدّوّارة” التي تُباع في المجازر الرسمية تخضع للمراقبة البيطرية الصحية، ما يجعل استهلاكها آمنًا نسبيًا مقارنة بتلك التي يتم تداولها خارج القنوات القانونية.
وأوضح الخراطي، أن شراء اللحوم أو أحشائها من خارج المجازر المرخصة، خاصة إذا كانت ناتجة عن الذبح السري، يُعد مخاطرة كبيرة، إذ إن “الاحتمال وارد بقوة لانتقال أمراض حيوانية إلى الإنسان، ما يُشكل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة”.
وشدّد المتحدث على ضرورة أن يتحلى المواطن بروح المسؤولية والوعي الاستهلاكي، من خلال تفادي اقتناء لحوم مجهولة المصدر أو غير خاضعة للمراقبة، لاسيما في ظل الأوضاع الراهنة، التي تتطلب الحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية وضمان سلامة المواطنين.
وأضاف رئيس الجامعة أن نداء الملك محمد السادس بعدم إحياء شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام، وإن لم يُصغ كأمر مباشر، إلا أنه يحمل دلالة وطنية واضحة، تُحتّم على الجميع التعاطي معه كواجب تضامني يحفظ مصلحة البلاد، في سياق دقيق يتطلب ترشيد الموارد وتغليب المصلحة الجماعية.
وشدد الخراطي على أن أي ممارسات تجارية خارج الأطر المنظمة، سواء عبر البيع العشوائي أو الذبح غير القانوني، تُعد خطرًا حقيقيًا على الصحة والسلامة، داعيًا إلى مزيد من التحسيس والتوعية، والامتناع عن شراء اللحوم من مصادر مشبوهة، حماية للأفراد والمجتمع، واحترامًا للتوجيهات الملكية الرامية إلى المحافظة على الأمن الصحي والبيئي.