story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
ثقافة |

مجموعته القصصية جاءت بعد تردد في نشرها.. الوزير السابق سعد العلمي يوقّع “الحلم في بطن الحوت” في أصيلة

ص ص

في عودة إلى المجال الأدبي بعد سنوات من الانشغال بالسياسة والدبلوماسية، وقّع الوزير والسفير المغربي السابق، محمد سعد العلمي، نهاية الأسبوع الماضي، مجموعته القصصية الجديدة “الحلم في بطن الحوت”، وذلك خلال فعاليات الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والأربعين.

وتميز الحفل، الذي احتضنه رواق محمد بن عيسى للفنون الجميلة في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، بحضور نوعي ضم على الخصوص عدداً من المثقفين والإعلاميين والفنانين.

الكتاب، الذي صدر عن دار الأمان في الرباط، كتب له الناقد نجيب العوفي مقدمة رصينة تناولت المسار الإبداعي للعلمي، استعرض فيها السياق الذي كُتبت فيه القصص، والمضامين التي تعكس “هموما رافقت مراحل من التاريخ المعاصر بالبلد”.

وكتب العوفي: “تعرفنا على اسم محمد سعد العلمي منذ أواخر الستينيات وطلائع السبعينيات من القرن الماضي، كاتبا مبدعا وإعلاميا لامعا على أعمدة جريدة “العلم” العريقة ورئيسا لتحرير مجلة “الهدف” الهادفة، ومناضلا فاعلا في صفوف حزب الاستقلال في زمن ساخن الإيقاع، كانت فيه درجة حرارة الأحزاب السياسية في عنفوانها”. ويضيف: “على ضفة الإبداع والإعلام، تربصت بالعلمي السياسة و”اختطفته من الأدب فانغمر بكليته في معمعانها””، ثم يستدرك، قائلا: “لكن هذا الإكراه القسري لم يصرم هواه مع الأدب ولم يفقد شوقه وحنينه إليه. إذ يبدو أن هاجس الأديب الساكن في جوانح وذاكرة الرجل، قد عاوده على حين بغتة بعد تطواف طويل في سواحل السياسة”. وتابع العوفي، موضحا أن نشر أو إعادة نشر “هذه الت أجيه القصصية ” يشكل “آية على هذا الحنين/النوستالجيا الدفين”، متسائلا: “ترى ما هي هموم وأسئلة هذه الإضمامة من التراجعي القصصية؟”، قبل أن يجيب: “إنها هموم وأسئلة المرحلة الساخنة – الملغومة التي عاشها وعاينها الكاتب في شرخ اليفاع والوهج، مرحلة السبعينيات والثمانينيات فصعدا مع الأيام”.

حنين إلى الكتابة

في كلمة له بالمناسبة، وصف حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، العلمي بأنه “شخصية فذة”، مشيرا إلى أنه “أحد القادة المتميزين في حزب الاستقلال، عمل في الصحافة والدبلوماسية وفي المجال التنفيذي”، مؤكدا أن “الجميل فيه هو انه رغم كل المهام التي ساهم فيها ظل دائما يحن إلى الكتابة والمتابعة الصحفية إلى أن أصدر مجموعته القصصية”.

وتابع البطيوي قائلا إن هذا الإصدار قد يكون حافزًا للعلمي من أجل نشر مذكراته السياسية، لكي تكون شاهدة ومبلغة للجيل الجديد كيف كان المغرب وكيف اشتغلت تلك الشخصيات من امثاله في مجال السياسة، وكيف أن ما تحقق للمغرب لم يسقط سهوا”.

تقاليد فكرية

بدوره، اعتبر الناقد والأستاذ الجامعي شرف الدين ماجدولين أن العلمي “رجل نضال سياسي، قادم من حقل الصحافة”، مشيرًا إلى أن “الصحافة في تاريخ المغرب لم تكن مجرد مهنة، بل كانت نضالا يعكس نبض المجتمع، وكان جزءا من نضال الحركة الوطنية”.

