“تضييق على الحريات”.. أكثر من 20 جمعية تستعد للتظاهر أمام البرلمان ضد “الحرمان من الوصل”
تستعد أزيد من 20 جمعية حقوقية ومهنية، للاحتجاج الخميس المقبل، 14 نونبر 2024، أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، ضد ما وصفته بانتهاك حرية التنظيم والتجمع.
وقالت الجمعيات المنضوية تحت لواء الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان، إنها ستحيي اليوم الوطني للحريات العامة، بالاحتجاج، في سياق قالت إنه مطبوع بانتهاك الحقوق والحريات، والتي تشمل حرية الرأي والتعبير، وحرية التظاهر والاحتجاج السلمي، وما وصفته بالتضييق الممنهج قالت إن العديد من الجمعيات تعاني منه.
وأوضح الائتلاف، أن العديد من الهيئات الحقوقية والجمعوية والنقابية والسياسية، تعاني من التضييق، في علاقتها مع المصالح التابعة لوزارة الداخلية، على مستوى الولايات والعمالات والباشويات والقيادات، وذلك باستمرار العديد من تلك المصالح في الامتناع عن تمكين عدد من الهيئات من وصولات إيداع ملفات التأسيس أو التجديد، سواء المؤقتة أو النهائية.
واعتبر الائتلاف أن الحرمان من الوصل المؤقت أو النهائي، يعد خرقا صريحا لمقتضيات القانون المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات، خاصة منه الفصل الخامس الذي ينص على “تسليم السلطة الإدارية المحلية وصلا مؤقتا مختوما ومؤرخا في الحال”، وتجاوزا للضمانات الدستورية المتعلقة بحرية التنظيم والتجمع المنصوص عليها في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، وبالتزامات المغرب المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمصادق عليه من طرف المغرب.
ويقول الائتلاف إن هذا التعامل غير القانوني ، الذي يتكرر في عدة أنحاء من المغرب، يضع الهيآت المعنية في وضعية قانونية صعبة، كما يعرقل ممارسة أعمالها وأنشطتها، التي تكفلها القوانين الوطنية والدولية. ويصادر في الآن نفسه، الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التنظيم وغيرهما من الحقوق الأساسية.
حكم قضائي
الخلاف بين السلطة والجمعيات يتجدد، ووصل مرارا إلى أبواب القضاء، وآخر حكم فيه صدر من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش مارس الماضي، والقاضي بتأييد الحكم الابتدائي، وإلغاء القرار الإداري الصادر عن السلطات المحلية بمراكش، برفضها تسلم ملف تجديد مكتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، إنها جددت مكتبها خلال شهر مارس 2023، ورفض قائد الملحقة الإدارية الحي الشتوي بمنطقة كليز تسلم وثائقه، ما دفعها للتوجه نحو القضاء.
واعتبرت الجمعية، القرار اللاستئنافي الصادر عن المحكمة الإدارية بمراكش، انتصارا لقاعدة ومبدأ الحرية في تأسيس الجمعيات كما هو منصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وينسجم وروح ظهير الحريات العامة الصادر في نونبر 1958 في شقه المتعلق بتأسيس الجمعيات.
77 فرعا بدون وصل قانوني
وعلى الرغم من أن الحكم انتصر لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في وجه السلطة، إلا أنه ليس الأول من نوعه، وأحكام من قبله لم تضع حدا لممارسات السلطة في وجه الجمعيات.
وفي السياق ذاته، سبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن نظمت قبل أشهر احتجاجات أمام البرلمان ضد التضييق الذي تقول إن فروعها تتعرض له، حيث أن 77 فرعا للجمعية بدون وصل قانوني من أصل 92 فرعا للجمعية في مختلف المدن المغربية.
الحكم القضائي الصادر مؤخرا لصالح الجمعية، ينضاف إلى 40 حكما قضائيا صدر من قبل لصالح فروعها في مواجهة السلطة، غير أن الجمعية تقول إن السلطات لا تستجيب على الرغم من أحكام القضاء.
انتقادات دولية
قضية منع الجمعيات الحقوقية من الوصولات القانونية أو رفض تسلم ملفات فروعها كانت قد شكلت محط اهتمام عدد من التقارير الدولية سواء الحكومية أو الحقوقية، ومنها تقرير سابق للخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان، كان قد أثار قضية منع السلطات في المغرب الجمعيات من تسلم الوصل النهائي للتأسيس، وقالت إن عدة منظمات غير حكومية اشتكت من أن الحكومة استخدمت التأخيرات الإدارية وأساليب أخرى لمنع التجمعات السلمية غير المرغوب فيها.
وفي السياق ذاته، تطرق تقرير لمنظمة العفو الدولية “أمنيستي” لقضية الجمعيات التي تعاني مع الوصول النهائية، وأورد التقرير مثال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والتي تقول إن السلطات منعتها من وصولاتها النهائية على مدى السنوات الست الأخيرة.
ووجهت “أمنيستي” اتهامات للسلطات المغربية باستغلال ثغرة قانونية لمنع عشرات الجمعيات من ممارسة عملها بشكل قانوني.
مفارقة بين الحكومة السابقة والحالية
خلال الحكومة السابقة، أقر مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان آنذاك بالإشكالات التي تعانيها الجمعيات في الحصول على وصل قانوني، وتحدث عن نقاط التوتر والخلاف التي تطبع علاقته بوزير الداخلية عبد الوافي الفتيت، وعلى رأسها موضوع وصولات تأسيس بعض الجمعيات، خصوصا بعدما أثارته عدد من التقارير الدولية، وانتقدت المغرب بشدة بسببه.
أما في الحكومة الحالية، فقال الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني مصطفى بايتاس في جواب على سؤال برلماني حول الحرمان من حق تأسيس الجمعيات، إن “التطور الكمي والنوعي الذي يشهده النسيج الجمعوي ببلادنا وصل إلى ما يقارب 243 ألف جمعية”، مضيفا أنه “بخصوص إجراءات التأسيس، الفصل 5 من الظهير الشريف يحدد الوثائق بشكل دقيق، ووزارة الداخلية وجهت دوريات للولاة والعمال للتقيد بالقانون” دون إشارة إلى ما تتعرض له الجمعيات من تضييق.
وأثارت تصريحات لمصطفى بايتاس غضب الجمعيات، منتقدة اعتماده على معطيات أعدتها وزارة الداخلية، في جوابه أمام البرلمان عن سؤال متعلق بالوصولات المؤقتة والنهائية لتأسيس وتجديد مكاتب الجمعيات.
دينامية إعلان الرباط التي تضم عددا من الجمعيات، اعتبرت أن تصريحات الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان مصطفى بايتاس حملت إنكارا لخرق السلطات الإدارية للقانون بامتناعها عن تسلم ملفات تأسيس الجمعيات أو تجديد مكاتبها.