story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

الحكم الذاتي في الصحراء.. كيف سيُنزل القرار على الأرض وما آثاره على المنطقة والبلاد؟- حوار

ص ص

بعد القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن الدولي يوم 31 أكتوبر 2025، الذي دعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية وقدمها كإطار مقبول وواقعي لمعالجة النزاع، طُرحت أسئلة عديدة حول مضمون القرار وكيفية تنزيله على الأرض وكذا آثاره على المنطقة والبلاد ككل.

وعلى رأس هذه الأسئلة: ماذا يعني الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؟ وما الجديد الذي جاء به القرار الأممي؟ وكيف سيؤثر هذا القرار على التنمية المحلية والديمقراطية في الأقاليم الجنوبية؟ وما هو دور بعثة المينورسو بعد القرار؟ وأخيرًا، ماذا سيحدث إذا رفض أحد الأطراف تطبيق القرار؟

لتوضيح هذه النقاط، كان لصحيفة “صوت المغرب” حوار مع أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال، كمال الهشومي، الذي قدم الأجوبة الضرورية وبسط معطيات أساسية حول الأسئلة المثارة بخصوص هذا الموضوع.

وفي ما يلي نص الحوار:

س: ما المقصود بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؟

ج: الحكم الذاتي يعني أن الصحراء تبقى جزءًا من المغرب، مع احتفاظ الدولة بكافة مقومات السيادة مثل العلم الوطني والحدود والدفاع والعلاقات الخارجية.

وفي الوقت نفسه، يمنح المقترح تدبيرًا محليًا موسعًا للصحراويين، عبر برلمان جهوي، وحكومة جهوية، وميزانية وبرامج محلية في مجالات التعليم والصحة والثقافة والاستثمار، أي أن السكان المحليين يديرون شؤونهم اليومية وفق القانون، ولكن ضمن إطار الدولة.

س: ما الجديد في قرار مجلس الأمن؟

ج: القرار عمليًا يقول إن الحكم الذاتي هو الحل الواقعي والوحيد الذي يمكن أن ينجح، ويدعو الأطراف إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بنية صادقة وعلى أساس المقترح المغربي لعام 2007، دون الالتفات إلى أطروحات أخرى غير قابلة للتطبيق.

كما مدد ولاية بعثة المينورسو لعام إضافي لمراقبة وقف إطلاق النار، وهو دور تقني بحت ولا يمس سيادة المغرب.

س: لماذا هذا القرار مهم دوليا؟

ج: القرار يعزز مبدأ وحدة التراب الوطني واحترام سيادة الدول، وهو أمر معتمد في القانون الدولي، كما يوضح أن خيار الانفصال خارج الحسابات الواقعية لدى المجتمع الدولي، وأن استقرار شمال إفريقيا يتطلب حلًا عمليًا، يظهر المغرب هنا كطرف مسؤول وموثوق.

س: ماذا يعني القرار بالنسبة للمواطنين المغاربة خاصة الساكنة المحلية؟

ج: على هذا المستوى، القرار مهم جدا بالنسبة للمواطنين خاصة الساكنة الصحراوية، على أكثر من جهة، أولا سيساهم في تعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية من خلال مشاريع استثمارية وبنية تحتية وفرص عمل، كما أنه يدعم الديمقراطية المحلية من خلال مشاركة المواطنين والشباب في القرار الجهوي، ويؤكد على محاسبة شفافة وإدارة قريبة من الناس، وأيضًا الحفاظ على الثقافة والهوية الصحراوية ضمن الوحدة الوطنية.

س: هل هذا القرار يحسم الملف نهائيًا؟

ج: القرار لا يمثل حكمًا نهائيًا، بل يوجه البوصلة نحو الحل، أي الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

ويبقى المسار التفاوضي ضروريًا للاتفاق على التفاصيل مثل تقسيم الصلاحيات والضمانات والجدولة الزمنية.

س: وما دور بعثة المينورسو بعد هذا القرار؟

ج: بعثة “المينورسو” يكتفي دورها على مراقبة وقف إطلاق النار وتسهيل الإجراءات التقنية، ولا تتدخل في المسار السياسي، ولا تغير من سيادة المغرب على المنطقة.

س: ماذا سيحدث إذا رفض أحد الأطراف تطبيق القرار؟

ج: إذا رفض أي طرف من أطراف النزاع تنفيذ القرار الأممي بشأن الصحراء المغربية، فإن مجلس الأمن، الذي دعا الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات على أساس الحكم الذاتي ومدد مهمة المينورسو لمراقبة وقف إطلاق النار لعام إضافي، يتصرف وفقًا للفصل الذي صدر القرار بموجبه.

أولًا، إذا كان القرار صادرًا بموجب الفصل السادس الخاص بتسوية النزاعات بالطرق السلمية، فإنه غير ملزم بالقوة، ويعتبر توصية أو دعوة فقط. في هذه الحالة، وفي حال عدم الالتزام، يقتصر دور مجلس الأمن على إصدار بيانات أو التعبير عن الأسف، مع ممارسة ضغط سياسي ودبلوماسي دون أي تدخل عسكري أو عقوبات.

ثانيًا، الفصل السابع يسمح باتخاذ إجراءات قوية تشمل فرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية، وأحيانًا استخدام القوة العسكرية، لكن هذا نادر ويطبق فقط في حالات تهدد السلم الدولي، وفي حالة الصحراء المغربية، جميع القرارات تصدر تحت الفصل السادس، أي بطرق سلمية وبالتفاوض، دون أي تدخل عسكري.

وعلى أرض الواقع، المغرب لا يحتاج للفصل السابع لفرض مبادرته، إذ يمارس سيادته على المنطقة منذ المسيرة الخضراء، ويحظى بدعم أكثر من 100 دولة، منها دول كبرى، كما تؤكد أكثر من 30 قنصلية وجود السيادة المغربية، بالتالي، أي طرف يرفض الحوار سيجد نفسه معزولًا دوليًا، والعزلة السياسية داخل الأمم المتحدة تفوق في تأثيرها أي عقوبة عسكرية محتملة.

س: ما المطلوب الآن من المغرب والمغاربة لتحصين هذا المكسب؟

ج: المطلوب الآن لحماية هذا المكسب هو الاستمرار في التنمية من خلال توفير فرص الشغل للشباب ودعم المقاولات المحلية وتحقيق العدالة المجالية، وتعزيز المؤسسات الجهوية عبر تنظيم انتخابات نزيهة واختيار الكفاءات وضمان الحكامة الجيدة، والاستثمار في التربية والثقافة من خلال تأطير الشباب وإشراك المجتمع المدني في الترافع وطنيا ودوليا، ثم الحفاظ على الهدوء والانضباط لضمان استمرار هذا النجاح وإظهار المغرب للعالم كنموذج جدي وموثوق.

وبالتالي يمكن القول بأن مجلس الأمن وضع الإطار بوضوح، أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الطريق الأمثل، وبالموازاة مع ذلك، على المغرب والمغاربة استكمال هذا المسار عبر التنمية المستدامة، وترسيخ الديمقراطية المحلية، وتمكين الشباب لضمان حل نهائي محترم وكامل.