وأوضح ماجدولين أن العلمي منخرط ضمن “تقاليد الحركة الوطنية”، التي ارتكزت على ثلاثة مكونات رئيسة: “العمل السياسي والأدب والفكر الإسلامي”، وهي ثلاثية قال عنها إنها “تجلت عند أغلب مناضلي الحركة الوطنية، من علال الفاسي إلى المكي الناصري، مرورا بعبد الهادي بوطالب وغيرهم من رجالات الحركة الوطنية”. وأضاف: “التأليف والإنتاج في حقل الأدب وحقل الفكر الإسلامي، والكتابة عموما، تفاوت منسوبهما بين رجالات الحركة الوطنية وبين رجالات الصحافة وبين رجالات العمل السياسي، الذين قدموا من معترك النضال السياسي”.

وشدّد ماجدولين على أن العلمي “وريث أمانة الحركة الوطنية، وكان في مراحل متعددة يعكس ذلك الإرث الذي فيه مزاوجة بين العمل السياسي والعمل الوطني”. وأوضح أن المجموعة القصصية الجديدة كُتبت على مراحل مختلفة: “ما بين ستينات القرن الماضي والسنوات الأخيرة من بدايات القرن الجاري”، ما يعكس امتدادا زمنيا في التجربة.

ورأى ماجدولين أن نصوص كتاب العلمي “تخفي أكثر مما تُظهر”، وتحمل في طياتها لحظات تأمل في “المسار السياسي للمغرب، وفي فضاءاته وفي فضاءات خارج المغرب”، إلى جانب “عواطف أخذت صاحبها لأن يعكسها في تلك النصوص الأدبية”.

وأكد مجدولين أن فن القصة القصيرة يظل فنا صعبا، وأضاف: “قد لا نكاد نحصي عددا كبيرا من كتابها”، مشيرا إلى بعض الأسماء التي واصلت وفاءها لهذا الجنس الأدبي، مثل عبد الجبار السحيمي وأحمد بوزفور.

وخلص ماجدولين إلى القول إن مؤلف العلمي يمكن قراءته من منظور أدبي، وليس فقط سياسيا، حتى “لا نظلم هذا الكتاب، رغم أنه قد يقرأه أغلب المغاربة باعتباره كتابا كتبه رجل نضال سياسي وأحد الذين عاصروا مراحل من تاريخ المغرب”، مضيفا أن الكتاب يشكل “وفاء للذاكرة ولتقاليد رجالات العمل الوطني والصحافة ممن كان هاجسهم الأدب والكتابة الأدبية”.

دوافع الكتابة

كشف العلمي أن كتابة هذه المجموعة لم تكن بهدف النشر، موضحًا: “حين كتبت مجموعتي القصصية لم تكن غايتي نشرها، كما لم يخطر في ذهني أنها ستكون في مجموعة أصدرها تحت أي عنوان”، مضيفا: “الأدب كان يأتي في لحظات معينة ليسحب الستار عن المشاغل الأخرى التي كانت تأخذ كل وقتي وكل جهدي”.

وأكد العلمي أنه بعد عودته إلى أوراقه القديمة، اكتشف نصوصًا عديدة يمكن جمعها في كتاب، غير أنه تردد كثيرًا، “لأن النصوص كتبت في فترات مختلفة”، ولذلك دعا المتلقي إلى “استحضار التاريخ التي كتبت فيه، وأن ينظر إلى الكتاب بما يستحق من عطف ومحبة”.

سيرة غنية

يُذكر أن العلمي هو من مواليد 10 أبريل 1948 بمدينة شفشاون. حاصل على إجازة في الحقوق من كلية الرباط، ودبلوم عالٍ في الصحافة من القاهرة، بالإضافة إلى شهادات في العلوم السياسية والعلاقات الدولية. انخرط مبكرا في العمل السياسي والنقابي، وشغل مناصب قيادية في حزب الاستقلال، كما رافق الزعيم علال الفاسي ككاتب خاص. وهو عضو مؤسس لعدد من الهيئات الحقوقية والصحفية، وشارك في المسيرة الخضراء عام 1975.

وامتدت تجربة العلمي إلى البرلمان، حيث شغل عضوية مجلس النواب بين 1977 و2009، وتولى مهام رفيعة داخله، أبرزها نائب رئيس المجلس، ورئيس لجنة الشؤون الاجتماعية. على المستوى التنفيذي، عُيّن وزيرًا مكلفًا العلاقات مع البرلمان، ثم وزيرا منتدبا لتحديث القطاعات العامة، كما تولى منصب سفير المغرب بالقاهرة بين 2013 و2016.

وشارك العلمي في العديد من الملتقيات الوطنية والدولية، وترأس وفودا برلمانية وسياسية في مختلف المحافل.