مسؤول: مديرية الأمن أحدثت خلايا للأمن الرياضي تشتغل على قاعدة البيانات
في ظلّ استعداد الدولة المغربية لاحتضان تظاهرات رياضية دولية، وارتفاع حالات الشغب والتخريب التي ترافق عدداً من المباريات، كشف نائب والي الأمن، عبد الهادي الدكالي، عن المقاربات التي تشتغل بها المصالح الأمنية لإنجاح هذه المباريات، مُبرزا أن أنّه تم إحداث خلايا للأمن الرياضي تشتغل على قاعدة البيانات، وذلك بهدف متابعة تحركات من سبق لهم أن ارتكبوا أعمال شغب.
جاء ذلك في ندوةٍ وطنيةٍ نظمتها جمعية أستاذات وأساتذة مادة التربية البدنية والرياضية بمديرية بني ملال، يوم الأحد 16 نونبر الجاري، تحت عنوان “الحد من ظاهرة شغب الملاعب: رهانات وتحديات”.
وقال نائب والي الأمن، في مداخلةٍ له، إنّ مصالح المديرية العامة للأمن الوطني تعمل بوسائلها على تأمين المباريات وإنجاحها، وتفادي وقوع الانزلاقات، مبرزاً أنّه في حالة وقوع أحداث شغب، لا تكون “التوقيفات عشوائية”، وإنما بناء على أدلة تثبت تورط الموقوفين.
وأوضح المسؤول الأمني أن سيارات المديرية التي تُؤمِّن المباريات تكون مزودة بكاميرات تُسجّل وتُوثّق جميع الأفعال التي تقع خارج الملعب، بالإضافة إلى وجود رجال شرطة متخصصين يشرفون على الكاميرات داخل الملاعب أثناء المقابلات، “ويوثقون كل صغيرة وكبيرة عند حدوث أعمال شغب”.
وشدّد على أن العمل الأمني يتمّ تحت الإشراف القضائي من خلال النيابة العامة المختصّة، مضيفا أن توقيف أيّ شخص يستوجب التوفّر على أدلة تبين الفعل المنسوب إليه.
من الزجر إلى التحسيس..
وفي المداخلة ذاتها، لفت عبد الهادي الدكالي الانتباه إلى أنّ “مديرية الأمن” تجاوزت المقاربة الزجرية؛ أي التوقيف ثم الحراسة النظرية فالتقديم أمام القضاء، إلى مقاربةٍ تحسيسية، موضحاً أنّ هناك فرقاً أمنية تُقدّم حصصاً تحسيسية داخل الوسط المدرسي.
وأضاف الدكالي أنّ المديرية أحدثت أيضاً خلايا للأمن الرياضي تشتغل على قاعدة البيانات، مردفاً: “فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك شخصٌ ارتكب أعمال شغبٍ في مباراة الرجاء والوداد بالدار البيضاء، فإن هويته تُعرف وتُحدَّد، وحين ينتقل لمتابعة فريقه، مثلاً، في مدينة بني ملال، يتم إخبار الخلية الأمنية الرياضية هنا، فتضعه تحت المراقبة وتتبّع تحرّكاته”.
وفي هذا الصدد، أشار المتحدث إلى أنّ المصالح الأمنية الرياضية تعتمد تنسيقا وتواصلا على الصعيد الوطني، وتُولي التظاهرات الرياضية أهميةً قصوى، وتُوفر لها اللوجستيك والموظفين المؤهّلين الذين خضعوا لتداريب على المستويين الوطني والدولي.
واستحضر أنّ المديرية لديها موظفون شاركوا في تنظيم نهائيات كأس العالم في قطر، مشيراً إلى أنّه، في الوقت الراهن، تُعقد اجتماعات بين فرقٍ من أمن الدول المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا التي يحتضنها المغرب في دجنبر ويناير المقبلين.
وأضاف أن الأمنيين المغاربة يُشاركون بين الفينة والأخرى، عقب حصول المغرب على شرف تنظيم كأس العالم، في مقابلات دولية، سواء في أوروبا أو أمريكا أو البرازيل، قصد اكتساب المزيد من التجربة والجاهزية لتنظيم تظاهرات عالمية.
