ضمنها المغرب.. أوروبا تصدر 9 آلاف طن من المبيدات المحظورة نحو دول إفريقية
كشف تحقيق حديث أن الاتحاد الأوروبي صدّر ما يقارب 122 ألف طن من المبيدات المحظورة سنة 2024، منها ما يقارب 9 آلاف طن تم تصديرها إلى القارة الافريقية خلال سنة 2024، و كان المغرب و جنوب إفريقيا أبرز وجهاتها.
و أوضح التحقيق المشترك الذي أنجزته منظمة “بابليك آي” ووحدة التحقيقات “Unearthed”، أن هذه المواد المحظورة، و التي يمنع استخدامها داخل أوروبا بحكم مخاطرها “غير المقبولة” على صحة الإنسان و البيئة، تستمر في التدفق نحو الدول المنخفضة الدخل و متوسطة الدخل، “حيث تكون قدرة الحماية و المراقبة محدودة ،مما يزيد من حجم الأضرار المحتملين على المزارعين و البيئة و الموارد الطبيعية”.
وأضاف التحقيق أن هذه المواد التي تصنّعها شركات كبرى مثل “سينجنتا” و “باير” و”BASF”، تحظر داخل أوروبا بسبب ارتباطها بأمراض خطيرة، وتلوّث المياه الجوفية، والتأثير على الخصوبة، وتدمير الملقحات، “إلا أنها تُصدَّر بكميات كبيرة إلى بلدان تعتمد على الفلاحة وتواجه ضغوطا اقتصادية تجعلها أكثر هشاشة أمام نفوذ اللوبيات الزراعية”.
مواد شديدة الخطورة لدول أقل حماية
يبرز التحقيق أن سنة 2024 شهدت الإعلان عن تصدير “75 مبيدا محظورا” من أصل أكثر المواد خطورة في العالم، وتصدر قائمة هذه المواد المبيد “1,3-D” المستخدم في زراعة الخضر والفواكه، والذي حُظر أوروبيا منذ 2007 بسبب خطورته على المياه الجوفية والتنوع البيولوجي، و قد تم تصدير أكثر من “20 ألف طن” منه خلال عام واحد فقط.
كما يشمل التصدير مبيدات مرتبطة باضطرابات الخصوبة، ومبيدات فطرية مصنّفة كمؤثرة على الغدد الصماء، إضافة إلى كميات كبيرة من “النيونيكوتينويدات” المعروفة بتهديدها للملقحات وعلى رأسها النحل.
ورغم حظر استخدامها داخل الحقول الأوروبية، إلا أن الشركات تستمر في توجيهها نحو أسواق خارجية، بينها دول إفريقية وعربية و من بينها المغرب.
“صُنعت في أوروبا”
على مستوى الشركات، كشفت المعطيات أن عملاق الصناعة “BASF” يتصدر قائمة المصدّرين بأكثر من “33 ألف طن” سنة 2024.
وأضاف التحقيق أن “سينجنتا” وحدها أعلنت عن تصدير “9 آلاف طن” من المبيدات المحظورة العام الماضي، معظمها من ألمانيا، التي أصبحت مركز هذه التجارة في أوروبا بعد تضاعف صادراتها ست مرات منذ سنة 2018.
من جهاتها أوضحت “سينجنتا”، ردا على التحقيق، أن صادراتها “تتوافق مع المتطلبات الصارمة”، وأنها تحترم سيادة البلدان المستوردة، معتبرة أن “الاحتياجات الزراعية تختلف حول العالم”.
زيادة حادة رغم الوعود الأوروبية
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي صدّر ما يقارب “122 ألف طن” من المبيدات المحظورة سنة 2024، رغم تعهد المفوضية الأوروبية في وقت سابق بوقف هذه الممارسة ضمن إستراتيجية “الصفقة الخضراء”.
ولفت التحقيق إلى أن حجم هذه الصادرات ارتفع بنسبة 50% مقارنة بسنة 2018، بل تضاعف مرتين خلال ست سنوات عند استبعاد أرقام بريطانيا بعد “البريكست”.
ويعود هذا الارتفاع، وفق التحقيق، إلى إدراج ما يقرب من 100 مبيد جديد ضمن لائحة المواد المحظورة منذ 2018، وهو ما تسبب في زيادة تلقائية في الكميات المُعلنة، رغم استمرار الإنتاج الموجّه للتصدير نحو دول العالم الثالث.
تراجع تحت الضغط
في أكتوبر 2020، وعدت المفوضية الأوروبية بـ”تقديم مثال يحتذى به” ووضع حد لتصدير المبيدات المحظورة في الاتحاد الأوروبي، كجزء من استراتيجية جديدة بشأن المواد الكيميائية قُدمت كركيزة لـ “الصفقة الخضراء”، وبرغم تعهدات المفوضية، أضاف التحقيق أن العملية التشريعية الأوروبية الهادفة إلى حظر التصدير الكامل لهذه المواد “تعطلت بفعل ضغوط قوية من لوبيات الكيماويات الزراعية”.
و أشار التحقيق إلى أن بروكسل لم تتقدم بأي مقترح قبل نهاية 2023 كما كان متوقعا، فيما تتزايد الدعوات داخل الاتحاد الأوروبي لإلغاء القيود بفعل صعود التيارات اليمينية واحتمالات التغيير السياسي في الولايات المتحدة.
المفوضية الأوروبية، التي تواصلت معها المنظمتان، أكدت عبر متحدثة باسمها أنها “تشارك المخاوف بشأن استمرار تصدير المواد المحظورة”، وأنها “تظل ملتزمة بمعالجة هذه القضية”.
وأوضحت أن دراسة تأثير المبيدات انطلقت سنة 2023 وما تزال قيد التقييم، مشددة على ضرورة ضمان حماية الأشخاص والبيئة داخل أوروبا وخارجها.
مطالبات أوروبية متزايدة
في بروكسل، نُظمت مظاهرة نهاية يونيو قادها تحالف يضم أكثر من 600 منظمة غير حكومية ونقابة، بينها “بابليك آي”، كما طالبت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين بـ”تنفيذ الوعد وإنهاء التصدير النهائي للمبيدات المحظورة”، معتبرة أن استمرار هذه السياسة يشكل “ازدواجية معايير” تضر بمصداقية الاتحاد الأوروبي عالميا، وتهدد صحة المجتمعات في دول الجنوب.
كما وجهت سبع دول أوروبية رسالة رسمية في دجنبر 2024 إلى المفوضية الجديدة تطالب فيها بالإسراع في فرض الحظر الكامل، واعتبر وزير البيئة الدنماركي أن الأمر يتعلق بـ”مسؤولية أخلاقية وسياسية” لا يمكن للاتحاد الأوروبي التملص منها.