صفقة الأدوية.. الوزير: تمرير الصفقات يخصع لرقابة صارمة ولا مجال لقرارات فردية
رداً على الجدل المثار حول “فضيحة” استيراد الأدوية التي فجرها رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بووانو، شدد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، على أن “الصفقات العمومية لا تُبرم مع أشخاص ذاتيين، بل مع شركات خاضعة للقانون التجاري”، مؤكدا أن تمريرها يتم بقواعد صارمة ولا يخضع لأي اجتهادات شخصية أو قرارات فردية.
وأوضح الوزير خلال مداخلته أمام لجنة القطاعات الاجتماعية الأربعاء 19 نونبر 2025، أن جميع عمليات اقتناء الأدوية تتم حصرياً في إطار القانون، وتخضع لمنظومة الصفقات العمومية ومرسوم يحدد بدقة قواعد المنافسة وشروط المشاركة ومساطر الترشح ومبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص.
كما شدد على أن هذه الصفقات تُعلن مسبقاً على البوابة الوطنية للصفقات العمومية، وتخضع لرقابة صارمة من المصالح المختصة بوزارة المالية، “ما يجعل قرارات الاقتناء غير خاضعة لأي اجتهادات شخصية أو قرارات فردية”.
وجاء الاجتماع الذي دعت إليه الحكومة بعد أن كان عبد الله بووانو قد كشف خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، الخميس 13 نونبر 2025 أن “ تمرير وزير الصحة لصفقة كلوريد البوتاسيوم عبر وزير آخر يمتلك شركة في مجال المواد الصيدلية، بعدما قررت الشركة المنتجة رفع ثمن الدواء بسبب استثماراتها”.
وفي هذا السياق، قدّم الوزير توضيحاً حول صفقة تزويد السوق بالبوتاسيوم، مؤكداً أنها أُسندت لشركة محلية منتجة وفي إطار طلب عروض صارم، وليس لشركة مستوردة ذات ترخيص مؤقت كما تم الادعاء داخل البرلمان
وأشار التهراوي إلى أن “تدبير التراخيص الخاصة بالأدوية كان في السابق موكولاً إلى مديرية داخل الوزارة، وقد أظهرت تقارير رقابية واستطلاعية صدرت في سنتي 2015 و2021 وجود اختلالات بنيوية في النظام القديم، مع توصيات واضحة بإحداث وكالة وطنية مستقلة لتدبير الأدوية والمنتجات الصحية”.
وأضاف الوزير أن الحكومة بادرت إلى تنفيذ هذه التوصيات من خلال تأسيس الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية وفق القانون 22.10، مع تعيين ملكي للمدير العام للوكالة، في دلالة على الأهمية الاستراتيجية لهذه المؤسسة.
وأوضح التهراوي أن الوكالة تضطلع بتنفيذ التوجهات الاستراتيجية للدولة في السياسة الدوائية، بما يشمل ضمان السيادة الدوائية، تأمين التوافر المستمر للأدوية، ضبط الجودة والسلامة، واعتماد حكامة مستقلة وصارمة ذات بعد تقني.
وفي غضون ذلك، شدد الوزير على أن “إصلاح المنظومة الصحية يشكل ورشاً وطنياً استراتيجياً ولبنة أساسية في بناء الدولة الاجتماعية”، داعياً إلى الارتقاء بمستوى الخطاب العمومي وتحصينه من المزايدات التي لا تخدم المواطن ولا الوطن.
وفي ما يتعلق بالسياسة الدوائية، المسؤول الحكومي أن من أهم رهانات الحكومة تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الحيوية ذات الحساسية العالية، انسجاماً مع التوجهات الكبرى للدولة الرامية إلى تعزيز السيادة الدوائية والصناعية، وتقليص التبعية للأسواق الخارجية وتقلباتها، وحماية المرضى من مخاطر الانقطاعات أو الأزمات الدولية المفاجئة.
وأشار إلى أن تطوير إطار تضارب المصالح ليس مسؤولية قطاع الصحة وحده، بل يشكل ورشاً تشريعياً جماعياً يمكن للبرلمان بلورته حسب الصيغة التي يراها مناسبة، مؤكداً “التزام الإدارة بتطبيق القوانين الحالية دون انتقائية أو استثناءات”.
وشكر اللجنة البرلمانية على الاستجابة السريعة لطلبه الشخصي بعقد الاجتماع، مؤكداً أن هذه المبادرة تأتي احتراماً للدستور وانسجاماً مع الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية، وأنه ملتزم بالكامل بالوضوح والشفافية أمام ممثلي الأمة والرأي العام.
وأوضح التهراوي أن “حضوره أمام اللجنة ليس إجراءً شكلياً، بل رسالة واضحة بأن الوزارة لا تخفي شيئاً، وأن النقاش المؤسساتي داخل اللجنة هو الإطار الطبيعي والسليم لمناقشة كل ما يتعلق بملف الأدوية، سواء تعلق الأمر بالصفقات العمومية، أو بالتراخيص الاستثنائية، أو بالادعاءات المثارة حول تضارب المصالح”.