story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

احتجاجات وإضرابات تشل قباضات الخزينة بسبب “قرارات ارتجالية” لوزارة المالية

ص ص

أعلن موظفو قباضات الخزينة العامة للمملكة، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، عن برنامج احتجاجي تصاعدي ينطلق ابتداء من يوم الاثنين 29 دجنبر الجاري، احتجاجا على ما وصفوه بـ“الأوضاع المهنية المزرية” و“التدبير العشوائي” الذي رافق تنزيل مقتضيات القانون رقم 14.25 المتعلق بتعديل وتتميم القانون 47.06 الخاص بجبايات الجماعات الترابية.

وأوضح الموظفون، في بيان استنكاري صدر يوم الجمعة 26 دجنبر 2025، أنهم قرروا ارتداء الشارة الحمراء والتوقف عن أداء المهام يوم الاثنين المقبل، على أن تُنظم وقفات احتجاجية يومي الثلاثاء والأربعاء 30 و31 دجنبر الجاري أمام المصالح الخارجية لمديرية الخزينة العامة للمملكة، مع التلويح باللجوء إلى إضرابات وطنية في حال استمرار الوضع القائم.

ويأتي هذا التصعيد، حسب البيان الذي اطلعت صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منه، نتيجة ما اعتبره الموظفون تراجعا خطيرا عن الالتزامات الكتابية والشفوية الصادرة عن وزيرة الاقتصاد والمالية، خاصة ما يتعلق باحترام حرية الموظف في اختيار البقاء أو مغادرة المقرات المشتركة، وضمان الحماية القانونية والمهنية للعاملين بالقباضات.

“مساس بكرامة الموظف”

وسجل البيان أن من بين أبرز مظاهر هذا التدبير، إعادة تخصيص 92 مقرا من مقرات قباضات الخزينة العامة، وتحويلها إلى قباضات جماعية تابعة لقطاع وزاري آخر، دون توفير مقرات بديلة، ما وضع الموظفين، وفق تعبيرهم، في وضعية “احتلال” لبنايات إداريةغير تابعة لقطاعهم.

وأضاف المصدر ذاته أن هذا الوضع ترتب عنه زيارات متكررة لرجال السلطة لإشعار الموظفين بضرورة إخلاء المقرات وتسليم مفاتيحها، دون مراعاة لطبيعة الأموال المودعة أو الوثائق والملفات المحاسبية الحساسة التي تحتفظ بها هذه المصالح، رغم أن القباضات ما تزال قائمة قانونيا وتمارس مهام ذات مسؤوليات مالية وقانونية وشخصية.

كما أشار الموظفون إلى تسجيل ممارسات “تمس الكرامة الإنسانية”، من بينها ما وقع بقباضة مابيلا بالرباط، حيث جرى تغيير مفاتيح المقر واللوحة الإدارية دون تحرير محاضر رسمية لتسليم المهام، كما ينص على ذلك القانون، خاصة فيما يتعلق بالوثائق والقوائم المحاسبية.

كما تحدث البيان عن وقائع مماثلة بكل من طنجة أصيلة، برشيد، وبني ملال، إضافة إلى حالات تم فيها تخصيص مكاتب للقباض الجماعيين وموظفيهم داخل مقرات ما تزال تحمل يافطة الخزينة العامة للمملكة، وهو ما اعتبره الموظفون ضربا لمبدأ استمرارية المرفق العمومي المنصوص عليه دستوريا، ووضعا “شاذا” لا نظير له في النظام القانوني المغربي أو المقارن.

“عبث تنظيمي”

وحمل موظفو قباضات الخزينة العامة للمملكة وزيرة الاقتصاد والمالية والوزير المنتدب المكلف بالميزانية المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا الوضع، وما يترتب عنه من مساس بحقوق الموظفين المكتسبة واستقرارهم الاجتماعي والوظيفي.

