story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

متدخلون: ملف معتقلي الريف يضعف الثقة في المؤسسات ويحتاج لحلول شاملة

ص ص

اعتبر ضيوف برنامج “من الرباط“، تاذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أن ملف معتقلي حراك الريف ما زال يشكل تحديا قائماً، وأن تراكم الإشكالات المرتبطة به يضعف الثقة في المؤسسات ويزيد من هشاشة الدينامية الاجتماعية والسياسية في المناطق المتضررة.

وأشار المتدخلون إلى أن الحضور الجماهيري الكبير خلال جنازة أحمد الزفزافي، والد قائد حراك الريف المعتقل ناصر الزفزافي، يوم الخميس 06 شتنبر 025، إلى جانب التفاعل المكثف على شبكات التواصل الاجتماعي، يوضح أن الاحتجاجات لم تتوقف جذرياً، وأن جذور الحراك في المجتمع العميق ما زالت قوية، مما يحتم على الدولة تبني مقاربة أكثر شمولية واستماعاً للمواطنين.

وفي هذا السياق، قال رشيد أوراز، الباحث الرئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، إن خروج ناصر الزفزافي مؤخراً للقاء الجماهير على نفس المنصة التي ارتبطت بالحراك يشير إلى أن الدينامية الاجتماعية لم تتوقف رغم مرور ثمان سنوات على أحداث الريف، مؤكداً أن الطريقة التي عُولج بها الملف لم تُوقف الاحتجاجات ولم تُقنع الناس بأي بديل آخر.

وأشار أوراز إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة فايسبوك، امتلأت خلال الأيام الأخيرة بالتعليقات على وفاة أحمد الزفزافي، والد المعتقل ناصر، سواء من طرف الفاعلين السياسيين الشباب، أو الصحافيين، وحتى من الذين كانوا ينتقدون الحراك، مؤكداً أن ذلك يدل على عمق الجذور الاجتماعية للحراك.

وأضاف المتحدث أن المخرج الوحيد لهذه الديناميات هو انخراط الشباب والمواطنين في السياسة، سواء عبر الانتخابات أو الأحزاب، معتبرًا أن هذا الأمر سيكون أقل تكلفة على الدولة والمجتمع، وأكثر فائدة للتنمية المحلية.

وحذّر أوراز بالمقابل، من أن تجاهل هذه الديناميات أو الاعتقاد بأنها غير قابلة للاستماع سيؤدي إلى تكرار مشاكل سابقة، مشيراً إلى حركات احتجاجية حديثة في مناطق مثل آيت بوغماز التي تضم أغلبها شباباً متعلماً وبسيطاً، والذين استقبلتهم السلطات واستمعوا إليهم، إلا أن الحاجة تكمن في إيجاد منافذ حقيقية لتلك الديناميات الاجتماعية القادمة من الهوامش.

وتطرق الباحث الاقتصادي إلى التفاوت التنموي بين المراكز الحضرية الكبيرة والمناطق النائية، مشيراً إلى خطاب العرش الأخير الذي أشار إلى “مغرب يسير بسرعتين”، معتبراً أن التنمية لا يجب أن تقتصر على المدن الكبرى والملاعب والمنشآت، بل يجب أن تشمل الهوامش والمناطق التي تعاني من تراجع النشاط الزراعي والصناعي، حيث لا يواكب مستوى التنمية طموحات السكان.

وأوضح أن أي حلول جاهزة من الرباط أو الدار البيضاء لن تكون كافية إذا لم يُسمع صوت النخب المحلية وأبناء المناطق، مضيفاً أن أمثلة من قبيل المدارس المبنية بسرعة في مناطق متضررة من الزلازل باستخدام مواد تقليدية ومتناسقة مع البيئة المحلية تؤكد أن التنمية يجب أن تنبع من كفاءات محلية، وأن الاستماع للساكنة وتمكينهم من أحزاب وممثلين موثوقين هو السبيل لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام.

من جانبه، اعتبر عمر الحياني، الخبير الاقتصادي والفاعل السياسي، أن غياب نظام ديمقراطي حقيقي قائم على تمثيلية شعبية فعلية يمنع حل أي إشكال مجتمعي، موضحا أن المشكل في الريف كان واضحاً خلال سنتي 2016 و2017، “حين راهنت الدولة على طبقة معينة، خصوصاً أولئك التابعين لحزب الأصالة والمعاصرة، لكنها لم تقم بأي دور حقيقي في المنطقة، فظهرت للساكنة غير قادرة على التوسط أو تمثيلهم”، ما دفع الناس للمطالبة بالحوار مباشرة مع أعلى هرم في الدولة، وهو ما أبرز أزمة تمثيلية مستمرة حتى اليوم.