اندفاع القاصرين ورموز الإلتراس..
وفيما يتعلّق بالشغب الرياضي، أوضح عبد الهادي الدكالي أنّ “ولاية أمن بني ملال تسهر على تأمين وتنظيم مقابلات الفرق التي تنتمي إلى مدن: بني ملال، خريبكة، خنيفرة، أبي الجعد، وادي زم، الفقيه بن صالح وغيرها”.
وأضاف أنّه “مع الأسف، تشهد بعض المقابلات عدداً من الانزلاقات والانفلاتات التي تصل إلى إتلاف وتعييب وتخريب للمنشآت العمومية والخاصة، وتحاول القوات العمومية التعامل معها بحكمة ورزانة ورباطة جأش، لأن أغلبَ المتورّطين في هذه الأفعال هم أحداث”.
وأردف أنّ هؤلاء القاصرين “يكونون تحت تأثير الانفعال الشديد أو الاندفاع”، موضحا أنه “كما هو معروف في علم النفس الاجتماعي، فإن الشخص حين يكون منفرداً ليس هو نفسه حين يكون وسط الجماعة؛ فالمنفرد يكون سويا وسلوكاته محسوبة، ولكن حين ينصهر في مجموعة معينة يتغير سلوكه ويخرج عن السيطرة”.
وضمن المداخلة ذاتها، استحضر الدكالي نقطة تتعلق برموز الإلتراس، مثل “البَاشْ” و”ليشَابْ”، واللافتات، قائلاً: إن هذه الشعارات تحمل بُعداً رمزيا قويا في ثقافة الفصائل المشجعة للفرق الرياضية.
وأوضح الدكالي أن الاستيلاء على هذه الرموز من قِبل الفصيل المشجع للفريق الآخر يُولّد عداء بين المشجعين، مبرزاً أن القوات الأمنية تُحاول، ما أمكن، تنظيم السلاسة والحرية في الاحتفالات والحفاظ على ممتلكات كل فصيل، معتبرا أن هذه الثقافة لدى الإلتراس تشكل “مشكلة أمنية عويصة”.
أساليب إدخال الممنوعات إلى الملعب..
وفي سياق حديثه عن رموز واحتفالات المجشعين، أشار إلى أن القوات الأمنية تعمل على تنظيم المباريات بسلاسة بالتنسيق مع الفرق الرياضية فيما يتعلق بتفتيش تلك الأدوات والوسائل التشجيعية، “لكن هذا الأمر يطرح تحديا أمنيا”.
وأوضح أنّ بعض المشجعين يستعملون الطبول على سبيل المثال، لإدخال الغاز المسيل للدموع أو ما يعرف بـ “الكريموجين” وآلات حادة وغيرها من الممنوعات التي تُهدد الأمن داخل الملعب، مُشيرا إلى أنّ “بعض الأطر المنتمية لأجهزة الفرق قد يتورطون، أحيانا، في إدخال الممنوعات أيضا”.
وأبرز أن مباراة كرة القدم تُشكل “هاجسا وهمّاً حقيقياً” للمصالح الأمنية، لافتا إلى أن “الإنسان العادي يرى المباراة حدثا عاديا، لكن في الحقيقة ليست كذلك؛ فتدافع أو احتكاك بسيط قد يؤدي إلى خسائر مادية وخسائر في الأرواح”.
تدخلات أمنية وحقوق الإنسان..
ومن جانبه، أورد المسؤول عن خلية الأمن الرياضي بولاية بني ملال، سعيد سري، أن التدخلات التي يقومون بها تكون محكومة ب”احترام الضوابط الأمنية والقانونية والحقوقية، وبتوجيهات المديرية العامة للأمن الوطني، وتحت إشراف والي أمن مدينة بني ملال”.
وأشار سري في مداخلة تقنية له في الندوة، إلى أن ظاهرة الشغب الرياضي “يصعب منعها بشكل كلي”، فهي ظاهرة عالمية.
وذكر المسؤول أن المصالح الأمنية تسعى في عملها إلى تحقيق هدفين أساسيين؛ الأول هو تفادي، ما أمكن، تسجيل أي خسائر مادية، وثانيا هو تفادي الخسائر البشرية.
*المحفوظ طالبي