النيابة العامة تنظر في شكاية حول شحنة مشبوهة عبر ميناء طنجة موجهة لإسرائيل

وضعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 19 شتنبر 2025، شكاية لدى رئاسة النيابة العامة، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل حول “شبهة استعمال الموانئ المغربية في نقل العتاد العسكري الذي يُستخدم في العدوان المتواصل على قطاع غزة”.
وقالت المحامية سعاد براهمة، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. “إن الشكاية تتعلق بالاشتباه في دخول سفن ورسوها في الموانئ المغربية ما بين 15 و27 شتنبر الجاري”.
وأضافت براهمة، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن هذه السفن يُشتبه في نقلها قطع غيار تستعمل في أسلحة توظفها إسرائيل في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وأكدت الحقوقية أن المسؤولية تقع اليوم على عاتق الدولة المغربية، من خلال مؤسساتها وعلى رأسها رئاسة النيابة العامة، مطالبة بفتح تحقيق جدي في الموضوع، ومنع رسو هذه السفن إذا ثبت أنها تنقل مثل هذه الشحنات.
من جانبها، أوضحت السعدية الولوس، عضو السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أنه تم إيداع الشكاية مرفوقة بالأدلة والوثائق اللازمة.
وشددت الولوس على ضرورة أن تأخذ رئاسة النيابة العامة هذه الشكاية على محمل الجد، وألا تمرّ مرور الكرام.
وأعربت عن أملها في أن يتم التعامل مع الملف بالصرامة المطلوبة، “لأنه لا يمكن للمغرب أن يتورط في مثل هذه العمليات”، مشيرة إلى أن الوضع الحالي خطير “خاصة في ظل ما نشهده اليوم في غزة، وما تعرفه عدة دول من مراجعات في علاقاتها مع إسرائيل”.
وطالبت الناشطة الحقوقية باتخاذ موقف يبعد المغرب عن هذا المسار التطبيعي، خصوصًا بعد واقعة السفن التي تمر عبر ميناءي طنجة والدار البيضاء.
وأضافت: “نحن نتابع القضية مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وسنواصل الخطوات القانونية إلى النهاية”.
أما إسماعيل الغزاوي، الناشط في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “بي دي اس” (BDS)، فاعتبر وضع الشكاية لدى رئاسة النيابة العامة بالمغرب ضد تورط شركة ميرسك في نقل شحنات عسكرية موجهة إلى إسرائيل عبر طنجة “حدثًا تاريخيًا”.

وقال الغزاوي، في حديث مع “صوت المغرب”، إن هذه المرة هي الأولى التي تُودَع فيها شكاية تطالب بالتحقيق في “جريمة السماح برسو سفن محمّلة بعتاد عسكري موجّه نحو الاحتلال”.
وأشار إلى أن “تورط الموانئ المغربية في هذه العمليات بدأ منذ نونبر 2024″، بعدما رفضت السلطات الإسبانية رسوّ بعض السفن التابعة لشركة ميرسك الدنماركية في موانئها.
وأوضح أن الرفض الإسباني جاء بعد الاطلاع على تقارير مفصلة وموثقة، “لتتوجه هذه السفن لاحقًا إلى الموانئ المغربية، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط ثم ميناء الدار البيضاء”.
ولفت إلى أن الشعب المغربي نظم عدة مسيرات ووقفات منددة برسو هذه السفن، التي تحمل أسماء معروفة، من بينها آخر سفينتين، “ميرسك شيكاغو” و”ميرسك نيستد”.
وأضاف أن شركة ميرسك استبدلت سفينة “نيستد ميرسك” بسفينة أخرى تدعى “ميرسك نورفولك”، وذلك بعد رفع شكاية في إسبانيا ضد السفينة الأولى التي كان يُنتظر وصولها إلى المغرب، “خوفًا من احتجازها في الموانئ الإسبانية”.
ومن المتوقع أن ترسو سفينة “ميرسك نورفولك” في ميناء طنجة ابتداءً من 30 شتنبر الجاري.