كما دعوا رئيس الحكومة إلى التدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ“العبث التنظيمي” داخل المرفق العمومي المالي، وحماية حقوق الموظف، ووضع حد للأضرار النفسية والمعنوية التي لحقت بالعاملين في هذا القطاع.

وفي السياق ذاته، أعلن الموظفون عن تنسيقهم مع المكاتب والفروع النقابية القطاعية، داعين النقابات الأكثر تمثيلية إلى عقد اجتماع عاجل واتخاذ خطوات عملية للدفاع عن الموظف المالي، والضغط من أجل إلزام الوزارة بالوفاء بالتزاماتها.

يذكر أن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، دعت إلى تنقيل القابضين وباقي المحاسبين وموظفي الخزينة العامة للمملكة، وذلك في إطار الشروع في مسطرة تعيين القابضين الجماعيين لضمان تدبير اثنين وتسعين (92) قباضة جماعية تم إحداثها كمرحلة أولى في بناء شبكة محاسبية ترابية جديدة، من أجل إقامة إدارة قريبة “تستجيب لمتطلبات النجاعة”.

وأوضحت الوزيرة في رسالة وجهتها إلى أمين خزينة المملكة، نور الدين بنسودة، أن الإنتقال يجب أن يكون على أساس مبدأي التطوع المعبر عنه بحرية و كذا الحفاظ على الحقوق المكتسبة، ويشمل ثلاث صيغ : الوضع رهن الإشارة، أو الإلحاق، أو الإدماج في أنظمة موظفي وزارة الداخلية، مشيرة إلى أن تدابير مالية تم اتخاذها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 لضمان الحفاظ على المكتسبات المهنية والاجتماعية للموظفين المعنيين بهذه الحركة.

وفي ما يخص الموظفين غير المعنيين بعملية التنقيل، شددت المسؤولة الحكومية على ضرورة إعادة توزيعهم وتأهيلهم للقيام بمهام استراتيجية أخرى، سواء داخل الخزينة العامة للمملكة أو بباقي مديريات وزارة الاقتصاد والمالية.

كما دعت إلى الشروع الفوري في عملية تسليم المهام بين قباض الخزينة العامة وقباض الجماعات، وفق المساطر المعمول بها وتحت الإشراف المباشر للمحاسبين المكلفين، مع التنبيه إلى مخاطر تقادم بعض الديون المستحقة لفائدة الجماعات الترابية.

ويأتي هذا التوجه في سياق تفعيل القانون رقم 14-25 المعدل والمتمم للقانون رقم 47-06 المتعلق بمالية الجماعات الترابية، والذي دخل حيز التنفيذ في 12 يونيو 2025، ويُعد امتدادا لورش الجهوية المتقدمة ورافعة لتحديث الحكامة الترابية التي كرسها دستور 2011.

وأوضحت فتاح علوي أن هذا الورش يشمل إحداث 92 قباضة جماعية كمرحلة أولى لبناء شبكة محاسبية ترابية جديدة، تروم تقريب الإدارة من المواطنين وتعزيز النجاعة، مشيرة إلى الشروع في مسطرة تعيين القابضين الجماعيين وإطلاق برامج تكوين لفائدة موظفي الجماعات الترابية المكلفين بهذه المهام.

وأكدت الوزيرة أن الخزينة العامة للمملكة ستضطلع بدور محوري في هذا الورش الوطني، بالنظر إلى رصيدها البشري وخبرتها المتراكمة، معتبرة أن إعادة نشر مواردها البشرية ستمكن من الحفاظ على مكتسباتها وتثمين المسار المهني لموظفيها.

و خلصت فتاح علوي في رسالتها إلى التأكيد على أهمية تعميم هذه التوجيهات على مجموع شبكة الخزينة العامة للمملكة، مع إخبارها بعناصر التتبع المرتبطة بهذا الورش، نظرا لطابعه الاستعجالي وحجم رهاناته.