story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

الخلفي: قرار مجلس الأمن يستدعي إخراج الصحراء من اللجنة الرابعة

ص ص

اعتبر الوزير السابق والباحث المتخصص في قضايا الصحراء، مصطفى الخلفي، أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، يمثل منعطفًا قانونيًا وسياسيًا نوعيًا، يتجاوز مجرد الدعوة إلى مفاوضات حول الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.

وأوضح الخلفي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن القرار يؤسس لمبادرة تهدف إلى إخراج قضية الصحراء من اللجنة الرابعة، معتبرًا أن “النزاع لم يعد قضية تصفية استعمار حيث حُسم ذلك منذ عام 1975 وبقاء الملف داخل اللجنة كان يشوّش على المسار السياسي”.

وأضاف أن سنوات العمل داخل اللجنة استُغلت للدفاع عن مقترح الحكم الذاتي، ولم يعد هناك أي مبرر لاستمرار الملف في هذه الهيئة الأممية، مشيرا إلى أن “القرار يوفر مرجعية قانونية جديدة لإخراج الملف من اللجنة الرابعة، ما يمثل سابقة قانونية مهمة”.

ولفت إلى أن القرار يفصل بين مبدأ تقرير المصير والاستفتاء المفتوح على جميع المآلات، وهو تطور نوعي مقارنة بالممارسات السابقة، خاصة مع خطة التسوية سنة 1990 ومشروعي بيكر الأول والثاني، حيث كان الاستفتاء قد يشمل خيار الانفصال، كما حصل في تجربة جنوب السودان بين 2003 و2008.

وأكد الخلفي أن الوضع الراهن يجعل الدعوة إلى تقرير المصير مرتبطة اليوم بخيار واحد فقط، وهو الحكم الذاتي، مع التأكيد على أن معالجة هذا المبدأ يجب أن تتم عبر آلية تفاوضية، وهو نهج ليس جديدًا في الممارسة الأممية.

وأشار إلى سابقة مهمة في قضية سيدي إفني، التي عُرضت إلى جانب الصحراء المغربية في لجنة تصفية الاستعمار منذ 1963، قبل أن يصدر قرار الجمعية العامة رقم 20/72 في دجنبر 1965، والذي دعا إلى حل مشكلة السيادة عبر التفاوض بين إسبانيا ودول الجوار، ما تحقق بالفعل في يناير 1969 باسترجاع المغرب لسيدي إفني.

وأكد المتحدث على أن القرار الأممي الحالي يعزز الوضعية القانونية لاتفاقية مدريد، ويقوي الشرعية التاريخية والسياسية لبيعة سكان وادي الذهب سنة 1979، مشددا على أن القرار يتجاوز مسألة الدعوة إلى مفاوضات، إذ يكرّس تصورًا جديدًا يربط تقرير المصير بالحل السياسي التوافقي، ويؤسس لإخراج الملف من اللجنة الرابعة مع تجديد المرجعية القانونية والسياسية للنزاع.

استفادة من دروس سابقة

وقال وزير الاتصال السابق، إن ما تحقق اليوم يمثل منعطفًا استراتيجيًا كبيرًا في مسار قضية الصحراء المغربية، مشيرًا إلى أن المغرب تمكن من مراكمة خبرة كبيرة والاستفادة من دروس التجارب السابقة، وفي الوقت نفسه من تحقيق إنجازات نوعية أسهمت في هذا التحول الاستراتيجي.

وأوضح الخلفي، أن هذا الإنجاز تحقق بفضل استراتيجية متكاملة قادها الملك محمد السادس، وتم العمل عليها على مدى ثلاثة عقود على الأقل، مؤكدًا أن “المسار الأخير دام ما يقارب عشر سنوات منذ 2013-2014، في سياق كان فيه المغرب يُعتبر من قبل البعض في موقع معادٍ، سواء على المستوى الإفريقي أو الأوروبي”.

وأشار المتحدث إلى أن المملكة استطاعت أن تراكم تحولًا تدريجيًا من خلال محطات بارزة، منها تحرير معبر الكركرات، العودة إلى الاتحاد الإفريقي، اعتماد خطة فتح القنصليات في الأقاليم الجنوبية، الإعلان بوضوح عن أن قضية الصحراء تمثل النظارة التي ينظر بها المغرب إلى علاقاته الخارجية، ورفض أي مواقف مزدوجة، فضلا عن اعتماد سياسة الحزم مع الاتحاد الأوروبي بشأن المنتجات القادمة من الصحراء، والمصادقة على قانوني تمديد الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وصولًا إلى الاعترافات الثنائية، وعلى رأسها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، إضافة إلى مواقف داعمة من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا ودول أخرى.

وأكد الخلفي أن هذا المسار الطويل هو ثمرة عمل دؤوب وصبور وفق رؤية استراتيجية اشتغلت في بيئة صعبة، وفي مناخ شهد محاولات مستمرة من أطراف معادية للوحدة الترابية للتشويش باستخدام أدوات وآليات متعددة.

وأشار المتحدث إلى أن نجاح هذا التحول لم يكن ممكنًا دون الاستناد إلى أرضية صلبة من الوعي بالحقائق التاريخية والجغرافية والاجتماعية والدينية والقانونية، مضيفًا أن اعتماد المغرب سياسة الحزم والتصدي المباشر لكل الاستفزازات على مستوى الأمم المتحدة أثمر عن نتائج ملموسة، لاسيما خلال السنوات الثماني الماضية على مستوى اللجنة الرابعة.

آفاق الاستثمار الصحراوي

واعتبر الباحث المتخصص في قضايا الصحراء، أن القرار الأخير سيكون له أثر كبير على التنمية الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية، مؤكدًا أنه يعزز استراتيجية المغرب لجعل الصحراء نقطة انطلاق ومنطقة جذب اقتصادي قائمة بذاتها.

وأوضح الخلفي، أن حجم الاستثمارات المنجزة في البنية التحتية، والموانئ، والطاقة المتجددة، ومشاريع الهيدروجين الأخضر، إلى جانب التنمية الفلاحية والبحرية، يجعل القرار محفزًا لجذب المزيد من الاستثمارات الدولية، مضيفا أن هذه التطورات ستفتح آفاقًا جديدة لتطوير المبادرة الأطلسية ومبادرة الساحل التي أطلقها المغرب.

وختم الخلفي تصريحه بالقول إن القرار قد يبدو للبعض مجرد دعوة إلى مفاوضات حول الحكم الذاتي، لكنه في الواقع يمثل قرارًا استراتيجيًا يؤسس لمرحلة جديدة لها ما بعدها، ويشكل منعطفًا تاريخيًا يستحق التقدير، ويستلزم تأسيس خطاب سياسي ودبلوماسي متسق مع دلالاته وآفاقه المستقبلية.