story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

“الطريق المسدود”.. حين يتحوّل مسلسل أطفال إلى منصة لترويج المثلية

ص ص

تجلس مع أبنائك مساءً، تبحث في منصة نتفليكس عن فيلم يناسب الأطفال الصغار، وتسترشد بعلامات التصنيف العمري المكتوبة بعناية على الشاشة، فيقع اختيارك على مسلسل الرسوم المتحركة “الطريق المسدود” “Dead End: The Paranormal Park”، أو كما تُعرف روايته الأصلية المصوّرة بعنوان “DeadEndia”، ظنًا منك أنه عمل خيالي شيّق عن المغامرة والصداقة.

لكن، وبعد بضع حلقات، تفاجأ بأنك أمام مسلسل لا يكتفي بعرض قصص عن الأشباح والمخلوقات الغريبة، بل يذهب أبعد من ذلك ليُروّج وبشكل مباشر للمثلية والمتحولين جنسيًا، في سياق موجَّه للأطفال، حيث أنه فجأة، ومن دون إنذار، يقفز إلى الشاشة حوار كامل عن المثلية، يُظهر طفلًا يغرم بصديقه ويبادله عبارات الحب، بشعر مصبوغ ومظهر غير معتاد على إنتاجات الأطفال.

وبعد لحظات، تظهر فتاتان واحدة ترتدي الحجاب الشرعي تجمعهما علاقة عاطفية صريحة، كل ذلك في إطار قصة تبدو للوهلة الأولى بريئة، تركز على الصداقة والبحث عن الذات، لكنها سرعان ما تنزلق إلى تمرير رسائل أيديولوجية موجهة للفئات الناشئة.

المسلسل الذي أنتجته شركة “Blink Industries” لصالح نتفليكس عام 2022، يستند إلى روايات الكاتب البريطاني هاميش ستيل (Hamish Steele)، وتدور أحداثه حول مراهقين يعملان في متنزه ترفيهي مظلم، وتحديدًا داخل منزله المسكون بالأشباح.

وعلى الرغم من أن السلسلة تتناول قضايا إنسانية مثل الهوية، الصداقة، والعائلة، إلا أن الخط السردي يدمج موضوع المثلية والتحول الجنسي كجزء أساسي من القصة، وليس كإشارة عابرة أو تفصيل ثانوي، ما يجعلها مادة غير مناسبة للأطفال رغم تصنيفها العائلي.

أما الشخصيات الرئيسية فهي، “بارني” مراهق متحول جنسيًا ومثليّ الجنس، هرب من منزله بعد خلاف مع عائلته التي لم تتقبله، و”نورما” فتاة ذكية تعاني من القلق الاجتماعي وصعوبة في التواصل، و”باغسلي” كلب بارني الذي يصبح ناطقًا بعد حادثة غامضة.

ويُعرض المسلسل حاليًا على نتفليكس بخيارات ترجمة ودبلجة عربية، وهو ما قد يجعل الأسر العربية في مواجهة محتوى يحمل مضامين حساسة تتعارض مع قيمها، دون تنبيه مسبق كافٍ حول طبيعة هذه المواضيع.

وبمجرد كبسة واحدة للبحث عن مؤلف السلسلة، ستزول دهشتك، وستكتشف أن البريطاني هاميش ستيل (Hamish Steele)، مخرج الرسوم المتحركة، والفنان في مجال القصص المصوّرة، ومؤلف الروايات المصوّرة “الطريق المسدود” “DeadEndia”، هو شخص مثلي الجنس.

وقد صرّح ستيل بذلك علنًا في أكثر من مناسبة، مؤكدًا أنه يستخدم هويته وتجربته الشخصية لنسج القصص التي يكتبها، خصوصًا تلك التي تتناول الشخصيات المثلية والمتحولة جنسيًا، مثل بطل سلسلته الشهير “بارني”.

إلى جانب “DeadEndia”، أصدر ستيل رواية مصوّرة بعنوان “مجمع الآلهة” “Pantheon” عام 2014، وهي عمل يمزج بين الأساطير المصرية القديمة والعناصر المعاصرة، دون أن يغيب عنها حضور فكرة المثلية.

كما يعمل حاليًا على مشروع جديد بعنوان”غو-مان: بطل الأرض”، “GO-MAN: Champion of Earth”، المقرر صدوره عام 2025، وهو موجه للقراء في المرحلة المتوسطة، ويتوقع أن يحمل هو الآخر بصمته المعتادة في تناول قضايا الهوية والمثلية.

أما الاستوديو المنتج، فله بصمته الخاصة في عالم الرسوم المتحركة، غير أن أعماله زاخرة بمواضيع تُروّج للمثلية الجنسية وتقدّمها داخل قصص موجهة للأطفال في قالب لطيف يصعب تمييزه من قبل الصغار، تمامًا كالسم في العسل.

فشركة “Blink Industries” استوديو بريطاني للإنتاج والرسوم المتحركة، وهي جزء من مجموعة “Blink” الأوسع، التي تمتد جذورها في مجال الإنتاج الفني منذ منتصف الثمانينيات.

وتميزت الشركة بتبنيها لأساليب فنية مبتكرة تجمع بين البساطة البصرية والعمق السردي، لكنها في الوقت نفسه اتجهت إلى دعم محتوى يحمل رسائل أيديولوجية تتعلق بالهوية الجنسية والمثلية.

من أبرز إنتاجات الشركة التي تتناول موضوع المثلية الجنسية بشكل صريح، المسلسل الكرتوني “Dead End: Paranormal Park” المقتبس عن روايات “DeadEndia”، والذي أثار الجدل بسبب تضمينه شخصيات مثلية ومتحولة جنسيًا ضمن عمل مصنف للأطفال.

ولا يقتصر الأمر على هذا المسلسل فحسب، بل إن الشركة تُعرف بدعمها الدائم لما تسميه “المبدعين المتنوعين”، أي أولئك الذين يعكسون قضايا مجتمع الميم في أعمالهم الفنية، ما يجعل هذا التوجه جزءًا من هويتها الإنتاجية.

إلى جانب أعمالها الموجهة للأطفال، أنتجت أعمالًا أخرى ذات طابع مثلي، من أبرزها سلسلة الدمى الكوميدية “Don’t Hug Me I’m Scared”، التي تجمع بين السخرية والرعب النفسي، فضلًا عن حلقة “All Through The House” من سلسلة الخيال العلمي الشهيرة “Love, Death + Robots” التي عُرضت على منصة نتفليكس.

ورغم تنوع إنتاجاتها، يبقى القاسم المشترك في معظمها هو تطبيع موضوع المثلية وتقديمه في قوالب فنية مختلفة، سواء للأطفال أو الكبار، وهو ما جعل الشركة محل نقاش واسع حول مسؤولية الرسالة الثقافية في محتوى الرسوم المتحركة الحديثة.