ملف اختبارات الأئمة يشعل الشارع الخنيفري من جديد.. إدريسي: تعرضت للظلم
تظاهر عشرات المواطنين قرب مقر المجلس العلمي المحلي بمدينة خنيفرة للتضامن مع الإمام إدريس إدريسي والمطالبة بـ“كشف حقيقة ما جرى” في الملف الذي فجره سنة 2024 حول اختبارات تأهيل الأئمة والخطباء والمؤذنين.
وعرفت المظاهرة، التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوم الخميس 4 دجنبر 2025، مشاركة مواطنين وحقوقيين، وسط تدخل أمني لمنعهم من التقدم، فيما ردد المتظاهرون شعارات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن شبهات التزوير في نتائج اختبارات التأهيل بالمجلس العلمي المحلي بخنيفرة.
وتأتي الوقفة في أعقاب الحكم الاستئنافي في القضية المعروفة إعلاميًا بـ“تزوير اختبارات التأهيل”، والتي أثارت جدلاً واسعًا داخل الأوساط الدينية والمحلية خلال الأشهر الماضية، بالتوازي مع تضامن واسع مع الإمام إدريسي على منصات التواصل الاجتماعي.
وقضت محكمة الاستئناف في هذا الملف بتبرئة رئيس المجلس العلمي المحلي بخنيفرة من جميع التهم المنسوبة إليه، في حين أيّدت الحكم الصادر ابتدائيًا في حق إدريس إدريسي، مع تشديد العقوبة إلى ثلاثة أشهر حبسًا نافذًا، إضافة إلى تأكيد قرار إلغاء الشكاية التي سبق أن تقدم بها الأخير ضد رئيس المجلس العلمي المحلي.
وفي هذا الصدد، اعتبر إدريس إدريسي، العضو السابق بالمجلس العلمي المحلي بخنيفرة، أن “الحكم الاستئنافي كان صادماً”، موضحًا أن المحكمة الابتدائية سبق أن قضت بثبوت الأفعال المنسوبة إلى الرئيس بناء على ما وصفه بـ“أدلة قطعية لا تحتمل الشك أو التأويل”.
وأشار إدريسي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إلى أن الشهود، وفق تعبيره، “شهدوا بحدوث التزوير”، وأن القاضي “سجل كل ذلك في محاضر الجلسات”، قبل أن يصدر حكماً بالإدانة بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ في حق الرئيس، وبعقوبة موقوفة التنفيذ في حقه هو أيضاً “على أساس تهم كيدية”، على حد قوله.
وأكد إدريسي أن “المفاجأة الكبرى” بالنسبة إليه كانت في مرحلة الاستئناف، حيث تم فصل ملفه عن ملف الرئيس، معتبراً أن هذه الخطوة “بدت وكأن الغرض منها حرماني من إمكانية الاستفادة من الحكم الابتدائي”.
وأوضح أنه وفق تسلسل الأحداث، صدر الحكم أولاً في ملف الرئيس، حيث “تم إلغاء الشكاية”، ثم صدر في حقه هو حكم بثلاثة أشهر نافذة، رغم أن التهم والملفات والمحامين كانوا أنفسهم في المرحلة الابتدائية.
وأشار إدريسي كذلك إلى تصريح أدلى به الرئيس لإحدى القنوات الإلكترونية يلمح من خلاله إلى شيء ما خلال مرحلة الاستئناف، وذلك مباشرة بعد الحكم الابتدائي، معتبراً ذلك “مؤشراً على أمور كانت تُحاك في الخفاء”، بحسب قوله.
وقال إنه قام أمس بتسجيل الطعن لدى محكمة النقض في الملفين معًا، مشيرًا إلى أن ظهوره بجلباب مقلوب في الصورة كان “تعبيراً رمزياً عن أن ما حدث غير مفهوم وغير سليم ويناقض ما تعارف عليه العقلاء”.
واعتبر إدريسي أن ما وقع “تعبير عن الظلم” و“الفساد المستشري”، على حد تعبيره. وعبّر عن استغرابه مما وصفه بـ“الصمت السلبي للمجلس العلمي رغم ثبوت الواقعة”، مطالباً بـ“محاسبة المتورطين وحل المجلس”. كما تساءل عن “سبب عدم تحريك النيابة العامة لأي متابعة في حق من اعترفوا” وعن “عدم تدخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية”.
خلفية القضية
وتعود بداية هذه القضية إلى نهاية سنة 2024، حين تقدم الإمام إدريس إدريسي باتهامات تتعلق بتزوير في اختبارات تأهيل الأئمة والخطباء والمؤذنين، وهي اتهامات سبق للمجلس العلمي الأعلى أن نفى صحتها.
وبعد مسار قضائي امتد لأشهر، صدر حكم ابتدائي بالإدانة، قبل أن تُلغى الشكاية في مرحلة الاستئناف وتصدر أحكام جديدة أثارت نقاشًا واسعًا في المدينة. وقد قرر إدريسي نقل الملف إلى محكمة النقض باعتبارها مرحلة التقاضي الأخيرة.
وفي تصريح سابق خص به صحيفة “صوت المغرب”، أفاد إدريس إدريسي بأن اختبارات التأهيل الخاصة بالخطابة والإمامة والأذان بالمجلس العلمي المحلي لخنيفرة الدورة الأخيرة، شابتها خروقات كبيرة انتهت بتغيير محاضر بعض اللجان وتزوير نتائجها من الرئيس وبعض الأعضاء بعد ضغوطات كبيرة وهائلة من جهات نافذة داخل المؤسسة العلمية.
وأكد إدريسي أنه يمتلك جميع الأدلة القطعية والحجج اليقينية التي تثبت صحة التهمة وتقطع الطريق أمام محاولة إنكارها، مشيراً إلى أنه بذل كل الجهود لإجبار المتهمين على التراجع عما وصفه بـ“الخيانة الكبيرة” في سرية تامة حفاظًا على سمعة المؤسسة ومكانتها في قلوب الناس، إلا أن امتناع المتهمين عن التراجع بعد “استقوائهم بالجهات النافذة” دفعه إلى الاستعانة بالإعلام تنويرًا للرأي العام.
وشدد إدريسي على أنه “لا خصومة له مع أي طرف داخل المجلس، وأن مشكلته الوحيدة مع الفساد والشطط في استعمال السلطة”، مؤكدًا ضرورة المحافظة على الثوابت الدينية والوطنية للمملكة.
وفي تدوينة سابقة، طالب إدريسي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والنيابة العامة والجهات المعنية بإحداث “لجنة علمية نزيهة ومستقلة لتقصي الحقيقة بخصوص هذه الواقعة”.
من جهته، أصدر المجلس العلمي الأعلى، يوم الخميس 14 نونبر 2024، بلاغًا حول ما جاء على لسان إدريسي، موضحًا أن “التبليغ عن تغيير المحاضر مجرد ادعاء كاذب لا يستند إلى وثائق أو أدلة، وأن اختبار التأهيل أُجري وفق المسطرة المنظمة له من الأمانة العامة، وأن عمل وأداء المجلس العلمي بخنيفرة متميز في مدينته ومحيطه”.
وشدد البلاغ على أن “زيف الادعاءات اتضح بعد قيام الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى بإيفاد لجنة للتحقق من الأمر، والتي قامت بمراجعة محاضر الاختبارات والتدقيق فيها والاستماع إلى الأطراف المعنية”، مضيفًا أن الأمانة العامة ستتخذ باقي الإجراءات والتدابير اللازمة بهذا الصدد.