story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

تحذيرات من عمليات الاحتيال في ظل توافد المستثمرين على سوق البورصة المغربية

ص ص

في سياق توافد العديد من المستثمرين الجدد على سوق البورصة المغربية، أوصت الهيئة المغربية لسوق الرساميل بـ”توخي الحيطة والحذر والتزود بالمعلومات قبل القيام بأي استثمار”، داعية إلى تقوية اليقظة.

وحذرت الهيئة في بلاغ لها، العموم والمستثمرين من “الممارسة غير المرخصة لنشاط الإرشاد في الاستثمار المالي ومن تزايد انتشار منصات التداول الاحتيالية”.

وأضافت أن “هذه الممارسات، التي سهّلتها وسائل التواصل الاجتماعي، تُعرّض المستثمرين إلى مخاطر، كما يمكنها المساس بنزاهة السوق”، مشددة على أن الأمر يقع “تحت طائلة القانون العام حصريا، خاصة بالنسبة لمنصات تداول رقمية غير خاضعة لمراقبتها”.

وسجلت الهيئة “ازدياد توصيات بشراء أسهم أو بيعها عبر شبكة الإنترنيت أو في مجموعات خاصة للمراسلة الفورية”، معتبرة أنها “قد تشكل، وإن كانت تبدو في ظاهرها حسنة النية، ممارسة غير مرخصة لنشاط الإرشاد في الاستثمار المالي، الخاضع للقانون رقم 19.14 (المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي)، الذي ينص على الحصول على ترخيص مسبق عن طريق التسجيل لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل”.

وأكد المصدر أن “هذا التسجيل أساسي لأنه مصحوب بنصوص قانونية وتنظيمية صارمة تهدف إلى ضمان حماية المستثمرين، كما يستند إلى عدد من الضمانات، من ضمنها نزاهة المرشد وكفاءته المهنية والوقاية من تضارب المصالح”.

ونبهت الهيئة إلى “خطر أن تُخفي هذه التوصيات في باطنها نوايا تلاعبية، من بينها تقنية الضخ والتفريغ ( pump and dump)، والتي تعتمد على تحفيز العموم على شراء سند ما قبل أن يقوم مُقدّم التوصية بالبيع بتفويتها من أجل تحقيق ربح”.

كما لفتت إلى “انتشار منصات تداول قد تكون احتيالية، إذ تبدو بمظهر احترافي وتَعِدُ بتحقيق أرباح سريعة ومرتفعة، كما يمكن أن ينتحل المشرفون عليها، في بعض الحالات، صفة مهنيي السوق بهدف كسب ثقة المستثمرين”.

وفي شرحه للموضوع، أوضح الخبير في الأمن السيبراني الطيب الهزاز أن تصاعد عمليات الاحتيال في سوق البورصة المغربية يرتبط بشكل وثيق بتطور نماذج التهديد السيبراني، حيث انتقل المحتالون من الأساليب البدائية إلى منظومات رقمية شبه احترافية تستهدف المستثمرين الجدد بدقة عالية، مما يجعل الفضاء الرقمي بيئة خصبة لنمو تهديدات مالية متطورة تستغل التكنولوجيا الحديثة.

وأشار الهزاز إلى أن شبكات الاحتيال هذه تعتمد بشكل أساسي على الهندسة الاجتماعية المتقدمة لبناء سيناريوهات إقناع طويلة المدى، تبدأ بجذب الضحية عبر محتوى تحليلي زائف قبل إدخاله تدريجياً في مسار استثماري وهمي، وهي تقنية تستغل الجوانب النفسية للمستثمرين الباحثين عن الربح السريع في السوق المالية الوطنية دون وعي بالمخاطر.

وفي سياق الأساليب التقنية، بيّن المتحدث أن المحتالين يلجؤون إلى انتحال الهوية الرقمية عبر استنساخ مواقع إلكترونية لشركات الوساطة أو صفحات لمحللين معروفين، مستخدمين نطاقات شبيهة وشهادات أمان سطحية لإضفاء مصداقية مزيفة، مما يجعل من الصعب على المستثمر العادي التمييز بين المنصات القانونية وتلك التي تهدف لسرقة أمواله.

كما أبرز الخبير خطورة التلاعب بالمعلومة المالية كأحد أبرز نواقل الهجوم، حيث يتم نشر توصيات منسقة في توقيت متزامن عبر عدة منصات لخلق ضجيج رقمي مصطنع حول أسهم مدرجة في بورصة المغرب، وهو ما يهدف إلى توجيه سلوك المستثمرين وتضليلهم بناءً على معطيات مغلوطة تخدم أجندة الشبكات الاحتيالية.

ولفت المصدر ذاته إلى أن هذه العمليات لا تتم بشكل عشوائي، بل تعتمد على بنى تحتية احتيالية عابرة للحدود، تستخدم خوادم خارجية ومحافظ رقمية وسيطة وأنظمة دفع معقدة لتفادي التتبع المالي والقضائي، مما يضفي على هذا النوع من الجرائم طابعاً دولياً يعقد عمليات الملاحقة ويزيد من صعوبة استرجاع الأموال المنهوبة.

وشدد الهزاز على أن المخاطر المترتبة على هذه الممارسات لا تقتصر على الخسارة المالية للأفراد فحسب، بل تمتد لتشمل اختراق المعطيات الحساسة للمستثمرين والتأثير المباشر على سلامة السوق، من خلال تشويه آليات العرض والطلب عبر تلاعب معلوماتي منسق، مما يحول الفضاء الرقمي إلى منصة تهديد للثقة في المنظومة المالية الوطنية.

وأضاف أن تقنيات الاحتيال تشمل نماذج “الضخ والتفريغ” التي تستهدف غالباً أسهماً ذات سيولة محدودة في البورصة المغربية، حيث يتم تحفيز العموم على الشراء لرفع السعر بشكل مصطنع قبل أن يقوم المحتالون ببيع حصصهم، وهي ممارسة تعتمد أساساً على التضليل الرقمي واستغلال نقص الخبرة لدى المستثمرين الجدد.

ومن أجل مواجهة هذه التحديات، دعا الخبير في الأمن السيبراني إلى اعتماد مقاربة دفاعية متعددة الطبقات ترتكز على الرصد السيبراني الاستباقي لتحليل المحتوى الرقمي وتتبع الحملات المنسقة، بالإضافة إلى التحليل السلوكي للخوارزميات والمنصات لاكتشاف الأنماط غير الطبيعية في الترويج للأسهم أو في تدفقات التداول المشبوهة داخل السوق.

كما أكد الخبير على ضرورة تحقيق التكامل بين الأمن السيبراني والتنظيم المالي عبر قنوات تبادل معلومات آنية بين الهيئة المغربية لسوق الرساميل والهيئات الأمنية، معتبراً أن بناء وعي سيبراني للمستثمر هو خط الدفاع الأول لتمكينه من التحقق من المصادر وكشف مؤشرات الاحتيال التقنية قبل الوقوع في فخ المحتالين.

وفي غضون ذلك، شدد الطيب الهزاز على أن الاحتيال المرتبط بالسوق لم يعد نشاطاً فردياً معزولاً، بل أصبح تهديداً سيبرانياً منظماً يستهدف الأمن الاقتصادي، مما يفرض الانتقال من منطق رد الفعل إلى منطق الاستباق والتحليل الاستخباراتي لضمان حماية المستثمر وصون نزاهة واستدامة الثقة في بورصة المغرب على المدى المتوسط والبعيد.