وأشار الحياني إلى أن انتخابات 2021، أول انتخابات بعد حراك الريف، كشفت عن عزوف واسع وفساد انتخابي كبير، واستخدام مكثف للمال والأعيان، مما يزيد من المخاوف بشأن انتخابات 2026، حيث يُتوقع أن تكون نسبة المشاركة منخفضة جداً نتيجة فقدان الناس الثقة في السياسة.

وأضاف أن المشكلة الأساسية اليوم تكمن في كيفية إقناع المواطنين بالتصويت في انتخابات نزيهة دون اللجوء إلى المال أو المصالح المباشرة، مشيراً إلى أن الأزمة تعكس خللاً عميقاً في الديمقراطية.

وضرب الحياني مثالا بمسيرة آيت بوغماز، مشيراً إلى المفارقة التي تمثلت في تصدر رئيس الجماعة، المنتخب من السكان، للمسيرة “رغم أنه لم يُترك له مجال لتحقيق مطالب الساكنة”، ما يوضح أن السكان لم يعودوا يرون فائدة في ممثلهم المنتخب، ويعتقدون أن الحل يكون لدى العامل المعين من الدولة.

وأكد أن هذا الأمر يبرز مشكلة جوهرية في الممارسة الديمقراطية بالمغرب، “بحيث يملك المعينون سلطة أكبر بكثير من المنتخبين، سواء في القرارات أو الإمكانيات أو التأثير، بينما المؤسسات المنتخبة ضعيفة، والمنتخبون غير قادرين على العمل بحرية، ما يشكل خللاً قانونياً ومؤسساتياً”.

وأضاف أن كثيراً من الناس لم يعودوا يفهمون كيف يمكن لرئيس جماعة أن يشتغل دون وصاية أو رقابة مباشرة من ممثلي السلطة، مؤكداً أن هذه الحلقة المفرغة لم تُكسر بعد، ولا يمكن معالجة الإشكالات المجتمعية دون إصلاحها.

ومن جهتهن اعتبر ياسين اعليا، الخبير الاقتصادي ومقدّم برنامج “إيكوترند”، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أن هناك نوعاً من الإيجابية اليوم، رغم البداية العنيفة للتعامل مع ملف معتقلي الريف وما تخللها من انتهاكات، “مثل تصوير المعتقلين عراة، وتقارير المنظمات الحقوقية حول شبهات التعذيب، وقضية تحويل مبلغ 2500 درهم من هولندا التي صوّرت آنذاك كتمويل أجنبي، إضافة إلى استهداف أشخاص آخرين مثل الصحافي المهداوي لمجرد ارتباطهم أو شبهة وجودها بالملف”.

وأوضح اعليا أن العقلاء في الدولة اليوم مطالبون بالجلوس للتفكير ملياً في هذه الوضعية، باعتبارها حالة من تجريف الممارسة السياسية في الوطن، مضيفا أن الحياة السياسية تحتاج إلى زخم جديد، خصوصاً في ظل غياب زعماء سياسيين حقيقيين قادرين على قيادة المشهد السياسي أو شغل منصب رئيس الحكومة.

وأشار إلى أن إطلاق سراح الصحافيين سليمان الريسوني، وتوفيق بوعشرين، وعمر الراضي، وأشخاص آخرين خلق دينامية في الشأن العام، فحتى لو صُنفت ملفاتهم كقضايا جنائية، فإنها ترتبط في جوهرها بحرية التعبير والرأي، ما جعل المجتمع يتفاعل معها بشكل خاص.

وأكد اعليا أن الأشخاص الذين دفعوا ثمناً باهظاً بسبب اهتمامهم بالشأن العام، مثل ناصر الزفزافي، لهم الحق اليوم في ممارسة السياسة، كون تجاربهم تمنحهم شرعية وقبولاً لدى الناس، ويمكن أن تشكل بداية سياق جديد يخرج الأزمة بصيص أمل.

وأضاف أن هناك مؤشرات إيجابية واضحة، مثل حضور بعض الأشخاص في جنازة بدون إعادة اعتقالهم، وإبقاء آخرين في حالة اعتقال احتياطي بدون العودة للسجن، ما يوحي بأن الحكم النهائي قد يشمل عفواً، ويمنح جرعة أمل جديدة.

وختم اعليا بالقول إن الأضواء مسلطة اليوم على المغرب، ومن الضروري إغلاق الملفات التي تُستعمل ضد المملكة في الخارج، لضمان استقرار الساحة الداخلية وتعزيز الثقة في الممارسة السياسية.

لمشاهدة الحلقة، يرجى الضغط على الرابط