ويرى الغزاوي أن تقديم هذه الشكاية يمثل “حدثًا تاريخيًا” يعكس “نبض المجتمع المدني المغربي ورفضه التورط في جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني”.
وطالب السلطات المغربية بالقيام بواجبها، ورفض رسوّ السفن التي تحمل عتادًا عسكريًا، مضيفًا: “أما إذا سُمح لها بالرسو، فلابد من تفتيش الحمولة بدقة للتأكد من خلوها من أي معدات عسكرية أو مواد مزدوجة الاستعمال قد تُستخدم في ارتكاب جرائم ضد المدنيين”.
ويذكر أن عملاق الشحن العالمي “ميرسك لاين” (MAERSK LINE) كشف، يوم الأربعاء المنصرم، عن تغيير السفينة التي كان من المرتقب وصولها إلى ميناء طنجة المتوسط لشحن حمولة موجّهة إلى إسرائيل، وذلك عقب دعوى قضائية رُفعت ضدها في إسبانيا.
وتقدّم نشطاء إسبان بدعوى قضائية لدى المحكمة المركزية للتحقيق، تفيد بأن السفينة “نيستد ميرسك” تشارك في عملية جديدة لنقل شحنات موجهة إلى ميناء حيفا المحتلة.
وطالبت الدعوى، على وجه الاستعجال، باحتجاز السفينة وتفتيشها بعد أن توقفت يوم الخميس 18 شتنبر 2025 في ميناء فالنسيا، على أن تواصل رحلتها نحو ميناء برشلونة يوم 20 شتنبر، ثم إلى ميناء الجزيرة الخضراء يوم 26 من الشهر نفسه، قبل أن تصل إلى ميناء الدار البيضاء، ومنه إلى ميناء طنجة المتوسط.
أما السفينة التي تقرر إرسالها بدلًا عنها إلى ميناء طنجة، بعد تسلّم القضاء الإسباني للدعوى، فهي “ميرسك نورفولك”، والمتوقَّع وصولها إلى المغرب يوم 30 شتنبر 2025، وفق الموقع الرسمي للشركة الدنماركية.
وستكمل هذه السفينة مهمة نقل الشحنة التي أفرغتها “ميرسك شيكاغو” القادمة من الولايات المتحدة في الميناء ذاته.
ومن المنتظر أن تُنقل هذه الشحنة لاحقًا إلى ميناء حيفا لتسلمها إلى شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية.
وفي تصريح خصت به صحيفة “صوت المغرب”، أكدت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل “بي دي اس” (BDS) أنه “تم، مساء الإثنين 15 شتنبر، إنزال حاوية تحمل صناديق متخصصة في نقل أجزاء من أجنحة مقاتلات F-35 (رقم GCXU1001581) من على متن سفينة ‘ميرسك شيكاغو’ في ميناء طنجة المتوسط”.
وأضافت الحركة أن مهمة نقل هذه الحاوية إلى ميناء حيفا كانت مكلَّفة بها سفينة “نيستد ميرسك”، قبل استبدالها يوم الأربعاء 17 شتنبر الجاري حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، وهو ما تحققّت منه صحيفة “صوت المغرب”.
كما أشارت إلى أن سفينة “ميرسك نورفولك” سبق أن شحنت أكثر من عشر حاويات بمعدات عسكرية “موجَّهة من الجيش الأمريكي نحو الاحتلال”، وأوصلتها إلى ميناء حيفا يوم 16 غشت 2025، وستنضاف إليها الحمولة الجديدة من طنجة في أكتوبر القادم.
وطالبت حركة المقاطعة، السلطات المغربية بعدم السماح لهذه السفن بالرسو، وإجراء تفتيش عاجل للحمولة التي أنزلتها “ميرسك شيكاغو” في ميناء طنجة المتوسط، والتي ستتولى “ميرسك نورفولك” نقلها لاحقًا إلى حيفا.