الشنقيطي: الطوفان زعزع صورة إسرائيل وأشعل الشارع العربي

اعتبر محمد المختار الشنقيطي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر، أن طوفان الأقصى مثّل بداية النهاية للمشروع الصهيوني، بعدما أحدث ثلاثة تحولات كبرى، زعزعة صورة إسرائيل في الرأي العام الغربي، إعادة تشكيل البيئة الاستراتيجية المحيطة بفلسطين، وشحن البركان العربي الخامد بطاقة جديدة قد تفتح الباب أمام موجة حراك شعبي جديدة.
وأوضح الشنقيطي، في محاضرة ألقاها الخميس 18 شتنبر 2025 حول آثار طوفان الأقصى، على هامش الملتقى الوطني التاسع عشر لشبيبة العدالة والتنمية، أن العملية قلبت الرأي العام الغربي رأساً على عقب، “بعد أن انكشفت جرائم الاحتلال أمام الضمير الإنساني، وتحول التعاطف مع الصهيونية إلى نقمة عليها”.
وأكد أن هذا التحول العميق “يمثل الحفرة التي حُفرت لقبر المشروع الصهيوني”، مشدداً على أن خسارة أي قضية لتعاطف المجتمعات الغربية في الدول الديمقراطية يجعل سقوطها لدى النخب الحاكمة مسألة وقت، مبرزا في نفس السياق أنه باتت هناك فجوة واسعة بين ما يُسمى “الدولة العميقة” في الغرب، وبين مجتمعاته العميقة التي لم تعد تتعاطف مع المشروع الصهيوني.
وأشار إلى أن عدداً من اليهود الغربيين، خصوصاً في الولايات المتحدة، “بدأوا يبتعدون عن إسرائيل بعدما كانت في نظرهم حلماً مشرفاً، لتتحول اليوم إلى عبء أخلاقي وسياسي”، معتبراً ذلك “بداية النهاية للمشروع الصهيوني الذي لا يقوم على قوة ذاتية، وإنما على مدد خارجي وفّره أولاً الاستعمار البريطاني ثم النفوذ الأمريكي”.
وعن البيئة الاستراتيجية في المنطقة، قال الشنقيطي إن “طوفان الأقصى هزّ الأنظمة والكيانات التي كبّلت المنطقة لعقود، وفتح الطريق أمام تغييرات قد تخدم تحرير فلسطين”، مشيرا إلى “سقوط نظام آل الأسد الذي وصفه بالدموي والمتكلس”.
وأبرز أن العملية قادت أيضا لأول مرة إلى حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران، بعدما ظل الصراع بينهما لعقود طويلة غير مباشر، فإيران، بحسبه، “حافظت رغم الضربات على مقومات برنامجها النووي، وردّت بقصف قلب تل أبيب بالصواريخ، في مشهد عجزت أمامه منظومات الدفاع الإسرائيلية والأمريكية”، مما شكّل ضربة قاسية للمجتمع الإسرائيلي “المفكك أصلاً، والذي لم يكن ليتحمل استمرار الحرب طويلاً”.
أما الإنجاز الثالث، فتمثل بحسب الشنقيطي، في أن الطوفان “أعاد شحن البركان العربي الخامد بطاقة جديدة، كما فعلت حرب غزة الأولى (2008-2009) التي سبقت اندلاع الربيع العربي”.
وقال إن المنطقة قد تعرف موجة جديدة من الحراك الشعبي “أوسع وأعنف” من سابقاتها، محذراً من أن “منع الثورات السلمية لا يؤدي إلا إلى انفجارات عنيفة، داعيا في السياق ذاته، الحكام العرب إلى التصالح مع شعوبهم والقيام بإصلاحات وقائية تحفظ الأوطان من الاضطرابات والهزات”.
وختم أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر تصريحه بالتأكيد على أن طوفان الأقصى “أهدى الفلسطينيين لأول مرة انتصاراً معنوياً هائلاً على مستوى العالم، بعدما فقد المشروع الصهيوني شرعيته الأخلاقية والإنسانية، تماماً كما انهزمت فرنسا معنوياً في الجزائر قبل أن تنهزم عسكرياً”.