“وقف وهمي لإطلاق النار”.. مغاربة يحتجون ضد الإبادة المستمرة في غزة
تظاهر عشرات المغاربة في وقفة شعبية تضامنية مع فلسطين، أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، يوم الجمعة 21 نونبر 2025، في إطار استمرار الحراك الشعبي المغربي الرافض لخرق الاحتلال لبنود وقف إطلاق النار في قطاع غزة المدمر، واستمرار الإبادة والعدوان الإسرائيلي ضد المدنيين في الأراضي الفلسطينية، فضلا عن المطالبة بوقف كل أشكال “التطبيع مع الاحتلال”.
وعرفت الوقفة، التي دعت إليها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، مشاركة عشرات المواطنين من مختلف الفئات العمرية، الذين حجوا حاملين الأعلام الفلسطينية ولافتات تطالب بوقف فوري للعدوان بقطاع غزة، مجددين تعبيرهم عن التضامن المطلق مع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وردد المشاركون شعارات منددة بالهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة المحاصر منذ أكثر من 18 سنة، داعين المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته العاجلة في حماية المدنيين، ووضع حد لسياسات التجويع والتهجير القسري التي يشهدها قطاع غزة.
وفي هذا السياق، أكد عبد الرحيم الشيخي، عضو مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، أن هذه الوقفة تأتي استمرارا لمسار النضال الشعبي المغربي رغم الإعلان عن اتفاقات وقف الحرب، موضحاً أن التجارب أثبتت أن “هذه الاتفاقيات لا تُحترم ولن تُحترم من طرف لا الإدارة الأمريكية ولا الجيش الصهيوني”.
وأضاف الشيخي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن المجموعة مستمرة في تحركاتها “إلى أن تتوقف الحرب فعلياً، وإلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه ويُرفع الحصار عن غزة ويتم إعمارها”، مشدداً على أن الوقفة تحمل أيضاً رسالة واضحة تتعلق بضرورة “إسقاط التطبيع الذي ما يزال المسؤولون المغاربة متمادين فيه، رغم أنه يتعارض مع الموقف التاريخي للمغرب وشعبه”.
وأوضح أن المغاربة يتابعون باستياء ما وصفه بـ“المشاركات المستفزة” التي تظهر من حين لآخر، والتي لا تنسجم على حد تعبيره مع عمق الدعم الشعبي المغربي للقضية الفلسطينية، خاصة بعد سنتين من حرب الإبادة التي “أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الكيان الصهيوني الإجرامي لا أمان له ولا ثقة فيه ولا يمكن التعويل عليه”.
وأشار المتحدث إلى أن من بين دوافع الحضور القوي في هذه الوقفة اقتراب موعد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي سيُخلَّد يوم السبت المقبل، حيث تم الإعلان عن تنظيم عدد من الفعاليات الوطنية والدولية لإحياء هذه المناسبة والمطالبة بتحرير فلسطين واستعادة الشعب الفلسطيني لكافة حقوقه المغتصبة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف
ومن جانبه، أبرز عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أن تنظيم هذه الوقفة يندرج ضمن سلسلة الفعاليات المستمرة لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين منذ اندلاع طوفان الأقصى وطيلة حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
وأوضح الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أن الوقفة تأتي في ظل “تطورات دولية خطيرة ودقيقة للغاية، لا تمس فقط غزة، بل القضية الفلسطينية برمتها”.
وأشار هناوي إلى أن القرار الأممي الأخير “جاء ليكرّس وصاية جديدة وإدارة انتداب مستحدثة بعد 107 سنوات من وعد بلفور”، معتبراً أن ما يجري يشبه “إعادة تدوير للملف الفلسطيني والقفز على استحقاقات طوفان الأقصى، وعلى كل ما وقع حتى بعد اتفاقيات أوسلو”، وهو ما سمح — على حد تعبيره للعدو الصهيوني والولايات المتحدة و“عصابات الاستيطان” بمسح ما تبقى من فكرة حل الدولتين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكد أن المرحلة الحالية تشهد “محاولة خطيرة للقفز حتى على السقوف السياسية الظالمة التي سبقت الطوفان”، مشدداً على أن الاحتلال، بمباركة أمريكية وبتواطؤ دولي وعربي رسمي، يسعى إلى طمس كل ما كشفته حرب الإبادة من جرائم، وإعادة تقديم القضية وكأنها مجرد “ملف إغاثة وإعمار وإسكان”، رغم أن الاحتلال كما يقول “لا يزال يبتزّ الشعب الفلسطيني في الدواء والغذاء وحتى الخيام، في وقت يواجه فيه المدنيون ظروفاً مناخية قاسية مع دخول فصل الشتاء”.
وأضاف هناوي أن الحديث عن “وقف إطلاق النار” ليس إلا “وهماً سياسياً”، موضحاً أنه “حتى بعد الإعلان عنه، استشهد أكثر من 300 فلسطيني”، ما يؤكد، حسب قوله، أن الإبادة لا تزال مستمرة، وأن التصفية الممنهجة لم تتوقف.
وختم بالتأكيد على أن “الحراك الشعبي المغربي سيستمر ما دام الاحتلال ماضياً في جرائمه، وما دامت المؤامرة الدولية مستمرة في محاولة تبييض وجهه وإعادة صياغة القضية بعيداً عن جوهرها الحقيقي”.
وفي سياق متصل، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم، فلسطينيا غرب “الخط الأصفر” بالمنطقة التي لا يحتلها من محافظة خان يونس، بالتزامن مع تنفيذ قواته عمليات نسف واسعة وإطلاق نار شرق الخط بقطاع غزة.
وقال “مستشفى ناصر” في بيان، الجمعة 21 نونبر 2025، إن “نازحا استشهد بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي خارج الخط الأصفر (بمناطق تواجد الفلسطينيين بموجب وقف إطلاق النار) جنوبي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة”.
وتخترق إسرائيل بشكل شبه يومي، اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ودخل حيز التنفيذ بغزة في 10 أكتوبر الماضي.
وضمن خروقاتها، قتلت إسرائيل 312 فلسطينيا وأصابت 760 آخرين منذ 11 أكتوبر الماضي، وفق بيان صادر أمس الخميس عن وزارة الصحة في غزة.
وبحسب شهود عيان لوكالة الأناضول، نفذ الجيش الإسرائيلي خلال الليل “عملية نسف ضخمة” بالمناطق التي يحتلها شرقي مدينة غزة، ترافقت مع إطلاق نار كثيف من الدبابات داخل الخط ذاته جنوبي خان يونس.
ويفصل “الخط الأصفر” بين مناطق انتشار الجيش الإسرائيلي، والبالغة أكثر من 50 بالمئة من مساحة القطاع شرقا، والمناطق التي يسمح للفلسطينيين بالتحرك فيها غربا.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة مصر وقطر وتركيا ورعاية واشنطن، الإبادة في غزة، التي خلفت أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد عن 170ألف مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء، بينما قدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار.