story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أحزاب |

الدفع بعدم دستورية قانون.. مقتضى لتعزيز الرقابة الدستورية وحماية الحقوق

ص ص

صادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، مؤخرا بالقصر الملكي بالرباط، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، وذلك بعد مرور أزيد من عقد على هذا المقتضى الدستوري الذي ظل معطلا، بسبب غياب نص تنظيمي ملائم، وذلك بعدما أسقطت المحكمة الدستورية في وقت سابق، مشروعي قانونين تنظيميين الأول سنة 2018، والثاني سنة 2023، بدعوى مخالفتهما لروح الفصل 133.

ويعد هذا القانون، الذي ظل مطلبا حقوقيا وسياسيا لسنوات، أحد أهم المكتسبات التي جاء بها دستور 2011، إذ يمنح للمتقاضين لأول مرة إمكانية الطعن في دستورية قانون بعد مصادقة البرلمان عليه، إذا رأوا أنه يمس بـالحقوق والحريات الأساسية المكفولة في الدستور.

إلى جانب ذلك، يرى المراقبون أن هذا القانون التنظيمي يمثل خطوة متقدمة نحو ترسيخ دولة الحق والقانون ويعزز الرقابة الشعبية الدستورية.

وفي هذا الصدد، يقول أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، عبد الحفيظ اليونسي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إن مسطرة اعتماد القانون التنظيمي عرفت تأخرا كبيرا، سواء عند نظر المحكمة الدستورية في متن القانون أو في المرة الثانية حيث أثير دفع مسطري، “الذي فهم معه أن هذا التأخر غير المبرر هو حرمان للمواطنين من حق دستوري”.

ويرى اليونسي، أنه بعد مصادقة المجلس الوزاري، سيتم بدء المسطرة التشريعية من جديد ويعرض على المحكمة الدستورية، “غير أن المعول عليه هو التسريع بإصدار هذا القانون المهم”، مبرزا، أن المعركة الحقيقية في إقرار هذا الحق تتمثل في تنزيل مقتضياته.

ومن جانبه، أكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، أن مناقشة مشروع قانون الدفع بعدم الدستورية خلال المجلس الوزاري الأخير، “تمثل خطوة متقدمة نحو ترسيخ دولة الحق والقانون، وتفعيل ما نص عليه دستور 2011 من ضمانات لحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين”.

واعتبر المتحدث، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن هذا القانون كان مطلبا حقوقيا وسياسيا منذ سنوات، لأنه يعد إحدى أهم الآليات الديمقراطية التي تسمح للمواطنين بالطعن في أي نص تشريعي أو تنظيمي يخالف روح الدستور أو يمس بحقوقهم المكفولة فيه.

وشدد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان على أن تمكين المواطن من هذا الحق يعزز الرقابة الشعبية الدستورية، ويؤكد أن لا أحدا فوق الدستور.

وأشار في هذا الصدد، إلى أن إخراج هذا القانون إلى حيز التنفيذ يمثل لحظة مفصلية في مسار إصلاح العدالة وتعزيز مبدأ سمو الدستور، مؤكدا “ضرورة صياغة مضامينه في إطار من التوافق والملاءمة مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان”، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز، ومبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء.

وفي غضون ذلك، أكد المتحدث أهمية ضمان الولوج الواسع والميسر لهذه الآلية دون قيود مالية أو مسطرية تحول دون استفادة المواطنين ذوي الدخل المحدود، “مع توسيع مفهوم المصلحة القانونية في رفع الدفع بعدم الدستورية ليشمل الجمعيات الحقوقية ذات الصفة التمثيلية، وليس فقط الأطراف المباشرة في النزاع القضائي”.

ودعا إدريس السدراوي، في مقابل ذلك، إلى تعزيز دور المحكمة الدستورية كضامن لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، مع إلزامها بالتعليل المفصل لقراراتها وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وضمان الشفافية والنشر العلني لكل القرارات المتعلقة بالدفع بعدم الدستورية بما يعزز الحق في المعلومة وثقة المواطن في القضاء الدستوري.

وتوقف الفاعل الحقوقي عند ضرورة اعتماد مقاربة قائمة على المساواة وعدم التمييز، “حتى لا يكون اللجوء إلى هذه الآلية امتيازا لفئة دون أخرى”، لافتا إلى ربط هذا القانون بالإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، “حتى لا يتحول إلى مجرد إجراء شكلي، بل إلى آلية فعلية لحماية الحقوق وضمان العدالة الدستورية التي تضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، انسجاما مع الالتزامات الدستورية والدولية للمملكة المغربية”.

وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت قرارا في فبراير 2023، اعتبرت فيه أن الاجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون غير مطابقة للدستور. وذلك لعدم التداول بشأنه في المجلس الوزاري.

وهذه هي المرة الثانية التي ترفض فيها المحكمة الدستورية هذا القانون. إذ سبق أن رفضت عددا من مواده في قرار أصدرته في مارس سنة 2018.

ويمكن القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، أحد أطراف دعوى معروضة أمام القضاء من أن يدفع بأن تطبيق قانون ما سيؤدي إلى خرق أو انتهاك أو حرمانه من حق من الحقوق أو حرية من الحريات التي يضمنها الدستور.

كما نص على إمكانية أن يثار الدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف محاكم المملكة، وكذا أمام المحكمة الدستورية مباشرة بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان.

المشروع ذاته، نص على مراعاة عدد من الشروط لقبول إثارة الدفع بعدم الدستورية؛ من بينها ضرورة أداء رسم قضائي سيتم تحديده بنص تنظيمي، وتحديد المقتضى التشريعي موضوع الدفع، وأن يكون المقتضى التشريعي موضوع الدفع هو الذي تم تطبيقه أو يراد تطبيقه، وألا يكون قد سبق البت بمطابقة المقتضى التشريعي محل الدفع للدستور، ما لم تتغير الأسس التي تم بناء البت المذكور عليها.