خبراء: وثيقة 2007 لم تعد كافية والمغرب مطالب بمبادرة أكثر جرأة في الصحراء
قال أحمد نور الدين، الخبير في ملف الصحراء والمتخصص في العلاقات الدولية، إنه “لا ينبغي التعامل مع الأحزاب وكأنها مكاتب دراسات عند صياغة مقترحاتها المتعلقة بتحديث مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء”، مشددا على أن “الأحزاب غير مطالبة بالاصطفاف مع الموقف الرسمي للدولة، بل عليها التعبير عن موقف الشعب المغربي والتضحيات التي قدّمها في هذا الملف”.
وأضاف نورالدين في مداخلته خلال ندوة “تطورات ملف الصحراء المغربية بعد قرار مجلس الأمن رقم 2797″، نظمها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الاثنين 17 نونبر 2025، أنه “يجب على الأحزاب أن تتحرر من الموقف الرسمي للدولة ولصيغة سنة 2007، في ما يخض مقترح الحكم الذاتي”، منتقدًا مَن يقول بأن وثيقة 2007 غير قابلة للمراجعة.
وأوضح المتحدث أن السياق تغير، “فالمغرب اليوم في موقع سياسي واقتصادي أقوى، وشهد الملف تطورات مهمة، من بينها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وهو ما لم يكن قائمًا سنة 2007”.
وفي السياق نفسه، دعا نور الدين الأحزاب السياسية إلى استغلال فرصة إعداد مقترحاتها لتقديم مقترحات أكثر ديمقراطية، ورفض أي تصور لـ”حكم ذاتي يمنح كل الصلاحيات”.
كما حثّها على الدفع في اتجاه مراجعة قوانين الجهات والجماعات، موضحًا أنه “لا يُعقل أن تُمنح أقاليم الصحراء صلاحيات واسعة في إطار الحكم الذاتي، بينما تظل باقي الجهات مقيّدة إلى حدّ أن المجلس المنتخب لا يمكنه حتى مباشرة جدول أعماله دون موافقة الإدارة الترابية”، محذرا من أن استمرار هذا التفاوت سيجعل المغرب يسير “برجلٍ أعرج”.
وفي حديثه عن النسخة المحينة لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء التي سيقدمها المغرب، شدد المتحدث على “ضرورة ألا تتضمن الوثيقة الجديدة أي تنازلات، على خلاف بعض العناصر التي تضمنتها وثيقة سنة 2007”.
كما أضاف أن “ديباجة وثيقة مبادرة الحكم الذاتي المحيّنة التي سيتقدم بها المغرب، يجب أن تذكر السياق العام، لكي لا يترك المجال فارغا، حتى يقال بأن الحسم جاء بعد تفضل الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بمغربية الصحراء”.
من جانبه، قال وزير الاتصال الأسبق والخبير في ملف الصحراء المغربية، مصطفى الخلفي، خلال مداخلته في الندوة نفسها، إن “رهانات المغرب عبر منح الصحراء حكما ذاتيا تفرز عدة تحديات”، مشيرًا إلى أن “الوثيقة المقدمة سنة 2007 جعلت البعض يعتقد أنها لا تقدم حكمًا ذاتيًا حقيقيًا، كما أنها تحتوي على أخطاء وثغرات قد تحمل مخاطر الانفصال”.
وفي هذا السياق، أشار الخلفي إلى أن “الثروات الصحراوية تبقى في يد الدولة المركزية، بينما يأتي حق الجهة لاحقًا، رغم أن الحكم الذاتي أساسًا يقوم على بعد اقتصادي”، مشيرا إلى تحدٍ آخر محتمل، “إذا صوّت البرلمان في الصحراء المغربية بعد منحها الحكم الذاتي لصالح الانفصال، وما يطرح من تساؤلات حول الضمانات لمنع حدوث هذا الخيار”.
وأضاف الوزير الأسبق، أن “هناك إشكالية سلاح الجبهة، وقضايا العودة المرتبطة بها، ومرحلة الانتقال أو الانتقال المباشر للحكم الذاتي، فضلا عن دور الأحزاب الجهوية، واتفاقية الاستثمار في غاز الجبيلات، ناهيك عن التحديات المتعلقة بالتعديلات الدستورية المطروحة ضمن نصنا الدستوري في هذا المسار”.
وفي غضون ذلك، شدد الخلفي على أن “المغرب بعد القرار الأممي، بات أمام أربع استحقاقات رئيسية، أولها إخراج الملف من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وثانيها قيادة معركة لطرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، والاستثمار في ثقافة خطاب الوحدة، ثم طرح مقترح للحكم الذاتي مسؤول ويعكس إرادة حقيقية لطي النزاع”.