البوز: “جيل Z” يدركون واقع السياسة بالمغرب.. والأحزاب هي من عَزفت عن الشباب

رفض أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعي-السويسي بالرباط، أحمد البوز أن يتم ربط الاحتجاجات والمطالب التي رفعها شباب “جيل Z”، بعزوف الشباب عن العمل الحزبي، قائلا: إن النخبة الحزبية هي التي “أغلقت بتصرفاتها أبواب مقرات أحزابها بإحكام في وجه الشباب ومطالبه وقيمه”، مبرزا أن مطالب شباب “جيل Z” مبنية على واقع السياسة بالمغرب.
واعتبر البوز في تدوينة له على “فايسبوك” أن “الأزمة ليست في عزوف الشباب عن الأحزاب، بل في عزوف الأحزاب عن الشباب”. مشيرا إلى أن “الأحزاب فقدت روحها التربوية والسياسية، وأصبحت عاجزة عن استيعاب التحولات الجيلية والفكرية”.
وفي ظل هذا الوضع، يرى المتحدث أن “المطلوب اليوم ليس أن ينخرط الشباب في أحزاب أغلبها ميتا، بل أن تنخرط الأحزاب في نبض الشباب، في همومهم وأسئلتهم، وأن تعيد بناء شرعيتها من خلالهم”.
وكان شباب “جيل Z”، يوم الخميس 02 أكتوبر 2025، قد أصدروا وثيقة تضم مطالب حركتهم الاحتجاجية، قرروا توجيهها بشكل مباشر إلى الملك محمد السادس، وعلى رأسها إقالة الحكومة الحالية، مستندين في ذلك إلى الفصل 47 من الدستور، الذي يمنح الملك صلاحية تعيين وإعفاء رئيس وأعضاء الحكومة.
وفور صدور الوثيقة، واجهت لائحة المطالب النتي قدمها شباب “جيل Z” انتقادات عدة، خاصة على مستوى إلمامهم بالقانون الدستوري، حيث اعتبرت أن “الملك لا يمكنه إقالة رئيس الحكومة” من الناحية الدستورية، داعية إياهم إلى تقديم “اقتراحات ملموسة”.
في هذا السياق، قال البوز أنه “ليس من الضروري أن يكون الشباب المحتجون ملمين بالدستور أو بالفقه الدستوري حتى يعبروا عن غضبهم أو يطالبوا بإسقاط الحكومة، الذي هو تمرين ديمقراطي يمكن أن يحدث في أي بلد في العالم”، مؤكدا أن “المطالب السياسية ليست حكرا على المتخصصين في القانون، بل هي حق أصيل لكل مواطن يشعر بالاختلال أو الظلم”.
وحول إمكانية إقالة الملك لرئيس الحكومة، أشار إلى أن ذلك حدث فعلا سنة 2017 عندما تمت إقالة رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، وتم تعويضه بآخر من الحزب نفسه، مستدلا في ذلك ببلاغ الديوان الملكي، الذي قال آنذاك: “فضل الملك محمد السادس أن يتخذ هذا القرار السامي (أي تعيين شخصية أخرى من العدالة والتنمية) من ضمن كل الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور”.
وبناء على هذا، أكد المتحدث أن الواقعة نفسها تظهر أن السياسة في المغرب ليست معزولة عن إرادة الملك، وأن الشباب عندما يرفعون شعاراتهم فهم “يستندون إلى وقائع فعلية، ويدركون حقيقة السياسة كما تجري في المغرب، وليسوا بالضرورة يجهلون بالدستور، حتى ولو كانوا غير مطالبين أن يكونوا فقهاء فيه”.
وأضاف أستاذ القانون الدستوري في هذا السياق أنه من يطالب الشباب بتقديم ‘اقتراحات ملموسة’ ربما يسيء فهم طبيعة دورهم، “هؤلاء الشباب ليسوا مكتب دراسات، ولا حزبا سياسيا يتقدم ببرنامج انتخابي أو نقابة لها ملف مطلبي”.
وتابع أن “مهمتهم ليست إنتاج السياسات العمومية، بل دق ناقوس الخطر”، مشددا على أن من تقع عليه مسؤولية الحلول، فهو من يتولى السلطة ويمتلك القرار السياسي والاقتصادي. وأبرز أن “مطالبة الشباب بالحلول قد تبدو كمحاولة غير مباشرة لتحميلهم مسؤولية الفشل الذي راكمته النخب الحاكمة، في حين أن دور الاحتجاج هو كشف الأعطاب، وليس تدبيرها”.
وحول دعوة الشباب إلى الحوار، أوضح البوز “هؤلاء الشباب لا يشكلون تنظيما أو تنسيقية يمكن مخاطبتها رسميا، بل هم تعبير تلقائي عن وعي جماعي جديد، وعن غضب اجتماعي يتجاوز الأطر التقليدية”.
وأضاف أن “مشكلتهم ليست في تشخيص الأوضاع أو عرض مطالبهم،” مؤكدا أن “هذه المطالب معروفة وواضحة، وهي تعبر عن مشاكل حقيقية يعيشها المجتمع برمته”.
ولفت إلى أن الحاجة “ليست إلى حوار بروتوكولي”، مستدركا بأن “الحاجة الحقيقية هي إلى قرارات سياسية جريئة تترجم الاعتراف بالمشاكل المطروحة، وتعلن عن إجراءات ملموسة يمكنها أن تزرع الأمل وتجعل هؤلاء الشباب يشعرون أن رسالتهم وصلت وأن الفاعل السياسي جدي في التعاطي مع مطالبهم”.