story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

الطعن في السراح المؤقت.. محامي: استثناءات مبررة لكن الاعتقال الاحتياطي توسع بشكل مقلق

ص ص

في الوقت الذي يرتقب فيه دخول مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد حيز التنفيذ بعد ثلاثة أسابيع، يتواصل النقاش حول مضامينه وآثاره المتوقعة على حقوق المتقاضين وضمانات المحاكمة العادلة، خاصة مع صدور منشور لرئاسة النيابة العامة بخصوص تفعيل هذه المقتضيات.

وفي هذا السياق، تُسجَّل واحدة من أبرز التحولات في قانون المسطرة الجنائية الجديد، الذي صدر في الجريدة الرسمية في شتنبر الماضي، والتي ترتبط بقرارات السراح المؤقت والطعن فيها.

فبعدما كانت جرائم المسّ بالمقدسات، إلى جانب الاتجار غير المشروع في المخدرات، تدخل ضمن الاستثناءات التي يترتب عليها تلقائياً إيقاف تنفيذ قرار السراح المؤقت بمجرد طعن النيابة العامة، اختفى هذا المقتضى من النص الجديد كلياً.

وفي هذا الصدد، أفادت رئاسة النيابة العامة أن القانون رقم 03.23 أدرج فيما يتعلق بطرق الطعن “تعديلين هامين على الطعون المقدمة أثناء ممارسة الدعوى العمومية”.

فخلافاً لما هو مقرر بمقتضى النص النافذ حالياً، الذي ينص على أن الطعن بالاستئناف في القرار القاضي بالسراح المؤقت من طرف النيابة العامة ينتج عنه استمرار اعتقال المتهم في الجنح الماسة بالمقدسات والإتجار غير المشروع في المخدرات، تم تغيير هذه الأحكام بمقتضى التعديل الجديد.

وبحسب النص الجديد، يصبح المتهم “مفرجاً عنه فوراً” رغم استئناف النيابة العامة، إلا إذا كانت الجرائم المعنية تتعلق بأمن الدولة أو الإرهاب. كما نبه منشور النيابة العامة إلى أن المشرع “أكد نفس الاستثناء بمناسبة تنظيم الطعن بالاستئناف في قرار الإفراج المؤقت الصادر عن غرفة الجنايات الابتدائية، الذي تختص بالبت فيه غرفة الجنايات الاستئنافية”.

وأوضح المحامي في هيئة الدار البيضاء، الحسن السني، أنه إذا منحت المحكمة السراح المؤقت للمتابع في حالة اعتقال حالياً، “فإنه يفرج عنه فوراً”، سواء كانت محكمة ابتدائية أو استئنافية، مشيراً إلى أن هذا يحدث حتى لو قامت النيابة العامة بالطعن بالاستئناف، “لأن الطعن لا يوقف التنفيذ”.

وأضاف السني في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” أن الاستثناء الوحيد في القانون الحالي يتعلق بجرائم المسّ بالمقدسات والاتجار غير المشروع بالمخدرات، إذ في هاتين الحالتين “يؤدي استئناف النيابة العامة لقرار السراح المؤقت إلى إيقاف تنفيذه إلى أن تبت محكمة الاستئناف في الموضوع”.

لكن بمقتضى مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في دجنبر 2025، سيتم تعديل هذين الاستثناءين. وسيصبح إيقاف تنفيذ قرار السراح المؤقت مرتبطاً بجرائم المسّ بأمن الدولة، أو جرائم الإرهاب.

وشدد المتحدث على أنه في هاتين الحالتين فقط سيؤدي طعن النيابة العامة في قرار الإفراج المؤقت إلى تجميد تنفيذه إلى غاية صدور قرار محكمة الاستئناف، التي قد تؤيد الإفراج أو تلغيه وتقرر استمرار الاعتقال.

ويرى الحسن السني أن هذا التغيير “يبدو مبرراً بالنظر إلى خطورة الجرائم المشمولة بالاستثناء”.

