“لمغرب بسرعة واحدة”.. مستشارون يطالبون بتسريع تنزيل برامج التنمية الترابية
طالب المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خالد السطي، بـ “ضروري إيلاء عناية خاصة للمناطق التي تُسجل خصاصاً كبيراً على مستوى التنمية حتى تتمكن البلاد من السير بسرعة واحدة”، مشيراً إلى أنه “ليس من المنطقي أن تُبنى الملاعب بسرعة القطار فائق السرعة TGV، في حين يعيش المتضرّرون من زلزال الحوز بسرعة قطار فاس–وجدة”، على حد تعبيره.
وأكد السطي خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة الثلاثاء 25 نونبر الجاري، أنه “من أجل تحقيق التنمية، يجب الالتفات إلى المناطق البعيدة عن السواحل، وإلى الجهات الأخرى بعيدا عن الجهات الثلاث التي تستحوذ على حوالي 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام”.
وأكد أن “بلوغ هذه الأهداف لا يمكن أن يتم إلا إذا أنصتت الحكومة للمطالب الاجتماعية، لا أن تسيس أي احتجاج يرفع مطالب اجتماعية”.
وأشار إلى أن “النموذج التنموي الخاص بالمناطق الجنوبية أظهر أن التنمية ممكنة حينما تتكامل الحكامة والقيادة ورؤية الدولة وفعالية الاستثمار”، مشيراً إلى أنه “في سياق مبادرة الحكم الذاتي الخاصة بهذه الأقاليم، لا بد من مراجعة نموذج الجهوية بما يفضي إلى تعزيز دور النخب المحلية في اتخاذ القرار وتنزيله على أرض الواقع”.
وفي حديثه عن السياسات الحكومية، لفت السطي أنه سأل الذكاء الاصطناعي عن حكومة عزيز أخنوش، فأجاب بأنها “وُصفت بأنها تكنوقراطية سياسية تجمع بين رجال أعمال وكفاءات تقنية ووزراء حزبيين من ثلاثة أحزاب رئيسية، قدمت وعوداً كبيرة في التشغيل والحماية الاجتماعية وتحسين الخدمات، لكنها واجهت انتقادات واسعة تتعلق بغلاء المعيشة، ضعف التواصل، تأخر الإصلاحات، وتراجع الثقة، تعتبرها فئات، حكومة ذات قوة انتخابية ومالية لكنها ضعيفة سياسياً وتواصلياً أمام الأزمات الاجتماعية”.
ومن جانبه، قال لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “التنمية الترابية وتحقيق العدالة المجالية هو موضوع لم يعد يحتمل الشعارات ولا الوعود غير القابلة للقياس ولا التفاوتات الصارخة بين الخطط والمقاربات الحكومية وبين واقع المواطنين في الأقاليم والجهات”.
وتساءل نازهي عن نجاعة البرامج التي تُطلقها الحكومة، من الجهوية المتقدمة إلى برامج التأهيل الحضري وبرنامج “فرصة”، “والتي رغم كثرتها، لا تزال التفاوتات بين الوسطين الحضري والقروي، وبين الجهات الساحلية والداخلية، وبين المدن الكبرى والأقاليم المهمشة تتسع بدل أن تضيق”.
وأضاف أن “الخريطة الاجتماعية للمغرب ما تزال تعيد إنتاج التناقضات نفسها، جهات تتقدم بسرعة، وأخرى تعيش في منطقة انتظار طويلة”، مشددا على أن “غياب العدالة المجالية ليس قدرا، بل نتيجة لخيارات حكومية، ومحدودية الحكامة الترابية، وعدم إشراك الفاعلين المحليين الحقيقيين، وعلى رأسهم الحركة النقابية والقوى الاجتماعية”.
وأشار إلى أنه، حسب تصور الكونفدرالية، فإن “التنمية الحقيقية لا يمكن أن تقوم إلا على أربعة عناصر أساسية، وهي: استثمار عمومي موجه نحو الأقاليم ذات الخصاص، بدل تكديس الاستثمارات في محور واحد، وعدالة في توزيع الثروة وخلق فرص الشغل، وحكامة ترابية ديمقراطية تقوم على جهة قوية بموارد مالية مستقلة وبمساءلة حقيقية، ثم ربط التنمية الترابية بالعدالة الاجتماعية من خلال مدرسة عمومية ذات جودة ومنظومة صحية فعالة”.
وشدد في هذا السياق على أن “العدالة المجالية لا يمكن أن تتحقق بالتدخلات التقنية فقط، بل المطلوب هو إصلاحات شجاعة ومراجعة جذرية لطريقة توزيع الاستثمارات العمومية بين الجهات، مع تحفيز الاستثمار المنتج في المناطق الداخلية عبر سياسة ضريبية حقيقية، بدل الاستمرار في المضاربات العقارية، وكذا التسريع الإداري”، مؤكدا أن “الجهات بدون صلاحيات فعلية تظل مجرد بناية بلا روح”.
وفي غضون ذلك، أكد نازهي أن “العدالة المجالية ليست حقا يُمنح، بل حق دستوري وثابت من ثوابت الدولة الاجتماعية، وأن المغاربة لا يطلبون المستحيل، بل فقط نصيبهم من مشروع التنمية الوطنية”.
وفي جوابه، قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال نفس الجلسة، إن “برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية لم يكن مجرد مقاربة تقنية صرفة، بل شكل تجربة لحكامة نموذجية استطاعت المساهمة بشكل جلي في تقليص التفاوتات المتراكمة على مدى عقود”.
وأوضح أخنوش، أن “هذا البرنامج ارتكز على مصاحبة المناطق القروية والجبلية في عمليات وبرامج التأهيل المجالي، لاسيما من خلال تحسين مؤشرات الإدماج الاجتماعي وتنويع الفرص الاجتماعية وتمكين المرأة القروية من إمكانيات أوسع للولوج إلى التكوين والشغل”.
وأضاف أنه “في ما يتعلق بفك العزلة وتقوية المسالك والطرق، تم بناء وصيانة 26 ألفا و509 كيلمترات من الطرق والمسالك القروية، مع تشييد وإعادة بناء 223 منشأة فنية، مما ساهم في ارتفاع عدد الجماعات ذات الولوجية الجيدة إلى الطرق والمسالك من 791 جماعة سنة 2016 إلى 1104 جماعات سنة 2023، بارتفاع قدره 40 في المائة”.
وفي إطار توسيع شبكة التزود بالماء الصالح للشرب، أشار أخنوش إلى “إنجاز 32 ألف عملية للربط الفردي والمختلط والنافورات، و725 منظومة للماء الصالح للشرب، إضافة إلى توسيع الشبكة بألف كيلومتر تقريبا”، مسجلا أن “هذه المنجزات مكنت من رفع من عدد الجماعات التي تتمتع بالولوج الجيد إلى الماء الصالح للشرب من 710 سنة 2016 إلى859 جماعة سنة 2023، بارتفاع قدره 20 بالمائ”ة.
كما سجل المسؤول الحكومي أن “جهود توسيع شبكة الكهربة القروية مكنت من تزويد 1135 دوارا بالكهرباء، وتمديد الشبكة الكهربائية على طول 1137 كيلومترا، وهو ما أسفر عن رفع عدد الجماعات التي تتوفر على خدمة الكهرباء من 627 سنة 2016 إلى 831 جماعة سنة 2023، بارتفاع قدره 32 في المائة”.
وفي ما يتعلق بتأهيل البنيات الأساسية لقطاع التعليم، أوضح رئيس الحكومة أنه “تم إنجاز 4142 عملية تشييد وإعادة بناء للمؤسسات التعليمية، واقتناء 1508 حافلات للنقل المدرسي وتنفيذ 139 عملية للتجهيز المدرسي، لتساهم هذه المنجزات في مجموعها، من رفع عدد الجماعات ذات الخدمات الجيدة في قطاع التربية والتكوين، من 614 سنة 2016 إلى 773 جماعة سنة 2023، بارتفاع قدره 13 في المائة”.
فيما أكد أنه في قطاع الصحة، “شمل البرنامج إنجاز 987 عملية تشييد وإعادة بناء وتوسعة وتأهيل للمؤسسات الصحية، و884 عملية تجهيز للمؤسسات الصحية، مع اقتناء 820 سيارة إسعاف، مما رفع عدد الجماعات التي تتمتع بالولوج الجيد إلى خدمات الصحة من 480 سنة 2016 إلى 721 جماعة سنة 2023، بارتفاع قدره 19 في المائة”.
وخلص عزيز أخنوش أن هذه المنجزات تمثل “انتقالا نوعيا وحقيقيا” في معدلات التأهيل الترابي للجماعات المستهدفة، لافتا إلى أن “عدد الجماعات التي تتوفر على مجمل الخدمات الأساسية، ارتفع من 502 سنة 2016 إلى 743 جماعة حاليا، مسجلا ارتفاعا نسبته 48 في المائة”.