story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

من المسيرات إلى المدرعات.. المغرب يرسم ملامح صناعة دفاع وطنية

ص ص

من المسيرات التركية إلى المدرعات الهندية، شهدت السنوات الأخيرة تنوّعاً ملحوظاً في مصادر التسلح والتجهيزات العسكرية للمغرب، في توجه يعكس طموح البلاد في تعزيز سيادتها في هذا المجال، وترسيخ مكانتها كفاعل إقليمي صاعد.

ومع المشاريع الحديثة، مثل مصنع المركبات المدرعة الذي تم تدشينه قبل يومين بشراكة مع وزارة الدفاع الهندية، والطائرات المسيّرة بالتعاون مع شركات تركية، يبرز سعي المملكة إلى تحديث ترسانتها العسكرية وتعزيز جاهزية قواتها المسلحة.

ويترافق هذا التوجه العسكري مع توقيع اتفاقيات شراكة دولية وزيادة الاستثمار في مجالات الدفاع والتكنولوجيا، ما يمكّن المغرب من الاستفادة من خبرات متعددة وتقنيات متقدمة.

وفي قراءته لهذا التحول، يرى الخبير الأمني محمد الطيار أن المغرب يسعى بجدية لإرساء قاعدة صناعية عسكرية وطنية تقوم على الشراكة مع قوى صاعدة مثل الهند.

وأوضح الطيار، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الخطوة الأساسية في هذا الاتجاه هي الانتقال من شراء الأسلحة إلى التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا، “وهو ما عكسته اتفاقيات إحداث مصانع للمركبات المدرعة في برشيد، مع إمكانية توسيع التعاون ليشمل أنظمة أخرى”.

ويعكس هذا التوجه، في الوقت نفسه، يضيف الخبير، إرادة المغرب في تنويع الشركاء وعدم الارتهان لمورد واحد، وذلك مع الاستفادة من خبرة الهند في الصناعات الدفاعية منخفضة التكلفة وذات الجودة المقبولة.

وأشار الطيار إلى أن إقامة صناعة عسكرية محلية من شأنها منح المغرب قدرة أكبر على الاستقلالية في الصيانة والإمداد، وتقليص فاتورة التسلح، كما تفتح المجال لتصدير بعض المنتجات نحو إفريقيا باعتبارها سوقاً واعدة.

ويؤكد الخبير الأمني أن المغرب يراهن على بناء صناعة عسكرية تدريجية “تستجيب لمتطلباته الدفاعية وتدعم في الوقت نفسه استراتيجيته الاقتصادية والأمنية”، وذلك عبر خلق فرص عمل، وجذب استثمارات، وتعزيز مكانته كقوة إقليمية قادرة على الجمع بين الأمن والتنمية.

ودشن كل من المغرب والهند، يوم الثلاثاء 23 شتنبر 2025، مصنع “تاتا أدفنسد سيستمز المغرب” (TASM) للمدرعات القتالية بمدينة برشيد، وهو الأول من نوعه الذي يتم الإعلان عنه رسمياً في المملكة المغربية، بهدف تطوير صناعات عسكرية محلية.

وأوضح بلاغ لإدارة الدفاع الوطني أن المصنع، الذي جاء نتيجة اتفاقية استثمار موقعة في شتنبر 2024 بين إدارة الدفاع الوطني ووزارة الدفاع الهندية وشركة TATA Advanced Systems Limited، “يشكّل ثمرة شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز القدرة الصناعية للمغرب في قطاع الدفاع”.

وعند افتتاحه، سيتضمن المصنع 35 في المئة من المكونات المحلية، على أن يرتفع هذا المعدل تدريجياً إلى 50 في المئة، “بفضل استثمار مكثف في تدريب وتأهيل الموردين الوطنيين ودمجهم في سلسلة الإنتاج”.

وفي السياق ذاته، أعلنت شركة بايكار التركية الرائدة في صناعة الطائرات المسيّرة، في يناير 2025، عن تأسيس فرع لها بالمغرب تحت اسم “أطلس ديفنس” (Atlas Defense). كما شهدت البلاد محاولات لإطلاق مصنع إسرائيلي، لكن تنفيذ المشروع تعثر بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، بحسب صحيفة “لاراثون” (LA RAZÓN).

وتشير المنصات العسكرية الرقمية المتخصصة إلى أن المغرب وباكستان يتجهان نحو توقيع اتفاق للتعاون العسكري يشمل إنتاج أسلحة باكستانية داخل المملكة.

وبدأ التحول نحو صناعة دفاع وطنية منذ يوليوز 2020، عندما صادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس على القانون 10.20 المتعلق بالمواد والمعدات الخاصة بالدفاع والأمن، والأسلحة والذخيرة، والذي وضع الإطار القانوني لتطوير صناعة عسكرية محلية.

وفي أكتوبر من نفس السنة، وقع المغرب اتفاق شراكة عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية يمتد إلى غاية 2030، ينص على دعم واشنطن للاستثمارات الموجهة إلى إنشاء صناعة دفاعية في المملكة.

وفي خطابه الموجه إلى القوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى 69 لتأسيسها، في ماي 2025، قال الملك محمد السادس: “سنواصل دعم برامج تنفيذ الصناعات العسكرية باعتبارها أحد الأوراش الوطنية الكبرى التي تحظى بعنايتنا السامية. وفي هذا الصدد، حرصنا على توفير كل الشروط الملائمة لنجاح هذا الورش، وفق رؤية مستقبلية استشرافية تهدف إلى بلوغ السيادة الدفاعية”.