story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

إعدام “الكان”!

ص ص

تنطلق كأس إفريقيا للأمم اليوم على أرض المملكة المغربية، في موعد كنا موزعين قبل ساعات بين الحديث عن رهان تنظيم أنجح نسخة في تاريخ المسابقة تخوضه بلادنا، وبين التطلع لمنتخبنا الوطني من أجل فك عقدة هذه الكأس التي استعصت على المغرب منذ نصف قرن من الزمن .

لكن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، وبنفس العقلية والسلوك والطريقة التي يدبر بها أمور الكرة في هذه القارة المغبونة، أبى إلا أن يحول عرس “الكان” إلى مأثم دفن هذه المسابقة التاريخية التي لها لا تنازعها في الرمزية لدى شعوب إفريقيا ، أي مسابقة رياضية أخرى.

باتريس موتسيبي رئيس الكاف أعلن أمس من الرباط عن اعتماد نظام جديد لكأس إفريقيا للأمم، يقضي بتنظيمها مرة واحدة كل أربع سنوات، ابتداءً من نسخة 2028، ووصف القرار بلغة خشبية أنه يدخل ضمن استراتيجية شاملة لتطوير كرة القدم الإفريقية و أنه يندرج في إطار رؤية إصلاحية تهدف إلى تحسين جودة المنافسات القارية، وضمان تنظيم أكثر احترافية، بما يراعي مصلحة المنتخبات الوطنية واللاعبين، ويمنحهم ظروفًا أفضل للاستعداد والاستقرار.

لكن أي شخص له تتبع بسيط لكرة القدم في العالم وفي إفريقيا، يعرف أن هذا القرار لا علاقة بكل هذا الكلام المرصوص الذي ألقاه موتسيبي أمس على مسامعنا حول مستقبل الكرة الإفريقية، بل هو إدعان صارخ لرغبة الفيفا وحيتانها الكبيرة التي تلتهم العائدات الضخمة لكرة القدم ومسابقاتها الأكثر مردودية مالية.

منذ سنوات وإمبراطورية إنفانتينو بمعية شركائه في “همزة” الكرة في أوربا يهاجمون تنظيم كأس إفريقيا كل سنتين، ويطعنون باحتقار واضح في توقيت تنظيمها تحت ادعاء حاجة الأندية الأوربية إلى لاعبيها في فترة حاسمة من الموسم، وهو إدعاء يبدو منطقيا وذي وجاهة صائبة، ولكن في عمقه يخفي انتهازية معهودة في تفكير الغرب ونظرته “الكولونيالية” إلى القارة الإفريقية، وضرورة أن تبقى الأبد هي وساكنتها في خدمة “الإنسان الأبيض” الذي لا تهمه عادات إفريقيا ولا ثقافة ورمزية مسابقاتها الرياضية، بقدر ما يهمه كم من الأموال والثروة التي يحلبها منها.

لو كان المشكل يتعلق فقط بفترة تنظيم “الكان”، فهو قد بدا في طريقه إلى الحل لما عبر المغرب عن رغبته في تنظيم المسابقة صيفا بعد أن تكون جميع الدوريات الأوربية قد عرفت نهاية موسمها، ولكن نزول الفيفا لفرض تنظيم مسابقتها الجديدة التي هي مونديال الأندية ذات العائد المالي الضخم لجيوب إنفانتينو ، دفعه إلى “فيتو” ألغاء تنظيم الكان في نفس الفترة، بل وأمعن في إذلال إفريقيا ، بتنظيم كأس العرب ذات “الهمزة” المالية أيضا، في فترة مزاحمة لكأس إفريقيا ، التي وجدت نفسها موزعين بين سنتين من حيث تاريخ التنظيم مع ما تعرفه فترة نهاية السنة من تقلبات مناخية وأجواء ماطرة قد تعيق كل شيء.

كأس إفريقيا المسابقة التاريخية ، ربما يكون المغرب آخر بلد في القارة يحتضنها بكل رمزيتها وطقوسها ، قبل أن يحولها موتسيبي وإنفانتينو إلى “تورنوا” عادية لا طعم فيها ولا رائحة.