شبح العطش يخيم على الدار البيضاء ودعوات لاعتماد حلول غير تقليدية لمواجهة الخصاص المائي
أرخى موضوع التدبير الاستباقي والمستدام للموارد المائية بالدار البيضاء، بظلاله خلال اللقاء التشاوري الذي انعقد مطلع الأسبوع الجاري بمقر ولاية جهة الدار البيضاء–سطات، وذلك بسبب ما يعيشه الحوض المائي أم الربيع من ضغط شديد وتغيرات مناخية متسارعة، وهو الحوض الذي تعتمد عليه المدينة بشكل أساسي في تلبية حاجياتها من الماء.
وشهد اللقاء، الذي افتتحه والي الجهة محمد مهدية وحضره منتخبون وفاعلون من المجتمع المدني، نقاشات واسعة حول ضرورة اعتماد حلول غير تقليدية لمواجهة الخصاص المائي وتخفيف الضغط على الموارد المتاحة.
وفي هذا الإطار، قدم كريم كلايبي، عضو مجلس جماعة الدار البيضاء عن حزب الأصالة والمعاصرة، جملة من التدابير الاستباقية الهادفة إلى ترشيد استهلاك الماء وتعزيز البدائل المستدامة.
ودعا كلايبي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إلى تسريع تعميم محطات معالجة المياه العادمة، مع إلزام المشاريع العمرانية الكبرى، وملاعب الغولف، والمساحات الخضراء، باستعمال هذه المياه المعالجة للحد من استنزاف السدود والفرشات المائية.
كما شدد المسؤول الجماعاتي على ضرورة استخدام المياه المعالجة في عدد من الأنشطة الصناعية التي لا تستلزم بدورها مياه صالحة للشرب، مقترحا في نفس الموضوع، إحداث محطات معالجة مياه مصغرة داخل المناطق الصناعية الكبرى بالمدينة.
وأبرز كلايبي أيضاً أهمية تجهيز البنايات الجديدة والمرافق العمومية بوسائل النجاعة المائية لترشيد استهلاك هذه المادة الحيوية.
ويتطلب هذا الأمر، وفق تعبيره، تفعيل دفاتر التحملات الخاصة بالمشاريع العقارية الجديدة بشكل صارم، لتشمل تجهيزات اقتصاد الماء مثل الحنفيات منخفضة التدفق، وأنظمة السقي الذكي، والعدادات الذكية.
ومن جانب آخر، شدد المتحدث على ضرورة إطلاق حملة تواصلية وتحسيسية مستمرة ومبتكرة لتغيير سلوك المواطنين والمقاولات في التعامل مع الماء باعتباره “مورداً نادراً”.
وأكد أن هذه الحملات ينبغي أن تستهدف المدارس والأحياء والمصانع طوال السنة، “لا أن تقتصر على فترات الجفاف، مع إشراك جمعيات المجتمع المدني بشكل فعال”.
وتبقى جهة الدار البيضاء – سطات، من بين الجهات الأكثر تأثرا، بحيث باتت تقف على شفا موجة عطش غير مسبوقة، بعدما انخفضت نسبة ملء السدود المزودة للجهة إلى مستويات حرجة.
وتعتمد جهة الدار البيضاء- سطات بشكل أساسي على حوض أم الربيع، الذي لا تتجاوز نسبة ملئه 8,6%، أما سد المسيرة، الذي يُعد الخزان الرئيسي لتزويد العاصمة الاقتصادية بالماء الشروب، فقد تراجعت نسبة ملئه إلى 2% فقط، ما ينذر بأزمة غير مسبوقة في تزويد المدينة بالمياه الصالحة للشرب والمياه الموجهة للري.
وتبدو وضعية سد ابن معاشو، هو الآخر، أكثر خطورة، إذ لا تتعدى نسبة ملئه 1%، في مؤشر واضح على حالة الطوارئ المائية التي تعرفها الجهة، والتي تتطلب تدابير عاجلة واستثنائية لضمان استمرارية تزويد الجهة بالماء على المدى القريب.