قضية الطفل بويسليخن.. “لجنة الحقيقة” تستعد لمعتصم ومبيت ليلي أمام استئنافية الرشيدية

تستعد لجنة الحقيقة والمساءلة في مقتل الطفل الراعي محمد بويسلخن، لتنظيم اعتصام ومبيت ليلي أمام محكمة الاستئناف بالرشيدية يوم 5 شتنبر 2025 ابتداء من السادسة مساءً، لمطالبة الدولة “بالإقرار بالقصور والتراخي الذي زكّى الإفلات من العقاب”، مؤكدة تمسكها بالتحقيق الجدي والمجدي مع جميع المتورطين.
وفي بيانها، شددت اللجنة على أن “قرار النيابة العامة بتكييف القضية كجريمة قتل عمد يعد تطورا إجرائيا حاسما، بعدما حاولت بعض الأطراف الدفع بفرضية الانتحار”، وأكدت أن “هذا القرار يكشف حجم الغموض والالتباس الذي رافق الملف منذ البداية، مع دلائل على محاولات طمس الحقيقة وإفلات الجناة من المحاسبة”.
وفي هذا الصدد، دعت اللجنة الدولة المغربية إلى “الإقرار بالقصور الذي شاب البحث في القضية بسبب وضعية الأسرة الفقيرة والهشة”، مطالبة بالكشف عن ملابسات إغلاق الملف برواية الانتحار قبل تدخلها، كما أكدت على ضرورة محاسبة كل المتورطين في ذلك، وتسريع إجراءات البحث للوصول إلى الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة الجنائية.
وطالبت اللجنة بفتح تحقيق شامل مع كل الأشخاص الذين أشارت إليهم في تقاريرها وشكاياتها الموجهة لرئاسة النيابة العامة بالرباط والوكيل العام بالرشيدية، مشددة على عدم استثناء أي طرف، من رجال الضابطة القضائية، إلى الشخص الذي وجد على الساعة 11:00 ليلا في مقر الدرك وهو الذي توجه له الأسرة أصابع الاتهام، مرورا بالصفحات التي روجت لفرضية الانتحار، وصولا إلى الشائعات المتداولة بشأن تدخلات للتغطية على الحقيقة.
وفي السياق نفسه، أدانت اللجنة “أشكال الضغط والتضييق التي تعرضت لها أسرة الضحية، والتي بلغت حد تهجيرها قسرا من مسكنها بأغبالو”، موجهة الدعوة لكل القوى الحقوقية، النقابية، السياسية بالراشيدية، وعموم المواطنين والمواطنات للمشاركة المكثفة في الاعتصام والمبيت الليلي المزمع تنظيمه، من أجل محاكمة عادلة وناجزة تحفظ حقوق الضحية وكرامة أسرته وتكشف كل الحقيقة فيما حصل.
وفي حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أكد الكبير قاشا، الحقوقي وعضو لجنة الحقيقة والمساءلة، أن “السبب الرئيسي في تأخر الكشف عن الحقيقة في قضية الطفل بويسليخن يعود للضمانات الاستثنائية التي استفاد منها الشخص الذي وجهت له الأسرة أصابع الاتهام منذ اليوم الأول”، موضحا أن “هذا الشخص كان حاضرا بمقر الدرك ببومية ليلة وفاة الضحية، في مشهد أثار استغراب والد الطفل”.
وأضاف قاشا أن “والد الضحية لم يستسغ إلى اليوم هذا الواقع، ويحرص في كل مناسبة على التذكير بما شاهده ليلة استدعائه إلى مقر الدرك”، معتبرا أن “هذه الحماية غير المبررة قانونيا ساهمت في تعقيد الملف وإطالة أمد البحث عن الحقيقة، ما يستوجب وقفة حازمة أمام قضاء التحقيق”.
وشدد الحقوقي على أن “فريقا من محامي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يزيد عددهم عن 27 محاميا، يتولى مؤازرة الأسرة أمام محكمة الاستئناف بالرشيدية”، وأكد أن “هؤلاء المحامين من خيرة المدافعين عن المهنة، ويدركون حجم التشابكات والتعقيدات التي تحيط بالملف وما يكتنفه من شبهات التواطؤ”.
وأوضح أن “الاعتصام والمبيت الليلي أمام المحكمة يوم 5 شتنبر 2025 سيكون تعبيرا صريحا عن استنكار اللجنة للتراخي والقصور الذي شاب التعامل مع الجريمة”، مشيرا إلى أن “تهميش وضعية الأسرة الفقيرة والمعدمة ساهم في دفع بعض الأطراف إلى محاولة تبني فرضية الانتحار، رغم رفض الساكنة القاطع لهذه الرواية”.
كما أبرز أن “النيابة العامة أعادت توجيه الملف إلى قضاء التحقيق بجريمة القتل العمد وفق الفصل 392 من القانون الجنائي، وهو ما يشكل نقطة تحول أساسية في مسار الملف”، وأوضح أن “اللجنة ستواصل تتبعها اليومي لمستجدات القضية، ومواجهة أي محاولة لطمس الحقائق أو إفلات الجناة من المحاسبة”.
وأكد قاشا أن “اللجنة تعتبر هذه القضية أكثر من مجرد جريمة جنائية، بل انتهاكا صارخا لحق الطفل في الحياة والأمان”، مشددا على أن “ما وقع يمثل نداءً عاجلا لتحمل الدولة مسؤولياتها كاملة في حماية الأطفال وصون حقوقهم، خصوصا في المناطق الهشة والمعزولة”.
وختم عضو اللجنة بالتأكيد على أن “الاعتصام المزمع تنظيمه يهدف إلى ضمان محاكمة عادلة تكشف الحقيقة كاملة وتعيد الثقة إلى أسرة الضحية وساكنة المنطقة”، كما اعتبر أن “استمرار النضال من أجل كشف ملابسات مقتل الطفل الراعي محمد بويسلخن هو معركة حقوقية من أجل الكرامة والعدالة والحق في الحياة”.