دعم المقاولات.. كونفدرالية تنتقد إقصاء 98% من النسيج الاقتصادي الوطني

اعتبرت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة والمتوسطة أن “شروط الاستفادة من برنامج دعم المقاولات الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخرًا تعجيزية ولا تعكس الواقع الاقتصادي الذي تعيشه هذه الفئة من المقاولات، التي تمثل أكثر من 98,4% من النسيج الاقتصادي الوطني”، موضحة أن “الحكومة، من خلال هذه الشروط، تقصي فعليا المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى، وتوجه الدعم بشكل غير مباشر نحو المقاولات المتوسطة التابعة للهولدينغات الكبرى”.
وقالت الكونفدرالية إن “الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، كريم زيدان، أعلن أن الحكومة في المراحل الأخيرة من إطلاق هذا الدعم، غير أن الشروط التي تم تسريبها، تكشف نية واضحة في حصر الاستفادة في فئة ضيقة من المقاولات المتوسطة فقط، وهو ما يتنافى مع الهدف المعلن المتمثل في دعم الفئات الهشة من النسيج الاقتصادي”.
هيمنة الباطرونا
وفي هذا السياق، أوضح عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة والمتوسطة، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن من بين هذه الشروط أن “يكون رقم معاملات المقاولة يفوق مليون درهم، وأن تستثمر أزيد من مليون درهم”، وهي معايير وصفها بـ”غير الواقعية”، مشيرا إلى أن “أغلب المقاولات الصغيرة جدًا تعاني من ضعف السيولة وصعوبات التمويل البنكي بعد ثلاث أزمات متتالية وهي جائحة كورونا، الجفاف، والتضخم”.
وأكد الفركي أن “المقاولات الصغرى التي تكافح للبقاء لا يمكنها تحقيق هذه الأرقام في ظل الظروف الحالية، خصوصًا مع امتناع البنوك عن تمويل مشاريعها”، لافتا إلى أن “هذه المعايير تجعل الدعم متاحًا فقط للمقاولات المتوسطة التي تمتلك قدرات مالية كبيرة وتنتمي لمجموعات اقتصادية قوية”.
وأضاف أن “هذا التوجه الحكومي يجعل من الدعم أداة قانونية لإقصاء المقاولات الصغيرة جدًا”، معتبرًا أن “المرسوم الحالي جاء ليكرس هيمنة الباطرونا، التي تمكنت من قرصنة مبلغ الدعم المخصص لهذه الفئة، والمقدر بـ12 مليار درهم بشكل قانوني وبتواطؤ حكومي”.
وذكّر المتحدث أن “الكونفدرالية كانت قد حذرت منذ إعلان مشروع قانون المالية لسنة 2025 من احتمال تحويل هذا الدعم لفائدة الباطرونا بدل المقاولات الصغيرة جدا، وهو ما تأكد ،بحسبه، اليوم على أرض الواقع”، كما أشار إلى أن “الحكومة لم تتفاعل مع اعتراضات الكونفدرالية، ولم تبادر إلى أي مراجعة رغم المؤشرات الواضحة”.
تجاهل أصوات الفاعلين الاقتصاديين
ويرى الفركي في هذا الصدد، أن “الحكومة اختارت الإنصات فقط لصوت الشارع بعد الاحتجاجات الشبابية الأخيرة، متجاهلة أصوات الفاعلين الاقتصاديين الذين يمثلون قاعدة التشغيل الأساسية في البلاد، وهو ما سيدفع الكونفدرالية إلى تغيير أسلوب تعاملها مع الحكومة خلال المرحلة المقبلة”.
وحول طبيعة الدعم الذي تحتاجه هذه الفئة، قال الفركي إن “المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة تحتاج دعمًا شاملا ومَرِنا، يركز على القروض الميسرة أو المنح المباشرة، وإعادة جدولة القروض المتعثرة، بما يضمن استمراريتها ويقلل من عدد حالات الإفلاس التي تجاوزت 40 ألف مقاولة سنة 2024”.
ودعا إلى “تمكين هذه المقاولات من الحصول على نسبة 20% من الصفقات العمومية المنصوص عليها في القانون منذ سنة 2013، عبر إصدار المراسيم التطبيقية، وتسهيل ولوجها إلى الأسواق الوطنية والدولية من خلال المنصات الرقمية وبرامج التسويق والمعارض”.
تبسيط الإجراءات
كما شدد على “ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية والجبائية، خصوصا المتعلقة بالضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مع إعفائها من الغرامات والدعائر التي تفوق في بعض الأحيان أصل الدين، ما يشكل أحد أكبر العوائق أمام استمرارها”.
وأشار المتحدث إلى “أهمية توفير برامج تدريب وتأهيل في مجالات الإدارة والتسويق والابتكار، وتمكين هذه المقاولات من الاستفادة الفعلية من الضريبة على التكوين المهني التي تؤديها سنويا دون أن تنال منها أي مقابل، إضافة إلى دعم رقمنة المقاولات وتمكينها من ولوج الذكاء الاصطناعي”.
وفي غضون ذلك، أكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة والمتوسطة أن “المرحلة المقبلة تستوجب وضع استراتيجية واضحة ومحددة الأهداف، بمشاركة الكونفدرالية، لمراجعة الشروط الحالية وتوجيه الدعم بشكل مباشر إلى المقاولات الصغرى والمتوسطة، مع إنشاء آليات رقابة فعالة لضمان شفافية صرف الدعم وتقييم نتائجه بانتظام”.
وخلص إلى التشديد على أن “نجاح هذا البرنامج رهين بتبني مقاربة تشاركية تراعي خصوصيات المقاولات الصغيرة جدًا، وتمنحها الدعم الحقيقي الذي تحتاجه للبقاء والنمو، بدل الاكتفاء بسياسات رقمية تخدم واجهة الحكومة الانتخابية، بينما يستمر نزيف الإفلاسات الذي قد يتجاوز 50 ألف مقاولة مع نهاية سنة 2025”.