story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

المادتان 3 و7 تضعان “قانون المسطرة الجنائية” تحت مجهر الحقوقيين

ص ص

لازال مشروع قانون المسطرة الجنائية يثير الكثير من الانتقادات، بسبب ما تضمنه من مقتضيات، يقول سياسيون وحقوقيون وفاعلون مدنيون إنها تمس باستقلالية القضاء، و”تستهدف دور المجتمع المدني في التصدي لمظاهر الإفلات من العقاب المرتبطة بالجرائم المالية ونهب المال العام والإثراء” من خلال المادتين 3 و 7.

وفي هذا الصدد، انتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي ما وصفه بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، لافتا إلى أن هناك “من كان يتحين الفرص للإلتفاف على كل هذه المكتسبات الحقوقية والقانونية والدستورية”، التي راكمها المغرب في مجال محاربة الفساد ونهب المال العام، عبر “وضع المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية”.

وتنص المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية على منع جمعيات المجتمع المدني من تقديم شكايات في قضايا المال العام والفساد المالي.

ووفقا للمادة المذكورة، “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.

في حين تشـترط المـادة 7 مـن مشروع القانون، على ضوء التعديل المقترح، على الجمعيـات التي ترغب في الانتصاب كطرف مدني في القضايـا الزجريـة أن تكون حاصلة على صفة المنفعة العامة، وأن تكون قـد تأسست بصفة قانونية منذ 4 سنوات على الأقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي، وأن تحصل على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي.

وقال الغلوسي، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع “فايسبوك”، السبت 07 يونيو 2025، إن وزير العدل قبل سنة 2004، كان هو من يصدر الإذن لمحكمة العدل الخاصة (تم حذفها سنة 2004)، لتحريك المتابعات القضائية ضد المسؤولين المتورطين في جرائم الفساد المالي، وهو جزء من السلطة التنفيذية التي تتبع لها محكمة العدل الخاصة.

وأضاف المتحدث أن هذه المهمة، وبحكم مشروع قانون المسطرة الجنائية، باتت تقوم بها المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للداخلية، وهما جهازين تابعين للسلطة التنفيذية، “واللتان ستحيلان التقارير مشفوعة بطلب إجراء الأبحاث على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، علما أنه جهاز قضائي مستقل، ليباشر تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية ضد المشتبه تورطهم في جرائم المال العام”، وذلك حسب مقتضيات المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.

واسترسل الفاعل الحقوقي فب التذكير بأهم المحطات التي قطعها المغرب، منذ فجر الاستقلال، في محاربة الرشوة والفساد ونهب المال العام ، من خلال التشريعات الوطنية والمصادقة على عدد من الاتفاقات الدولية.

وأوضح المحامي بهيئة مراكش، أنه في سنة 1962 تم وضع مجموعة القانون الجنائي التي تتضمن جرائم تبديد واختلاس أموال عمومية، الغدر، الرشوة، استغلال النفوذ …

وفي مارس 1965 تم إنشاء “محكمة العدل الخاصة” التي ستتولى النظر في الجرائم المنسوبة للمسؤولين المتورطين في الجرائم السالفة الذكر، “محكمة تحال عليها القضايا وجوبا بإذن كتابي صادر عن وزير العدل حتى يتأتى إجراء الأبحاث والمتابعات والمحاكمات.

وتابع المصدر، أنه كما هو معلوم فإن سنة 1965 شهد المغرب مظاهرات واحتجاجات حاشدة كرد طبيعي على نهج وسياسة الفساد والغلاء والقمع والتفاوت الاجتماعي وسياسة التعليم الطبقية، “احتجاجات تمت مواجهتها بالقمع الشرس والاعتقالات والمحاكمات الصورية”.

وخلال يونيو من سنة 2004 تمت المصادقة على القانون رقم 03-79 الذي يتعلق بتغيير وتميم القانون الجنائي وحذف محكمة العدل الخاصة التي أنشئت سنة 1965.

وأوضح أنه، تم حذف هذه المحكمة بعدما وجهت لها انتقادات كثيرة من طرف الحقوقيين والقانونيين والتي تتركز في مجملها على كون هذه المحكمة هي محكمة استثنائية فضلا عن تبعيتها للسلطة التنفيذية (الحكومة من خلال وزير العدل الذي يوجه إذنا كتابيا للمحكمة لتحريك المتابعة القضائية).

وذكر أنه بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة أحيلت كل القضايا التي لازالت رائجة على محاكم الإستئناف العادية لتواصل النظر فيها.

وأشار الغلوسي إلى أنه خلال سنة 2011 وبالتزامن مع احتجاجات حركة 20 فبراير التي رفعت شعار “إسقاط الفساد والاستبداد”، حيث رفع المحتجون شعارات تنادي بمحاربة الفساد ومحاكمة لصوص المال العام والمفسدين واسترجاع الأموال المنهوبة، وهي الإحتجاجات التي توجت بإصدار دستور جديد يوليوز 2011 والذي تجاوب مع العديد من مطالب الشارع والاحتجاجات الشعبية”.

ولفت إلى أن هذه الإحتجاجات جعلت العديد من الذين يتولون التسيير اليوم ومعهم بعض الدوائر الخائفة من الإصلاح والتغيير، “يختفون عن الأنظار ويراقبون الأحداث من بعيد يتحينون الفرصة الملائمة للالتفاف على تطلعات وانتظارات المجتمع في الحرية والكرامة ومحاربة الفساد ونهب المال العام والإثراء غير المشروع”.

وأكد المتحدث أن من ثمار حراك 20 فبراير، كان إصدار مرسوم 14 نونبر 2011 الذي أحدث أقسام جرائم المال العام لدى محاكم الإستئناف بكل من (الرباط ،الدار البيضاء ،فاس ،مراكش )، وهي المحاكم التي ستنظر في الجرائم (الجنايات) المنصوص عليها في الفصول من 241 إلى 256 من القانون الجنائي.

وفضلا عن ذلك، أقدمت بلادنا، يقول الحقوقي، على وضع قانون رقم 10-37 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية والمتعلق بحماية الشهود والضحايا والخبراء والمبلغين وذلك عن جرائم تبديد واختلاس أموال عمومية، الرشوة، الغدر، استغلال النفوذ، الاتجار في البشر.

وذكر رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام أن ذلك حدث، بعدما صادقت بلادنا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة 2007 وتم نشرها بالجريدة الرسمية خلال سنة 2008.

وخلص الفاعل الحقوقي إلى طرح السؤال حول من له المصلحة “في خرق الدستور واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وضرب المكتسبات الحقوقية والمؤسساتية والعودة بنا إلى الوراء؟”، متسائلا في ذات السياق: “فهل ستسمح الدولة بهذا العبث؟”