النيابة العامة تلتمس مصادرة أموال المخدرات وإدانة المتهمين في ملف “إسكوبار الصحراء”
التمست النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء إدانة المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بملف “إسكوبار الصحراء”، مع مصادرة الأموال المتحصلة من الاتجار الدولي بالمخدرات، مؤكدة أن تفاصيل الملف تعكس وجود شبكة إجرامية دولية منظمة.
وخلال جلسة يوم الخميس 13 نونبر 2025، قدّم نائب الوكيل العام للملك مرافعته، مبرزًا أن الأدلة المتوفرة تثبت تورط المتهمين، خصوصًا المتابعين بتهم الاتجار في المخدرات، ملتمسًا في الوقت ذاته مصادرة المبالغ المالية المتحصلة من هذا النشاط الإجرامي.
وأوضح نائب الوكيل العام أن بداية تفجّر هذه القضية تعود إلى إيقاف المواطن المالي المسمى الحاج أحمد بن إبراهيم والملقب بـ “إيسكوبار الصحراء”، الذي تبيّن تورطه في قضية سابقة عُرضت أمام محاكم مدينة الجديدة بالتهم نفسها، في إشارة إلى عملية إحباط تهريب 40 طناً من المخدرات، والتي كشفت التحقيقات حينها أن “إسكوبار الصحراء” قام باستيرادها من الصين.
وأضاف ممثل النيابة العامة أن الأبحاث الأولية التي انطلقت من واقعة الجديدة أفرزت قضايا متفرعة ومتزامنة مع أفعال إجرامية أخرى، شكّلت موضوع ملاحقات قضائية بحق بعض المتهمين قبل إيقاف المالي، الملقب بـ”إسكوبار الصحراء”.
وردًا على دفوعات دفاع المتهمين المتعلقة بالتقادم الجنحي المحدد في أربع سنوات، أكدت النيابة العامة أن سريان التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ إيقاف المتهمين، مستندة في ذلك إلى المادة السادسة من قانون المسطرة الجنائية.
وأوضحت أن الحكم الصادر ضد الحاج بن إبراهيم والمؤيد استئنافيًا بتاريخ 10 فبراير 2020 في قضية الجديدة، يجعل الدفع بالتقادم غير ذي أساس، لاسيما وأن إجراءات التحقيق في قضية “إسكوبار الصحراء” بدأت سنة 2023.
كما شددت النيابة العامة على أن اعترافات المتهمين الواردة في المحاضر تُعد وسيلة إثبات مستقلة، يتعيّن الأخذ بها، خاصة وأنها مدعّمة بمعاينات ميدانية وإجراءات تفتيش وحجز.
وأشارت إلى أن المتهم (عبد القادر.ع) ضُبط متلبسًا في أكتوبر 2023 بحيازة 77.5 كيلوغراما من مخدر الشيرا، مؤكدة أن عملية توقيفه كانت قانونية بمقتضى النصوص التي تسمح بالتفتيش في قضايا المخدرات.
كما كشفت النيابة العامة عن حجز طائرة بدون طيار تُستعمل لمراقبة مسارات التهريب، إضافة إلى صفائح معدنية أجنبية لم يتم تبرير مصدرها.
وقدمت النيابة أدلة اعتبرتها قاطعة، تؤكد صحة المحاضر الرسمية، مستندة إلى اعترافات عدد من المتهمين أمام قاضي التحقيق أو أمامها مباشرة. ومن بين هذه الاعترافات ما أدلى به المتهم “علال.ح”، الذي أقرّ بتواصله مع كل من “عبد القادر.ب” و”جمال.م”، كما أقرّ المتهم “سليمان.ح” بأن “علال.ح” كلّفه بتهريب المخدرات.
وأوضحت النيابة العامة أن تصريحات “علال.ح” كانت دقيقة ومنسجمة، بحيث أفاد بأن أحد المتهمين المدعو “المير بلقاسم”، وهو صهر عبد النبي بعيوي الرئيس السابق لجهة الشرق وأحد المتهمين الرئيسيين في هذا الملف، عرض عليه المشاركة في تهريب المخدرات عبر الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر، واستقطب لذلك عددا من الأشخاص للمساعدة في تنفيذ هذه العمليات.
وبيّن ممثل الحق العام أن “علال.ح” اعترف بعلاقته بـ “إسكوبار الصحراء”، موضحا أن الهدف من هذه العلاقة كان العمل بشكل منظم لفائدة عبد النبي بعيوي وصهره المير بلقاسم، وهو ما يؤكد، حسب النيابة العامة، “وجود شبكة إجرامية متكاملة تحدد الأدوار والمراحل في عمليات النقل والتهريب”، حيث تولى المتهم “علال.ح” مهمة نقل كميات المخدرات داخل الأراضي الجزائرية وصولا إلى وجهتها النهائية.
واستنادا إلى مجمل هذه المعطيات، خلصت النيابة العامة إلى أن الأدلة القطعية تقتضي مؤاخذة جميع المتهمين في جرائم الاتجار الدولي بالمخدرات، حتى أولئك الذين أنكروا التهم المنسوبة إليهم.