story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

ملف الصحراء: إخفاق المسار الأممي وضرورة تجديد الرؤية الوطنية في ظل قرار مجلس الأمن الأخير

ص ص

على مدار اكثر من ثلاثة عقود، ظل ملف الصحراء داخل منظومة الامم المتحدة يتحرك في دائرة مفرغة. قرارات مجلس الامن تتكرر سنويا بصيغ عامة ومفتوحة على التأويل، تتحدث عن “حل سياسي واقعي ودائم”، بينما الواقع على الأرض لا يشهد أي تحول جوهري، الا ان قرار مجلس الامن الصادر يوم 31 اكتوبر 2025 جاء ليضع الحكم الذاتي المغربي كحل انجح واكثر واقعية، مع محاولة “امساك العصا من الوسط”، اذ تضمن القرار ايضا عبارة “حق تقرير المصير”، مما يتيح لجميع الاطراف مساحة لتأويله بما يخدم مواقفها. هذا التوازن بين الاعتراف بالحل العملي وترك مجال لتفسيرات متعددة يجعل القرار محطة مهمة تتطلب قراءة دقيقة وحذر سياسي.

الجذور التاريخية للمأزق

بدأ النزاع منذ سبعينيات القرن الماضي مع انسحاب اسبانيا وظهور حركة التحرير الوطنية، وما تبعها من صراع مع جبهة تطالب بالاستقلال. حاولت الامم المتحدة صياغة مسار يوازن بين حق تقرير المصير ومصالح الاطراف الاقليمية، لكنها اصطدمت دوما بالضغوط الدولية والاقليمية.

قرار 31 اكتوبر 2025 يعكس هذه الديناميكية، وهو يدعم الحكم الذاتي الموسع كمسار واقعي وقابل للتطبيق، ويكرر في الوقت نفسه عبارة “حق تقرير المصير”، مما يعني ان اي تقييم للمسار يجب ان يأخذ بعين الاعتبار امكانية تفسيرات مختلفة من قبل اطراف النزاع والدول الكبرى، وهو ما يوضح ان القرار حاول امساك العصا من الوسط بحيث يمكن لكل طرف ان يجد فيه ما يتوافق مع موقفه.

المبعوثون الامميون وتكرار الفشل

تكرار ارسال مبعوثين اممين دون اختراق جوهري للمسار يعكس ضعف الاطار الاممي. القرار الاخير، وهو ايجابي، لا يزيل هذا الخلل البنيوي، ويمنح المبعوثين اطارا اكثر وضوحا للتوجيه نحو الحكم الذاتي المغربي مع مراعاة الحذر من تفسيرات اخرى قد تستند الى حق تقرير المصير، وهو ما يتطلب ارادة وطنية واضحة للنجاح.

الخريطة الجيوسياسية: مصالح متشابكة وتأثيرات خارجية

الملف مرتبط بمصالح متعددة: الولايات المتحدة، فرنسا، الاتحاد الاوروبي، وقوى اقليمية مختلفة. القرار الاخير يوفر للمغرب ورقة قوية لتعزيز استقلالية القرار الوطني، كما يتطلب ادارة دقيقة لتأويلات “حق تقرير المصير” التي قد تستخدمها بعض الاطراف لتعطيل مسار الحكم الذاتي.

الخلل البنيوي في المقاربة الاممية

المينورسو بقيت مهمتها محدودة. القرار الاخير يشير الى امكانية تعزيز دور الامم المتحدة لدعم تطبيق الحكم الذاتي، ويظل الباب مفتوحا لتفسيرات قانونية حول حدود هذا الحكم وحق تقرير المصير، ما يعني ان تنفيذ القرار يحتاج الى ارادة وطنية واضحة ومرونة دبلوماسية.

القراءة القانونية لمسار الامم المتحدة وقرارات مجلس الامن

قرار 31 اكتوبر 2025 يمثل تقدما لانه يربط الحل السياسي بـالحكم الذاتي المغربي، اذ يكرر عبارة “حق تقرير المصير”، وهو ما يظهر ان القرار حاول امساك العصا من الوسط بحيث يمكن لكل طرف ان يجد فيه ما يتوافق مع موقفه، سواء المغرب او البوليساريو او المجتمع الدولي. لذلك يعتمد نجاح المسار على الموقف الوطني الواضح والقدرة على ضبط التأويلات وتوجيه المفاوضات نحو تطبيق عملي ومستدام.

الابعاد الداخلية للمسار الوطني وقيم الديمقراطية والعدالة

تنفيذ الحكم الذاتي يحتاج الى رؤية وطنية واضحة وتعزيز المشاركة السياسية، مع معالجة الفوارق التنموية والاجتماعية في الصحراء. هذه الرؤية الوطنية هي الضمان لتثبيت اي تسوية، وضمان الا تتحول عبارة “حق تقرير المصير” في القرار الى اداة لتعطيل الحل العملي.

السيناريوهات المستقبلية للمسار:
• الاكثر ترجيحا: ممارسة الولايات المتحدة ضغوطا على البوليساريو لقبول الحكم الذاتي المغربي، الا ان القرار نفسه، كونه حاول امساك العصا من الوسط، يترك التفاصيل الدقيقة لتنفيذه معقدة وتتطلب ادارة حذرة للتأويلات القانونية والسياسية للقرار الاممي.
• التباطؤ: محاولات بعض الاطراف لتأويل “حق تقرير المصير” بما يبطئ تقدم المسار، الا ان تأثيرها سيظل محدودا امام الالتزام الوطني الواضح.
• الاقل احتمالاً: تصعيد اقليمي نتيجة رفض الاطراف، وهو سيكون محدود التأثير اذا تم الالتزام بالقرار الوطني العملي.

اهمية الرؤية الوطنية المستندة الى العدالة في تجاوز الجمود

الحل المستدام يبدأ من الداخل، بالتمسك بالحكم الذاتي الموسع كأساس للتسوية، مع ادارة ذكية لتأويلات “حق تقرير المصير” الواردة في القرار. اي محاولة لتسوية خارج هذه الرؤية ستظل هشة، بينما الالتزام بالشرعية الشعبية وبالقرار الاممي الاخير يوفر الارضية الحقيقية لتحقيق استقرار طويل المدى.

خاتمة

قرار مجلس الامن الاخير يوم 31 اكتوبر 2025 يشكل فرصة استراتيجية لتثبيت الحكم الذاتي المغربي كحل انجح، اذ يفرض الحذر من التأويلات المتعددة لعبارة “حق تقرير المصير”، ويبرز ان القرار حاول امساك العصا من الوسط بما يتيح لكل طرف ان يجد فيه ما يتوافق مع موقفه. ان بناء رؤية وطنية متوازنة بين القانون الدولي والمصلحة الوطنية والشرعية الشعبية هو الضمان الوحيد لاعادة الملف الى مساره الطبيعي، بعيدا عن التأثيرات الخارجية، وضمن افق يعكس حقوق الشعب وكرامة الوطن.