story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

من اتفاق “الحوثي” إلى عزل نتنياهو.. هل تتخلى واشنطن عن حليفها المدلل؟

ص ص

منذ إعلان دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق مع جماعة “أنصار الله” الحوثي في اليمن، توالت عدة قرارات أمريكية تتعلق بملفات حساسة في المنطقة، ما أثار قلقاً متصاعداً لدى إسرائيل، خاصة في ظل اتخاذ ترامب خطوات من دون تنسيق مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي انقطع التواصل معه أيضاً، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي.

ومن أبرز تلك القرارات، كان فصل المشروع النووي السعودي عن شرط التطبيع بين الرياض وتل أبيب، بالإضافة إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين واشنطن و”أنصار الله”، وهي خطوة اعتُبرت بمثابة ترك إسرائيل وحيدة في مواجهة صواريخ الحوثيين.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر قولها إن مقربين من ترامب يعتقدون أن نتنياهو يحاول التلاعب بالإدارة الأمريكية، بينما أفاد مسؤولون في واشنطن بأن حكومة نتنياهو لا تقدم أي خطط واضحة بخصوص غزة أو الحوثيين أو الملف النووي الإيراني.

في هذا السياق، يرى الخبير في العلاقات الدولية خالد الشيات، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو تعكس بوضوح الواقع السياسي، موضحاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “استنزف من الدعم والسياسات الأمريكية ما يكفي في حربه على غزة”، والتي أسفرت، حسب تعبيره، عن “مقتل أكثر من خمسين ألف شهيد في قطاع غزة دون تحقيق أي إنجاز ميداني يُذكر”، معتبراً أن نتنياهو “فاشل عسكرياً، وكلف الولايات المتحدة ثمناً باهظاً على الصعيدين المالي والاستراتيجي”.

ويشدد الشيات على أن الموقف الأمريكي “لا يُعد عداءً لإسرائيل ككيان”، بل إن ترامب يعارض النموذج الذي يسعى نتنياهو إلى ترسيخه، وهو نموذج إسرائيل المتطرفة دينياً وسياسياً. ويشير إلى أن “الصراع داخل إسرائيل كان واضحاً قبل 7 أكتوبر 2023، حيث برز التوتر بين الهوية اليهودية المتطرفة والهوية الصهيونية الحديثة”، مضيفاً أن حرب غزة ساهمت في تراجع التيار الأخير لصالح صعود اليمين المتطرف.

ويضيف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة أن ترامب يحاول موازنة الوضع الداخلي في إسرائيل، إدراكاً منه لأهمية طرح عقلاني تجاه الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

على الصعيد الإقليمي، يرى الشيات أن “تحقيق ما تريده إسرائيل اليوم مستحيل في ظل العداء والتباعد الاستراتيجي مع الدول العربية”، مضيفاً أن هذه الدول تعتبر حليفاً اقتصادياً وتجارياً أساسياً، ومنع انزياحها الكامل نحو الصين يخدم المصالح الأمريكية الاقتصادية والاستراتيجية.

ويؤكد أن “الارتهان المطلق لإسرائيل لا يخدم مصالح الولايات المتحدة، وهو ما يدركه ترامب”، ولذلك يحاول التقارب مع الطروحات العربية، بما في ذلك الموقف السعودي من البرنامج النووي، والتوازن الإقليمي مع إيران. ويرى أن وقف إيران لن يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، وقد يكون التسليم بوجود قوة نووية إقليمية أمراً واقعاً. وفي هذا السياق، تُطرح السعودية كقوة موازنة لإيران على المستويين المذهبي والجيوسياسي.

من الجانب الأيديولوجي، يرى الشيات أن عودة ترامب إلى المشهد السياسي في الولايات المتحدة “تحمل بعداً أيديولوجياً واضحاً، يعكس انقساماً داخلياً عميقاً”. ويضيف أن ترامب اليوم يمثّل تيار اليمين الهوياتي الأمريكي، الذي يستند إلى مرجعية مسيحية، “وهو تيار مؤدلج، لكن ليس وفق الأيديولوجيات التقليدية كما كان الحال في الحرب الباردة، بل وفق هويات دينية وثقافية”.

ويشير إلى أن من يتحكم في السياسة الأمريكية حالياً هو اليمين، رغم تعدد تياراته، موضحاً أن هذا اليمين يتخذ موقعاً في الجانب المسيحي المتشدد، الذي يستند إلى نبوءات دينية تُبرر وجود إسرائيل، بل ويرى نفسه مُتحكماً في اللوبي اليهودي، وليس العكس.

من جانبه، يرى الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني هشام توفيق، في حديثه مع صحيفة “صوت المغرب”، أن من دوافع القرارات الأمريكية الأخيرة “الرغبة في العودة إلى التركيز على صفقات المنطقة والخليج العربي دون التورط في مشوشات تستنزف واشنطن عسكرياً ودبلوماسياً ومالياً دون جدوى”.

ويؤكد توفيق أن القوة المتصاعدة للمقاومة قلبت الطاولة على الجميع، وأثرت على المنطقة سياسياً واقتصادياً، ما دفع واشنطن إلى إعادة حساباتها حتى وإن تعارض ذلك مع التصورات الإسرائيلية.

ويضيف أن هذه القرارات قد تكون محاولة لإنقاذ إسرائيل وجيشها من المستنقع الذي أغرقتها فيه المقاومة وجبهات الإسناد، وكذلك للحفاظ على القوة العسكرية والنفوذ السياسي الأمريكي في المنطقة، مشيراً إلى أن “السياسات المتطرفة لنتنياهو قد تجرّ واشنطن إلى حرب كبيرة”.

وخلص توفيق إلى أن هذا الاستنزاف يصب في مصلحة المقاومة في غزة وجبهات الإسناد، لأنه يعيد تشكيل خارطة جديدة في المنطقة، وربما يؤدي إلى فتح جبهات جديدة مثل سوريا، إضافة إلى احتمال اندلاع ثورات شعبية جديدة في العالم العربي.