وزارة التعليم تستنجد بمتقاعديها.. خبراء: خطوة إيجابية تتطلب الإنصاف والشمولية
وجهت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة دعوتها إلى نساء ورجال التعليم من المتقاعدين لتقديم دروس الدعم الممتد لتلامذة مؤسسات الريادة.
وخاطبت الوزارة في إعلان لها، منتسبيها من المتقاعدين بالقول شارك خبرتك التربوية الغنية انضم إلى برنامج الدعم الموسع المعتمد بمؤسسات واعداديات الريادة، وساهم في دعم تلاميذنا ومساعدة الجيل الجديد على النجاح.
وتابعت مخاطبة نساء ورجال التعليم المتقاعدين، إن خبرتكم وانخراطكم يصنعان الفرق، مطالبة إياهم بالتواصل مع المديرية الإقليمية الأقرب إليهم لتأكيد رغبتهم في الانضمام إلى هذا البرنامج والمساهمة في مبادرة وطنية ترتقي بتعليم أبنائنا وتعطي لخبرتكم حياة جديدة.
الخبير التربوي الحسين الزاهيدي ثمن فكرة الاستفادة من الخبرات المغربية في مجال التربية والتكوين، معتبراً أنها “خطوة إيجابية لتصحيح الخطأ الذي وقع في البداية والمتعلق بنقص الخبرة والكفاءة، وهو ما يبدو أن الوزارة قد استوعبته”.
لكن ومع ذلك، شدّد الزاهيدي على أن “تنزيل هذا التوجه يجب أن يراعي شرطين أساسيين، الأول هو أن يتم اختيار الأساتذة المتقاعدين بعناية، وانتقاء من تتوفر فيهم الشروط والكفايات اللازمة”، موضحاً أن “هذا الأمر يتطلب من الوزارة الرجوع إلى ملفاتهم التربوية والمهنية، بما يجعل دائماً المصلحة الفضلى لكل تلميذ فوق كل اعتبار”.
أما المسألة الثانية التي نبه إليها الزاهيدي، فهي “ضرورة ألا تقتصر هذه العملية النبيلة والجيدة جداً على نوع واحد من المؤسسات، مثل مدارس الريادة فقط، فهذا البرنامج يخدم مصلحة التلميذ المغربي كيفما كان، ولا يجب الوقوع في خطأ تكريس التفاوتات أو المساس بمبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص”.
وشدد على أن “المصلحة الفضلى للتلميذ المغربي عموماً يجب أن تبقى فوق كل اعتبار، وأن يستفيد الجميع دون استثناء، لأن حصر الاستفادة في نوع معين من المدارس سيعمق هذه التفاوتات، وهو أمر غير مقبول، وغير دستوري، وغير أخلاقي، ويتنافى مع مبادئ المرفق العام ومع مبادئ المنظومة التربوية”.
من جانبه، اعتبر رضا بوكمازي، وكيل دعم العريضة الوطنية الموجهة لرئيس الحكومة للمطالبة بإلغاء قرار تسقيف سن التوظيف، أنه “من الجميل جدا أن وزارة التربية الوطنية تفكر في رفع منسوب التعلمات عند تلاميذ المدرسة العمومية وهذا أمر لا يمكن للإنسان إلا أنه ينوه به ويحييه”، ولكنه أكد أن “المدخل الذي اعتمدته الوزارة في هذا الإطار يطرح إشكاليتين”.
وأوضح أن “الإشكال الأول يتعلق بتكريس الفوارق بين المتمدرسين على مستوى المدرسة العمومية لأن الإعلان يظهر أن الأمر يتعلق فقط بالتلاميذ المتواجدين بمدارس الريادة والذين يبلغ عددهم 2.3 مليون تلميذ تقريبا في حين أن عدد المتمدرسين في المغرب يفوق 8.5 مليون، ما يعني أن أكثر من ثلاثة أرباع من المتمدرسين غير معنيين بهذه المبادرة”.
كما أضاف أن الوزارة خصصت مبالغ واعتمادات مالية كبيرة لمدارس الريادة، في حين أن ما يظهر الآن هو أنهم بحاجة إلى دعم على مستوى التعلمات.
أما الإشكال الثاني فيتعلق بفرص الشغل، إذ أوضح بوكمازي أنه “في الوقت الذي يعاني فيه المغرب من أزمة بطالة غير مسبوقة، وفي الوقت الذي يُفترض فيه أن تفكر الحكومة في آليات إدماج الشباب في القطاع العمومي، تلجأ الوزارة اليوم إلى فئة من المواطنين الذين أنهوا مسارهم الوظيفي ويتمتعون باستقرار اجتماعي مرتبط بالحصول على التقاعد”.
وأشار في هذا الصدد، إلى أنه “كان من الأولى بالوزارة أن تُوجّه هذا الغلاف المالي وعدد الساعات المطلوبة نحو توظيف أطر الدعم داخل الأكاديميات، بعدد معقول يستجيب لحاجياتها في تقديم الدعم للتلاميذ”.
كما أكد أن “هذا التوجه يتعارض مع قرار الوزارة المتعلق بتسقيف سن التوظيف، حيث تقول إنها تحتاج إلى أطر شابة لا يتجاوز سنها 30 أو 35 سنة لتقديم خدمات تعليمية ذات جودة أكبر”، وتساءل “كيف لها اليوم أن تلجأ إلى المتقاعدين؟”،.
وفي غضون ذلك، شدد رضا بوكمازي على أنه “إذا كان هذا هو منطق الوزارة، فإن الأولى هو رفع سقف سن الولوج إلى الوظيفة العمومية إلى الحد القانوني المنصوص عليه، أي 45 سنة”، لافتا إلى أن “هذا الوضع يعكس حالة من التخبط والعشوائية والعبث التي تسود داخل الوزارة”.