احرشان: اللجنة المؤقتة للصحافة غير شرعية وينبغي محاسبة الحكومة على هذا التقصير
أعاد الفيديو الذي نشره الصحافي حميد المهداوي، وما تضمّنه من معطيات منسوبة إلى لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، الجدل حول الوضع القانوني لهذه اللجنة وصلاحياتها الفعلية بعد انتهاء ولايتها.
وبين النقاش القانوني حول شرعية استمرار اللجنة بعد انقضاء مدتها القانونية، والاتهامات الموجَّهة إليها بتجاوز الصلاحيات وصولاً إلى إحالتها ملفات على القضاء، تبرز أسئلة ملحّة بشأن مدى احترام المساطر القانونية وتطبيق القانون.
في هذا الصدد، يؤكد عمر احرشان، أستاذ أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش، أن غياب قرار حكومي يقضي بتمديد ولاية اللجنة المؤقتة “يضع كل عملها خارج نطاق الشرعية”. ويرى أن ما يجري اليوم يعكس “ارتجالاً في تدبير الحقل الإعلامي” و”تشويهاً لتجربة التنظيم الذاتي”، مشدداً على أن الصحافيين “لا يجب أن يدفعوا ثمن تقصير تتحمل مسؤوليته الحكومة”.
ويوضح احرشان، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن مبدأ استمرارية المرفق العمومي يظل قائماً، غير أن “مبدأ الشرعية يبقى أساساً أقوى”، على حدّ تعبيره. ويضيف أن افتقاد اللجنة للشرعية “يعرّض كل قرار صادر عنها للبطلان”، وأن الجمع بين الاستمرارية والشرعية “يفرض على الحكومة توفير الأساس القانوني لضمان عمل اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير قطاع الصحافة والنشر”.
وبالعودة إلى القانون 15.23 المُحدث للجنة المؤقتة في شتنبر 2023، فإن مدة عملها محددة في سنتين ابتداءً من تاريخ تعيين أعضائها. ويشير احرشان إلى أنه “كان لزاماً صدور قرار حكومي يمدد صلاحيات اللجنة، كلياً أو جزئياً، حتى لا تصبح خارج نطاق الشرعية”.
ويذكّر المحلل السياسي والمتخصص في قانون الصحافة والنشر بأن هذا الوضع له سوابق منذ انتهاء ولاية المجلس الوطني للصحافة، متسائلاً: “لماذا لم يتم التمديد لهذه اللجنة؟ ألم يكن متوقعاً أن تتخذ قرارات خلال هذه الفترة؟ ولماذا لم تلتزم الحكومة بسوابقها في التمديد عبر نص رسمي؟”
ويرى أن الحكومة، بهذا التخلف عن إصدار قرار التمديد، تضع كل أعمال اللجنة خارج الشرعية، باعتبار أن “عمل هذه اللجنة يمسّ الحقوق والحريات، وهي أصول دستورية”.
ويضيف: “هذا ما ينبغي أن ينتبه إليه القاضي الإداري، الذي يمكنه إصدار حكم منسجم مع اختصاصه في حماية الحقوق، وتأجيل النظر في القضايا التي تتجاوز نطاق تصريف الأعمال إلى حين انتخاب مجلس قانوني يشتغل في إطار الشرعية، إذ لا مبرر للاستعجال”. ويؤكد أن ذلك “هو المطلوب إن أردنا إعلاء دولة الحق والقانون”.
كما يشير احرشان إلى “ثمن الارتجال في تدبير الحقل الإعلامي والاستهتار بحرية الصحافة”، مؤكداً أن ممارسات لجنة الأخلاقيات والتأديب “تقدم صورة سلبية عن تجربة التنظيم الذاتي الوليدة في المغرب، والتي يراد إجهاضها في أول تجربة”.
ويعتبر أن الوضع الحالي “يستعيد نموذج تدبير سيئ رافق عدداً من اللجان المؤقتة التي تحولت إلى هيئات مؤبدة خارج القانون”، وهو أسلوب، برأيه، ينتقص من احترام القانون والمواطنين ويعكس “فشلاً لم يتم تجاوزه رغم الشعارات المتكررة حول الحكامة الجيدة”.
ويخلص الأستاذ الجامعي إلى أن عدم تمديد عمل اللجنة بشكل قانوني يحدد بدقة صلاحياتها خلال فترة التمديد، يجعل كل أعمالها خارج مبدأ الشرعية، ويعرّض قراراتها للبطلان. ويشدد على أن “من لم يمدد عمل اللجنة مسؤول عن هذا التقصير ويجب محاسبته”، محذراً من أن “الصحافيين والناشرين لا يمكن أن يتحملوا تبعات هذا الإهمال، خاصة عندما يتعلق الأمر بحقوقهم وحرياتهم”.