هيئة: تشديد إجراءات المراقبة بميناء طنجة يهدد تنافسية المقاولات المغربية

أكدت الهيئة المغربية للنقل الخارجي أن الإجراءات المفرطة داخل ميناء طنجة المتوسط والمتعلقة بالمراقبة التقنية واليدوية للشاحنات، تشكل عبئا إضافيا على المقاولات، وتؤدي أحياناً إلى تأخير وصول البضائع إلى الأسواق الأوروبية، ما ينعكس سلباً على سمعة وجودة خدمات النقل.
وأوضحت الهيئة في بلاغ لها أن هذه الإجراءات أحياناً تتجاوز “حدود المنطق القانوني”، بحيث تتحول عملية العبور إلى تجربة مرهقة لسائقي الشاحنات.
وأشارت إلى أن المراقبة المزدوجة، سواء عبر أجهزة السكانير أو بواسطة التفتيش اليدوي، رغم عدم اكتشاف أي مخالفات، تتسبب في إبطاء العمليات اللوجستيكية وإضعاف القدرة التنافسية للبضائع المغربية، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالبضائع، خصوصاً السريعة التلف.
وذكرت الهيئة أن التأخير الناتج عن هذه الإجراءات يؤدي أحياناً إلى دفع المقاولات لغرامات التعويض عن التأخير أمام الزبائن الأوروبيين، رغم أن المسؤولية لا تقع على الناقلين، مشيرة إلى أن حماية مصالح المقاولات تتطلب مراجعة أساليب المراقبة لتكون متوازنة وأكثر فعالية دون الإضرار بالعمليات التجارية.
وفي هذا الصدد، قال مدير الهيئة المغربية للنقل الخارجي، نجيب بنحدو، إن المرور عبر ميناء طنجة المتوسط يفرض على جميع الشاحنات المرور عبر جهاز السكانير للمراقبة، لكن على الرغم من عدم اكتشاف أي مواد ممنوعة، فإن عناصر المراقبة تفرض أحياناً إفراغ الشاحنة لإجراء فحص إضافي بالعين المجردة، متسائلاً عن جدوى هذه الأجهزة الباهظة الثمن.
وأضاف بنحدو، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أنه في غالب الأحيان، تُجبر الشاحنات على المرور مرة ثانية عبر جهاز السكانير، ما يضاعف وقت الانتظار ويزيد من الأضرار المحتملة للبضائع، خصوصاً عندما تكون الشاحنات محملة ببضائع قابلة للتلف السريع.
وأكد أن الإجراءات لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشمل أحياناً إزالة خزَّان الكازوال لفحصه ثم إعادة تركيبه، وهو أمر يتطلب إمكانيات بشرية وتقنية لا تتوفر لدى السائق في موقع الميناء، ما يزيد من صعوبة العملية وتعقيداتها.
وأردف أن بعض عناصر المراقبة تتخذ قراراً بإحداث ثقوب وفتحات في الشاحنات لإجراء مزيد من الفحوص، رغم عدم وجود أي مخالفة، وهو ما يتسبب في أضرار جسيمة للشاحنات، خصوصاً إذا كانت شاحنات تبريدية قيمتها تتجاوز 2.000.000 درهم.
ولفت المتحدث إلى أن هذه الممارسات تسبب تأخيرات كبيرة تصل أحياناً إلى 48 ساعة، وقد تتجاوز ذلك في فترات الذروة، مما يجعل السائقين محتجزين داخل الميناء في ظروف غير ملائمة بالنسبة للطعام والراحة، ويجبرهم على مراقبة الشحنة لتجنب تهريب المهاجرين داخل الشاحنات.
وتابع أن عمليات إفراغ الشاحنات التبريدية وإعادة تحميلها تؤدي إلى تلف البضائع، وبالتالي يلزم الناقل بدفع تعويضات للزبائن، في حين ترفض الجمارك تسليم محاضر أو شهادات تثبت أن التأخير أو الضرر جاء نتيجة أوامر المراقبة داخل الميناء.
وشدد المسؤول المهني على أن منع العون القضائي من ولوج الميناء لإجراء معاينات على الأضرار الناتجة عن عمليات المراقبة يفاقم هو الآخر، المشكلة، ويجعل من الصعب على المقاولات الدفاع عن حقوقها أمام الزبائن، مما يضعف القدرة التنافسية للقطاع ويؤثر على سمعة البضائع المغربية في الأسواق الأوروبية.
وأورد أن هذه الإجراءات المفرطة، رغم وجود حالات حقيقية لتهريب مواد ممنوعة، لا يجب أن تتحول إلى عقوبة جماعية على جميع الناقلين، مؤكداً أن التعامل مع المخالفات الفردية يجب أن يكون وفق القانون دون تحميل المقاولات مسؤولية جماعية.
وأكد المصدر ذاته، أن التأثير المباشر لهذه الممارسات يظهر بوضوح في الكلفة الإضافية التي تتحملها المقاولات، إذ أن توقف شاحنة واحدة لمدة 24 ساعة داخل الميناء يشكل خسارة كبيرة، حيث تُقدَّر مصاريف التوقف ما بين 1500 و2000 درهم يومياً، إضافة إلى تعويض يومي للسائق الدولي يصل إلى 400 درهم خارج راتبه الشهري.
ومضى قائلا: إن هذه الوضعية تدفع عدداً من المقاولات إلى إعادة النظر في عقودها مع زبنائها، حيث يلجأ البعض إلى فسخ بعض العقود التجارية، فيما يختار آخرون الامتناع عن نقل أنواع محددة من البضائع، أو حتى الانسحاب من النقل الدولي والاكتفاء بالنقل الداخلي داخل التراب المغربي.
وأشار إلى أن هذه العراقيل لا تؤثر فقط على الناقلين الحاليين، بل تمتد آثارها إلى الجيل الجديد من المهنيين، بحيث يشعر العديد من الشباب الراغبين في ولوج قطاع النقل الدولي بالإحباط والتردد، بسبب الصورة السلبية التي تعكسها هذه الممارسات.
وخلص بنحدو إلى التأكيد على أن انعكاسات هذه العراقيل لا تتوقف عند حدود المقاولات الناقلة، بل تمتد لتشمل المصدرين وسلسلة التصدير بأكملها، مما يهدد تنافسية الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن المهنيين باشروا مراسلة وزير النقل والمدير العام للجمارك والمدير العام للأمن الوطني، كما يناقشون حالياً إمكانية تنفيذ توقف منظم عن العمل خلال الفترة المقبلة كخطوة احتجاجية قانونية.