“أطاك المغرب” تطالب بتحصين الصحافة من التحكم المالي والسياسي
دعت جمعية “أطاك المغرب” إلى تحصين الصحافة من التحكم المالي والسياسي، مشيرةً إلى أن فضيحة “مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة” تكشف جانبًا من الاختلالات العميقة التي تطال منظومة كاملة من التضييق، قالت إنها “تخدم الاستبداد ورأسمالية آخذة في التوحش”.
وأوضحت الجمعية، في بيان توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، أن قطاع الإعلام يعرف “اختلالات بنيوية” من أبرزها تغوّل الرأسمال داخل المؤسسات الإعلامية والتحكم غير المباشر في الخطوط التحريرية، إضافة إلى الاستحواذ على الدعم العمومي المخصص للصحافة.
ونبّهت “أطاك المغرب” إلى وجود دوائر مالية نافذة “أضحت تهيمن على المؤسسات الإعلامية، وتوجّه محتواها بما ينسجم مع مصالحها ومع خدمة الاستبداد”.
ورأت أن هذا الوضع يجعل أي مؤسسة تنظيمية، ومن ضمنها مجلس الصحافة، “عاجزة عن القيام بدورها في حماية المهنة وضمان استقلالية الصحافيين”، بل وقد تتحول هي نفسها إلى “جزء من البنية الضاغطة”، كما تجلّى بحسب البيان في “مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة” الذي يستعمل “آليات التأديب لإسكات الصحافيين”.
وأضافت الجمعية أن تضافر تحكم أصحاب الرساميل في قطاع الإعلام مع غياب استقلالية المؤسسات الإعلامية، إلى جانب القمع الأمني، يهدد بشكل جدّي فضاءات التعبير الرقمي والثقافي للشباب والصحافيين والمدونين.
واعتبر البيان أن هذا الوضع يأتي في سياق “توسع القمع ليشمل مختلف أشكال التعبير، من محاكمات الصحافيين وملاحقة فنانين، ومنهم المبدعون في موسيقى الراب، إلى قمع الاحتجاجات السلمية في الشارع، كما جرى بحق شباب ’جيل Z‘ الذين جوبه حراكهم بالقوة والاعتقالات والمتابعات الثقيلة”.
ودعت “أطاك المغرب” إلى وقف محاكمات الصحافيين وضمان حقهم في ممارسة مهنتهم دون تضييق أو متابعات، مؤكدة ضرورة حلّ المجلس الوطني للصحافة وفتح نقاش عمومي جدي حول مستقبل هيئة أخلاقيات المهنة، في اتجاه بناء إطار “مستقل وشفاف وغير خاضع للضغوط الاقتصادية والسياسية”.
كما طالبت الجمعية بـمواجهة تركّز مصالح أقلية داخل القطاع الإعلامي، وتحصين المنابر الصحافية من التحكم المالي والسياسي، إضافة إلى ضمان حرية التعبير وحرية التنظيم.
وشددت على ضرورة إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي في المغرب، ومن ضمنهم معتقلو حراك الريف (الزفزافي، أحمجيق، جلول…) والناشطة سعيدة العلمي والمحامي محمد زيان ومغني الراب “بوز فلو”، فضلًا عن كل شباب “جيل Z” المعتقلين على خلفية ملفات مفبركة أو تهم واهية، مؤكدة أيضًا ضرورة حماية الفنانين، خصوصًا فناني الراب، من أي متابعات بسبب أعمالهم الفنية.
وانتقدت الجمعية ما وصفته بـ”حملة الاعتقالات العشوائية” التي تستهدف صنّاع المحتوى تحت ذريعة “التطهير الأخلاقي”، معتبرةً ذلك “امتدادًا لآليات التحكم”، إذ تُستعمل وفق البيان “ذريعة هشّة لإضفاء شرعية زائفة على القمع، وتحويل النقاش العمومي من مساءلة الممارسات غير القانونية لمؤسسات الدولة نحو التركيز على ’انحطاط‘ بعض السلوكيات الفردية”.
ورأت أن الخطورة “لا تكمن في ملاحقة أفعال تُصنَّف قانونيًا، بل في توظيف خطاب أخلاقي لإعادة تشكيل المجال العمومي تحت وصاية مؤسسات لا تمتلك أصلًا ما يؤهلها لإصدار أحكام أخلاقية”.
وأشارت الجمعية إلى أن المنطق نفسه استُعمل “بصيغ أخرى في مواجهة شباب ’جيل Z‘، بما يهيّئ لتوسّع أكبر في الاعتقالات، في سياق تتراجع فيه ضمانات القانون، ويُدفع فيه المجتمع إلى قبول تدخل الدولة في تحديد ما يجوز التعبير عنه وما يُعدّ تهديدًا لـ’النظام الأخلاقي‘”، على حد تعبير البيان.