آلاف المغاربة يجوبون شوارع البيضاء تضامنا مع الفلسطينيين ورفضا لتجويعهم

تظاهر آلاف المغاربة، مساء السبت 23 غشت 2025، في مسيرة شعبية حاشدة جابت شوارع الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، تضامنا مع الفلسطينيين بقطاع غزة، ورفضا لسياسة التجويع التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين بالقطاع، مطالبين في نفس الوقت بوقف الحرب الإجرامية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة المدمر منذ أكتوبر 2023.
وتوشح المشاركون بالكوفيات وحملوا الأعلام الفلسطينية ورفعوا صورا لصحافيين اغتالتهم الآلة الحربية الإسرائيلية، وأخرى تُظهر بشاعة سياسة التجويع الإسرائيلية الممنهجة، تبدو من خلالها أجساد أطفال فلسطينيين وقد تحولت إلى هياكل عظمية جراء المجاعة القاسية.
وردد المتظاهرون، في هذه المسيرة التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، شعارات مطالبة بوقف سياسة التجويع الإسرائيلية وإنهاء الحرب بقطاع غزة، وأخرى داعمة للمقاومة الفلسطينية ومطالبة بإسقاط كافة أشكال التطبيع بين الرباط وتل أبيب.
وفي هذا السياق قال، الحسن السني عضو الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والكاتب العام للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، “إن تنظيم هذه المسيرة يأتي بعد سنتين على بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي ارتفعت وتيرتها في الأيام الأخيرة بشتى أنواع الممارسات الإجرامية، من قصف وحصار وتجويع وتهجير”.
وأضاف الحسن السني في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أنه في الأيام الأخيرة بتنا نشاهد على الهواء مباشرة عدوانا متواصلا، حصارا مميتا ومنعا للماء والطعام والدواء على مرأى ومسمع من الجميع”.
وتابع “أننا اليوم جئنا لنقول إن هذا الإجرام الذي تزداد خطورته يوما بعد يوما ضد إخواننا في غزة لم يعد مقبولا بالبتة، في ظل صمت عربي وإسلامي مخجل، وتواطوء دولي مقرف اتجاه شعب أعزل ومحاصر منذ أكثر من 18 سنة”.
ومن جانب آخر، وجه المتحدث تحية عالية للمقاومة الفلسطينية “على صمودها الأسطوري منذ قرابة سنتين في مواجهة الآلة الحربية الإسرائيلية المدعومة بكافة الوسائل من الغرب المشارك في هذه الإبادة الجماعية للفلسطينيين فوق أرضهم”.
وقال السني، “شكرا غزة لأنك من جهة بعثت فينا الأمل، وأصبحنا نومن بأن الإنسان قادر على تحقيق المعجزات رغم الحصار ورغم تكالب القوى العالمية ضد المقاومة الفلسطينية الأبية، ومن جهة أخرى لأنك فضحت الأنظمة العربية المتخاذلة اتجاه نصرة إخواننا في غزة”.
وفي هذا السياق، طالب الكاتب العام للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، السلطات المغربية بإنهاء علاقات التطبيع مع إسرائيل، “والكف عن اعتقال ومتابعة المناهضين لسياسة التطبيع التي باتت تخدش صورتنا وصورة المغرب أمام أحرار العالم”.
ومن جانبها جددت السعدية الولوس، عضو الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، مطالبتها للمغرب بوقف علاقاته التطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرة أن الاستمرار في هذا المسار يعد “خيانة” للقضية الفلسطينية وللمغاربة الذين ضحوا وساندوا ودافعوا عن هذه القضية منذ عقود من الزمن.
واستنكرت الولوس استمرار المغرب في تطبيع علاقاته مع إسرائيل، “بالرغم من أن العالم كله بات يشهد ويندد ويستنكر الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين بقطاع غزة المدمر”.
وطالبت المتحدثة أيضا بمنع “مرور السفن المحملة بالأسلحة الأمريكية المتوجهة نحو إسرائيل، عبر الموانئ المغربية، والتي تستعملها في إبادة إخواننا في غزة”، مشددة على استمرار المغاربة في التظاهر والاحتجاج حتى وقف الحرب الإسرائيلية بغزة وإسقاط التطبيع بالمغرب.
وعلى هامش هذه المسيرة، قال عبد الصمد قرموش، أحد المشاركين، “إن هذه التظاهرة ما هي إلا تعبير تضامني مع الشعب الفلسطيني خاصة بقطاع غزة”، مستنكرا الحرب الهمجية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني منذ قرابة سنتين أمام مرآى ومسمع من العالم بأسره.
وتمنى قرموش النصر للمقاومة الفلسطينية وشعبها الأبي “الذي لم يجد من الأنظمة العربية والإسلامية سوى الصمت والخذلان”، مطالبا المنتظم الدولي بالتحرك لإدخال الطعام والدواء، وإنهاء حرب الإبادة الجماعية بالقطاع المحاصر منذ قرابة العقدين من الزمن.
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة المدمر، يوم السبت 23 غشت 2025، ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين جراء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو 23 شهرا، إلى “62 ألفا و622 شهيدا، و157 ألفا و673 مصابا”.
وبعد قرابة سنتين من الحرب، أعلنت الأمم المتحدة، أخيرا، وبشكل رسمي المجاعة في غزة، وهو أول إعلان من نوعه في الشرق الأوسط، وقال خبراؤها إن 500 ألف شخص يواجهون جوعا “كارثيا”.
وبعد أشهر من التحذيرات بشأن الوضع الإنساني واستشراء الجوع في القطاع الفلسطيني، أكد التصنيف المرحلي للأمن الغذائي ومقره في روما أن محافظة غزة – مدينة غزة – التي تغطي نحو 20% من قطاع غزة، تشهد مجاعة.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للأمم المتحدة أونطونيو غوتيريش إن المجاعة في غزة لا يمكن أن تستمر “دون عقاب”، لافتا إلى أن هذه الكارثة الإنسانية في غزة “تلحق العار” بالعالم.
ومن جهته، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إن المجاعة في غزة ينبغي أن “تؤرقنا جميعا”، وكان من الممكن تفاديها بالكامل لو لم تمنع الأمم المتحدة “بشكل ممنهج” من إدخال المساعدات الغذائية، من طرف الاحتلال الإسرائيلي.
وصرح فليتشر في إحاطة إعلامية في جنيف “هي مجاعة كان من الممكن تفاديها لو تسنى لنا القيام بذلك. غير أن المساعدات الغذائية تتكدس عند الحدود بسبب العرقلة الممنهجة الممارسة من إسرائيل”، معتبرا أن هذه المجاعة “ينبغي أن تؤرقنا جميعا”.
وأضاف “إنها لحظة عار جماعي، وأعتقد أننا جميعنا نشعر بهذا بشكل من الأشكال”، مؤكدا أن “تجويع الناس لأغراض عسكرية جريمة حرب”.