“تجاهل” المطالب الاجتماعية بأزيلال رغم الوعود ينذر باحتقان جديد في المنطقة

رغم الوعود التي قدمتها السلطات المحلية عقب المسيرات الاحتجاجية التي شهدها إقليم أزيلال خلال شهر شتنبر الماضي، لا يزال سكان أيت عباس وعدد من الدواوير المجاورة يشتكون “تجاهل” مطالبهم الأساسية، مؤكدين أن “الوعود لم تتجاوز حدود التصريحات، دون أي تنفيذ فعلي على أرض الواقع”.
ويحذر عدد من الفاعلين المحليين من أن استمرار هذا الوضع ينذر بفقدان الثقة بين المواطنين والمسؤولين، “ما قد يفجر موجة جديدة من المسيرات والاحتجاجات في المنطقة”، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعانيها الساكنة الجبلية.
وفي السياق، أكد هشام أزرو، نائب الكاتب المحلي لفيدرالية اليسار الديمقراطي بفرع أزيلال، أن المطالب التي رفعتها المسيرة الحاشدة المنطلقة من منطقة أيت عباس في شهر شتنبر “ما تزال معلقة، رغم الوعود التي قدمتها السلطات في وقت سابق خلال جلسات الحوار مع ممثلي الساكنة”.
وقال أزرو في تصريح لـ “صوت المغرب” إن “الوعود التي تم تقديمها لم تُفعَّل بعد على أرض الواقع، ولم يلمس المواطنون أي تجاوب حقيقي مع مطالبهم المشروعة”، معتبراً أن “هذا الوضع يُعدّ إشكالاً حقيقياً، لأن عدم الالتزام بالوعود يوسع الهوة بين المسؤولين والمواطنين”.
وعند وصول المسيرة إلى مقر عمالة أزيلال في شهر شتنبر الماضي، تمكّن ممثلو الساكنة من عقد لقاء مع الكاتب العام للعمالة، حيث جرى خلال الاجتماع عرض مختلف مطالب المحتجين، وعلى رأسها حق المنطقة في التنمية وفك العزلة عنها.
وخلص الإجتماع آنذاك إلى تقديم وعود رسمية من طرف ممثلي السلطات المحلية بحل هذه الإشكالات في أقرب الآجال، غير أن تلك الوعود حسب المتحدث “ما زالت حبيسة التصريحات ولم تجد طريقها إلى التنفيذ بعد”.
وفي السياق، أضاف أن “الاستمرار في التماطل وعدم تنزيل الالتزامات المتفق عليها يؤدي إلى فقدان الثقة، وهو أمر خطير على العيش المشترك ومستقبل الدولة”، مبرزاً أن “غياب الثقة يضعف قيم المشاركة والانتماء، ويفتح الباب أمام أزمات اجتماعية نحن في غنى عنها”.
وشدد أزرو على أن فيدرالية اليسار الديمقراطي تجدد مطالبتها للسلطات المعنية بـ“الاستجابة الفورية والعاجلة لمطالب الساكنة”، مؤكداً أن الحزب “سيواصل تتبع هذا الملف عن قرب، سواء عبر الترافع داخل المؤسسات أو من خلال التعبير السلمي في الشارع”.
وفي سياق متصل، ذكّر أزرو بالمسيرات التي شهدها إقليم أزيلال، خاصة المسيرة الأولى بمنطقة أيت بوكماز، التي شكلت الشرارة الأولى لاحتجاجات امتدت إلى مناطق مختلفة من البلاد.
وأوضح أن السلطات استجابت جزئياً لأحد المطالب، والمتعلق بـتعيين طبيب بالمركز الصحي القروي بتابانت، فيما ظلت باقي المطالب، وعلى رأسها إصلاح الطريق الرابطة بين تبانت وأزيلال عبر أيت حكم وأيت محمد، “دون تنفيذ إلى حدود الساعة”.
كما شدّد على الطابع الاستعجالي لمطلب إنشاء سدود تلية لحماية الأراضي وأرواح الساكنة من الفيضانات المتكررة، مذكّراً بما وقع في غشت الماضي حين عرف الإقليم فيضاناً كبيراً هدد منازل عدد من المواطنين وأدى إلى نفوق مواشٍ.
وختم أزرو تصريحه بالتأكيد على أن “تنفيذ هذه المشاريع لم يعد يحتمل التأجيل أو التسويف، وأن المصلحة العامة تقتضي التعجيل في إنجازها لحماية الساكنة وضمان حقها في العيش الكريم”.
وخرج العشرات من ساكنة منطقة أيت عباس التابعة لإقليم أزيلال، في مسيرة احتجاجية نحو عمالة أزيلال، الأربعاء 10 شتنبر 2025، من أجل إسماع صوت الساكنة ولفت الانتباه إلى أوضاعها المعيشية الصعبة.
وكان الإقليم قد عرف خلال الأشهر الماضية سلسلة احتجاجات متواصلة، إذ يطالب المحتجون بتحسين أوضاع التعليم والصحة والبنية التحتية، فضلا عن المطالبة ببرامج تنموية تعالج العزلة والتهميش الذي تعاني منه مناطق جبلية واسعة ظلت محرومة من أبسط الخدمات الأساسية.
ورفع المحتجون، خلال هذه المسيرات، شعارات تطالب بفتح مدرسة جماعاتية وتوفير طبيب دائم بالمستوصف المحلي، مؤكدين أن “حرمان منطقتهم من الإدماج في المجال الحضري ساهم في تعميق معاناتهم وجعل هذه المطالب على رأس أولوياتهم”.