تجدد دعوات الهجرة الجماعية نحو سبتة المحتلة وسط استنفار أمني بشمال المغرب

تجددت، على منوال العام الماضي، دعوات مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم هجرة جماعية غير نظامية عبر مدينة الفنيدق في اتجاه سبتة المحتلة، وذلك يوم غدٍ الأربعاء 15 أكتوبر 2025، حيث دعا المنظمون المجهولون المهاجرين إلى استغلال الضباب الكثيف المتوقع نزوله لتسهيل عملية العبور بحراً نحو الضفة الشمالية.
وتأتي هذه الدعوات في وقتٍ تشهد فيه المنطقة الحدودية استنفاراً أمنياً واسعاً، وسط تزايد محاولات التسلل الجماعي خلال الأيام الأخيرة، وتنامي أعداد المهاجرين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، إلى جانب عدد من الشباب والمراهقين المغاربة الذين يتوافدون على الشمال أملاً في العبور نحو أوروبا، رغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بهذه المحاولات.
وفي السياق، قال الكاتب العام لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، البشير اللذهي، إن تجدد دعوات الهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة المحتلة “يعكس حجم اليأس الاجتماعي الذي يعيشه عدد من الشباب المغاربة والمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء”، مشيرًا إلى أن “التحركات الأخيرة تُعد مؤشرًا خطيرًا على تعمق الأزمة بالمنطقة الحدودية”.
وأوضح اللذهي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن دعوات الهجرة الجماعية “عادت إلى الواجهة من جديد، بعد أن كان الموعد السابق في 15 شتنبر 2024″، مضيفًا أن “المنظمين المجهولين اختاروا هذه المرة تاريخ يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 عبر صفحات فيسبوك، لمحاولة العبور إلى سبتة المحتلة عن طريق البحر”.
وأكد الفاعل الحقوقي أن السلطات المغربية كانت على استعداد بخطة استباقية، إذ “تم خلال اليومين الماضيين توقيف أكثر من ألف مهاجر، من بينهم أشخاص من دول إفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى عدد من الشباب والمراهقين المغاربة القادمين من مختلف المدن”.
وأضاف أن “عمليات التوقيف شملت حوالي 500 مهاجر من جنوب الصحراء بمدينة القصر الكبير، وأكثر من 200 طفل وشاب قاصر حاولوا الوصول إلى الشمال عبر وسائل مختلفة، مثل الحافلات أو السيارات أو حتى سيرًا على الأقدام”.
وأشار اللذهي إلى أن سلطات مدينة طنجة تمكنت أيضًا من توقيف مجموعات أخرى من المهاجرين على مستوى طريق الفحص أنجرة المؤدية إلى شاطئ بليونش، القريب من السياج الحدودي لمدينة سبتة المحتلة، مضيفًا أن “السلطات تتخوف من أن يؤدي الضباب الكثيف الذي يغطي المنطقة في بعض الليالي إلى تعقيد المراقبة الأمنية وتسهيل تحركات المهاجرين”.
وأضاف الحقوقي أن “أغلب المهاجرين المتواجدين في عمالة المضيق–الفنيدق ينحدرون من السودان، إلى جانب جنسيات إفريقية أخرى معروفة بسلوكها العنيف”، موضحًا أن “هؤلاء يتخذون من منطقة جبل موسى المطلة على قرية بليونش الهادئة مكانًا للتجمع والاختباء في انتظار فرصة العبور”.
وفي سياق متصل، كشف البشير اللذهي أن “خلال اليومين الأخيرين سُجلت حالة نادرة تمثلت في تمكن أمٍّ رفقة ابنها من الدخول إلى مدينة سبتة المحتلة عبر البحر”، واصفًا الحادث بأنه “مؤشر إنساني خطير يكشف عمق الأزمة الاجتماعية، إذ لم يعد الحلم الأوروبي يقتصر على الشباب الذكور فقط، بل شمل حتى الأمهات وأطفالهن”.
وشدد المتحدث على أن “هذه الواقعة تدق ناقوس الخطر وتدعو إلى مراجعة شاملة للسياسات التنموية والاجتماعية بعمالة المضيق–الفنيدق”، مذكّرًا بأن “هذا الإقليم كان أول من استفاد من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي صُرفت عليها ميزانيات ضخمة دون أن تُحدث الأثر المطلوب وسط الفئات الفقيرة والهشة”.
وختم الكاتب العام لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان تصريحه بالتأكيد على أن “تكرار هذه المآسي يعكس فشلًا في معالجة جذور الظاهرة، وعلى الدولة أن تعيد النظر في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية قبل أن تتحول سواحل الشمال إلى مسرح يومي للفواجع الإنسانية”.