طوابير وساعات انتظار طويلة.. معاناة إنسانية متصاعدة في معبر “باب سبتة”
يعيش المسافرون عبر معبر باب سبتة على وقع محنة يومية، جراء اصطفاف طوابير طويلة من السيارات تمتدّ لكيلومترين أو أكثر من جهة الفنيدق، مع انتظار يتجاوز عشر ساعات في ظروف سيئة.
وخلال هذا الأسبوع، تم تسجيل شكايات على الجانب الإسباني تطالب وسيط المظالم بفتح تحقيق فوري في هذا الوضع وطلب توضيحات من السلطات الإسبانية المختصة. كما تمت مطالبته، حسب جمعية مستخدمي معبر تاراخال – باب سبتة، بالضغط على وزارة الخارجية الإسبانية لحثّ المغرب على ضمان “معاملة كريمة ومحترمة للمسافرين”.
من جانبها، وقفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على مجموعة من مظاهر ما وصفته بـ”الوضع غير الإنساني”، خلال زيارة ميدانية لمعبر باب سبتة الرابط بين الفنيدق والمدينة المحتلة.
وفي هذا الصدد، قال أشرف ميمون، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتطوان، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن وفداً من الحقوقيين والباحثين في قضايا الهجرة قام بزيارة ميدانية للمعبر للوقوف على الوضع مباشرة، مضيفاً أن المعبر ما يزال يشهد حركة مكثفة، سواء فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية أو بالعبور القانوني.
وقبل التطرق لوضع العبور النظامي، أوضح ميمون أن الزيارة كشفت عن “محاولات متكررة للعبور من اتجاهات مختلفة نحو وجهات متعددة”، وهو ما يؤكد، بحسبه، استمرار الضغط الكبير على المعبر، خاصة فيما يتعلق بعمليات الهجرة غير النظامية عبر البحر أو الجبال.
وأضاف أن الهجرة القانونية بدورها تعرف عدداً من التعثرات بسبب الأشغال الجارية في الجانب المغربي، في ظل غياب معلومات دقيقة حول خلفيات هذه الإصلاحات وما إذا كانت مرتبطة بمقاربة أمنية أو بتحسين ظروف المرور.
ووقف المتحدث على تسجيل “حالات غير إنسانية” عند الدخول إلى المغرب أو مغادرته، حيث تضطر السيارات للانتظار لأكثر من 18 ساعة، رغم وجود مسافرين من بينهم مرضى ونساء حوامل وأطفال. واعتبر أن هذه الأوضاع تتكرر في غياب مراعاة لظروف الناس.
وأكد أن الإشكال الحقيقي يكمن في ضعف التدبير، سواء على مستوى التواصل أو توفير المعلومات للمواطنين، مشيراً إلى أن الصورة العامة للمعبر “غير مناسبة”، والمعلومة الرسمية “شبه منعدمة”، كما أن العناية بالمسافرين والمقيمين “لا ترقى إلى المستوى المطلوب”.
وأشار ميمون إلى أن المنطقة، التي تعيش أصلاً وضعاً اقتصادياً هشّاً بعد سنوات من الاختناق، تعتمد بشكل كبير على السياح ومغاربة العالم، ما يجعل تعثر حركة العبور يؤثر مباشرة على النشاط السياحي، خاصة في موسم السياحة الشتوية.
وتابع أن غياب المعلومات وانعدام الرعاية داخل المعبر يعكس غياباً واضحاً لدور السلطات المعنية، في وقت يبقى المواطنون “ضحايا لإجراءات ليسوا جزءاً منها”.
وأكد “ضرورة تحسين التشوير داخل المعبر وتطوير أساليب التواصل والخدمات”، معتبراً أن التدبير الحالي يشوبه الكثير من العشوائية، وأن المتضرر في النهاية هو المواطن الذي يمر من المعبر مضطراً بسبب عمله أو تنقله.
وبحسب وسائل إعلام إسبانية ومحلية، فإن العبور بين المغرب وسبتة المحتلة “تحول إلى جحيم حقيقي”، بعدما زادت الأشغال الجارية من تعقيد الوضع.
وأفادت المصادر نفسها بأنه “لا يوجد ممرّ للطوارئ، ما يجعل المركبات العالقة في طوابير الانتظار الطويلة عاجزة عن إيجاد مخرج إذا وقعت أي حادثة”، فضلاً عن غياب المراحيض العامة، وهو ما يؤثر مباشرة على كبار السن والأطفال والمرضى المنتظرين لساعات طويلة.
وخلال هذا الأسبوع، تم رفع شكاوى رسمية إلى وسيط المظالم وإلى وزارة الشؤون الخارجية في إسبانيا، بحثاً عن تدخلهما لإيجاد حلّ لهذه الاختناقات، مع توجيه انتقادات لعدم اتخاذ السلطات المغربية تدابير استباقية لتوقع جميع الاحتمالات المرتبطة بظروف المسافرين خلال فترات الانتظار.
وتتجه السلطات المغربية إلى تنفيذ واحد من أوسع مشاريع تهيئة معبر باب سبتة منذ سنوات، بهدف تنظيم حركة العبور وتعزيز آليات المراقبة. غير أن هذه الأشغال، التي ستستمر لنحو ستة أشهر، ستؤثر بشكل كبير على حركة المركبات بين الجانبين.
وقد باشرت المصالح المغربية، نهاية نونبر الماضي، تثبيت العلامات الخاصة بمخطط الأشغال الجديد على مستوى المعبر، في إطار برنامج يشمل إغلاقاً تدريجياً لعدة أجزاء من النقطة الحدودية، مع الإبقاء على أجزاء أخرى مفتوحة لضمان الحد الأدنى من انسيابية العبور.