story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

تخصيص 14.7 مليار سنتيم لبرنامج “الزبون السري” يثير تساؤلات حول أثره على القطاع السياحي

ص ص

بعد إعلان الشركة المغربية للهندسة السياحية عن تخصيص حوالي 14.7 مليار سنتيم لتنفيذ برنامج “الزبون السري” لتقييم جودة الخدمات السياحية، أثيرت تساؤلات عدة حول جدوى هذه الخطوة ومدى نجاعتها، سواء من ناحية الحكامة المالية أو تأثيرها الفعلي على تطوير القطاع السياحي، فيما اعتبرها خبراء في القطاع خطوة إيجابية، شريطة أن تتم التقييمات بجدية وأن تُنفذ الإجراءات بشفافية ونزاهة.

ويعد “الزبون السري” شخصًا يتقمص دور نزيل عادي لزيارة المنشآت السياحية دون الإفصاح عن هويته الحقيقية، بهدف مراقبة جودة الخدمات والتأكد من مطابقتها للمعايير المعتمدة.

وفي هذا السياق، قالت سلوى البردعي، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إن الشركة المغربية للهندسة السياحية أعلنت عن تخصيص مبلغ يقارب 14 مليار و700 مليون سنتيم لتنفيذ برنامج يهدف إلى تقييم جودة الخدمات في مؤسسات الإيواء السياحي، عبر آلية تُعرف بـ”الزبون السري”، حيث يقوم موظفون بزيارات غير معلنة للفنادق لتقييم تجربة الإقامة.

وتابعت البردعي في سؤال كتابي وجهته لوزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أنه رغم ما يُروج حول أهدافها، تطرح هذه العملية تساؤلات جدية حول الحكامة المالية وجدوى هذا المبلغ الضخم، خاصة في ظل محدودية الموارد، وحاجة القطاع السياحي إلى إصلاحات هيكلية أكثر من عمليات تجميلية أو تسويقية.

وعليه، تساءلت النائبة البرلمانية عن تفاصيل هذه الصفقة من حيث طبيعة الخدمات المطلوبة، والجهة التي أُسندت لها، وكيف تم احتساب هذا الغلاف المالي، وهل تم اعتماد دفتر تحملات شفاف ومفتوح للمنافسة.

كما تساءلت عن المعايير التي ستُعتمد لتقييم الأثر الفعلي لهذه العملية على جودة الخدمات السياحية، وإن تم عرض هذا المشروع على المجلس الإداري للشركة وعلى الجهات الرقابية المختصة.

في المقابل، اعتبر الخبير السياحي الزبير بوحوت أن صفقة “الزبون السري” تحمل أبعادًا إيجابية للقطاع السياحي في المغرب، مبرزًا أن عددًا من الدول المتقدمة تستخدم هذه الآلية لتقييم جودة الفنادق، كما أوضح أن السلاسل الفندقية الدولية التي تعمل بالمغرب تعتمد على هذا النوع من التقييم من خلال تمويلها الخاص.

وأشار بوحوت إلى أن تمويل هذه الصفقة من قبل الدولة سيتيح الحصول على تقييم موضوعي للمستوى الفعلي للخدمات المقدمة في الفنادق، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في عدد الزوار، مضيفا أن هذا التقييم يهدف إلى موازنة ارتفاع أعداد السياح مع الحفاظ على مستوى جودة الخدمات.

وأكد أن هذه الآلية ستوفر رقابة مستمرة على الفنادق، مما سيدفع هذه المؤسسات إلى تحسين خدماتها بشكل مستمر، وذلك على خلاف طريقة التصنيف التقليدية التي كانت تقوم بها لجان التفتيش، حيث كانت تظل التصنيفات ثابتة حتى وإن تراجعت جودة الخدمات.

كما أشار المتحدث إلى أن الزبون السري سيعزز ثقة الزوار المحليين والدوليين، إذ سيشعرون بوجود رقابة دائمة على خدمات الفنادق، ما سيرفع مستوى التنافسية داخل القطاع السياحي.

ورغم كل هذا، ربط بوحوت نجاح هذا المشروع بضرورة أن تكون التقييمات موضوعية والإجراءات صارمة، مؤكدًا أن فاعلية المشروع تعتمد بشكل كبير على نزاهة التقييمات التي ستتم عبر آلية “الزبون السري”، مضيفًا أن هذه التقييمات يجب أن تكون محايدة وواقعية لضمان حصول الفنادق على تصنيف يعكس فعليًا مستوى جودة خدماتها.

وبالنسبة لتكلفة الصفقة البالغة 14.7 مليار سنتيم، اعتبر بوحوت أن هذا المبلغ ليس مبالغًا فيه بالنظر إلى مداخيل القطاع السياحي التي بلغت حوالي 112 مليار درهم في 2024، وأضاف أن المبلغ لا يتجاوز 0,1% من إجمالي مداخيل القطاع، ما يعني أن هذا الاستثمار في تحسين الجودة يمكن أن يكون مبررًا إذا تم استغلاله بشكل فعّال وشفاف.

وحذر بوحوت من أن الخطر لا يكمن في حجم المبلغ، بل في فعالية تنفيذ المشروع، مبرزًا أنه إذا لم يحقق البرنامج الأثر المطلوب أو إذا تدهورت المؤشرات السياحية، فستثار آنذاك تساؤلات حول جدوى المشروع وأثره على قطاع السياحة.