لكن الإشكال الحقيقي، بحسب السني، لا يتعلق فقط بنظام الطعن، “بل يكمن أساساً في توسيع نطاق الاعتقال الاحتياطي الذي جاء به النص الجديد”، إذ أصبحت حالاته كثيرة جداً، “كما أن الصياغة المعتمدة لتبرير الاعتقال الاحتياطي عامة وفضفاضة، مما يتيح مجالاً واسعاً للتأويل”.

وقد يؤدي ذلك عملياً، يضيف المتحدث، “إلى جعل الاعتقال الاحتياطي هو القاعدة، بينما يصبح السراح المؤقت الاستثناء، وهو ما يناقض الفلسفة الأصلية للتدبير الاحترازي”.

أما بخصوص التعديل الثاني على مستوى طرق الطعن، فأشارت النيابة العامة إلى أنه أصبح ينتج عن إقامة الدعوى العمومية عن طريق الاستدعاء المباشر من الطرف المدني “توسيع آثار الطعن بالاستئناف الذي يباشره هذا الأخير”.

هذا الأمر يترتب عليه نظر غرفة الجنح الاستئنافية في الدعويين العمومية والمدنية معاً، “فتكون للطعن بالاستئناف الذي يقدمه الطرف المدني الذي أقام الدعوى العمومية نفس آثار الطعن بالاستئناف المخول للنيابة العامة في الدعوى العمومية، وينطبق نفس الأمر على الطعن بالنقض الذي يباشره هذا الطرف المدني، إذ يترتب عنه نظر محكمة النقض في الدعويين العمومية والمدنية معاً”.

ويشير المحامي الحسن السني إلى أن هذا النص يبرز مستجداً تشريعياً مهماً، إذ أن الأصل في الدعوى العمومية أن النيابة العامة “هي التي تقيمها، وهذا هو المبدأ العام”. لكن هناك استثناء، يوضح المتحدث، “يجوز للطرف المدني إقامة الدعوى العمومية عن طريق الشكاية المباشرة، متى توفرت شروطها القانونية”.

عندما يصدر حكم ابتدائي ضد المطالب بالحق المدني، سواء بعدم الاستجابة لطلباته أو ببراءة المشتكى به أو بعدم قبول الشكاية المباشرة، وكان المطالب بالحق المدني قد طعن فيه بالاستئناف، فإن القانون السابق كان يقضي بأن محكمة الاستئناف تحصر نظرها فقط في الجانب المدني، ولا تتطرق للجانب المتعلق بالدعوى العمومية، طالما أن النيابة العامة لم تستأنف الحكم.

وبذلك كان دور محكمة الاستئناف، يضيف السني، “أقرب إلى دور محكمة مدنية بحتة في هذا النوع من الطعون”.

أما بمقتضى التعديل الجديد، فقد أصبح استئناف الحكم من طرف المطالب بالحق المدني وحده، حتى دون استئناف النيابة العامة، “يؤدي إلى نشر الدعوى كاملة من جديد أمام محكمة الاستئناف”. أي إن محكمة الاستئناف تصبح ملزمة بالنظر في الدعوى العمومية أيضاً، وإعادة تقييم عناصرها، ولها أن تؤيد الحكم أو تلغيه، وقد تقضي بإدانة المشتكى به أو ببراءته، ثم تبت بعد ذلك في الدعوى المدنية التابعة، بحسب المتحدث.

ويعتبر السني هذا التعديل مهم، “لأنه منطقي من الناحية التشريعية”، فإذا كان المشرّع قد أجاز للطرف المدني إقامة الدعوى العمومية مباشرة منذ البداية، فمن الطبيعي أن “يستمر هذا الأثر أمام محكمة الاستئناف، بحيث يُعاد نشر الدعوى بجانبيها العمومي والمدني معاً”.

ويُتوقع، بحسب المحامي في هيئة الدار البيضاء، أن يُسهم هذا التوجه في ضمان حماية أفضل لحقوق الأطراف وتحقيق مزيد من الانسجام في مسار الدعوى.