امتعاض المواطنين يدفع الحكومة لتعليق حملة مراقبة الدراجات النارية وبرلمانيون يحذرون

بعد الجدل الكبير الذي أثارته حملة مراقبة الدراجات النارية بمحرك، باستعمال جهاز قياس السرعة القصوى speedomètre cyclomoteurs، قرر رئيس الحكومة عزيز أخنوش تعليق هذه الحملة، وفق ما أفاد به مصدر مقرب من أخنوش في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”.
وأوضح المصدر أن رئيس الحكومة، أجرى الخميس 21 غشت 2025 اتصالاً هاتفيا بوزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، دعاه إلى تعليق الحملة ومنح سائقي الدراجات النارية مهلة انتقالية مدتها 12 شهراً من أجل التأقلم مع المعايير والضوابط القانونية المعمول بها في هذا المجال.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه الفترة الانتقالية ستخصص للتحسيس بمخاطر تغيير الخصائص التقنية لمحركات الدراجات النارية وتأثيرها على ارتفاع حوادث السير، فضلاً عن إخطار المصالح المعنية بضرورة تشديد المراقبة على امتثال مستوردي هذا النوع من الدراجات للضوابط القانونية المعمول بها.
وفي السياق، أثارت حملة مراقبة الدراجات النارية وتصنيف بعضها ضمن خانة “المعدلة الخصائص” جدلاً واسعاً في صفوف مستعملي هذه الوسيلة، بحيث اعتبر عدد من المهتمين، الذين عبروا عن امتعاضهم أن هذه المقاربة تفتقد للشمولية، “وأنها تركز على عنصر السرعة فقط، دون الالتفات إلى باقي الجوانب التقنية الأخرى المؤثرة في السلامة الطرقية”.
وقد وصل هذا الجدل إلى قبة البرلمان، حيث اعتبر نواب برلمانيون أن هذه التدابير من شأنها أن تحرم مئات الآلاف من المغاربة من وسيلة تنقل أساسية، كما نبهوا إلى أن القرارات الزجرية، في غياب برامج للتحسيس والتكوين، تزيد الضغط على القدرة الشرائية وتعمق الهشاشة الاجتماعية.
وفي هذا السياق، عبر النائب البرلماني عن الفريق الحركي محمد أوزين، عن استغرابه من البلاغ الصادر عن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية والذي ينص على اعتبار كل دراجة نارية تتجاوز أو تساوي سرعتها 58 كيلومتراً في الساعة كمركبة معدلة، مع حجزها وتحرير محضر في حق مالكها.
وأشار أوزين، في سؤال كتابي وجهه لوزير النقل واللوجستيك إلى أن “أغلب الدراجات النارية المتداولة بالمغرب، خاصة الفرنسية واليابانية الصنع، تتجاوز هذه السرعة بشكل طبيعي دون أن تكون معدلة، وهو ما يجعل هذا الإجراء محل جدل، لكونه لا يعكس واقع السوق المغربية ولا يأخذ بعين الاعتبار الخصائص التقنية الأصلية لهذه الدراجات”.
وأضاف أن الاقتصار على عنصر السرعة كمعيار وحيد للسلامة الطرقية يتجاهل معطيات أخرى أساسية، من بينها وزن الدراجة، وجودة الفرامل، ونوعية الخوذة، والبنية التقنية العامة، مؤكداً أن بعض الدراجات الحاصلة على شواهد المطابقة لا تراعي هذه المتطلبات بدقة.
وأكد المسؤول البرلماني أن المراقبة الفعلية ينبغي أن تبدأ من مراحل الاستيراد والتوزيع، لا أن يتحمل المواطن وحده تبعات قصور المراقبة، مشددا على أن التطبيق الحرفي لهذه المسطرة سيحرم أكثر من مليون مغربي من دراجاتهم، في وقت لم يتم فيه توفير بدائل أو برامج مصاحبة للتوعية والتدريب على السلامة الطرقية.
وفي الاتجاه نفسه، أثارت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، الموضوع نفسه، في سؤال كتابي وجهته إلى وزير النقل واللوجستيك، معتبرة أن هذه المقاربة الزجرية تتجاهل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، خاصة أن هذه الدراجات أصبحت مصدر رزق لفئة واسعة من الشباب العاملين في مجالات التوزيع والتجارة والنقل السريع.
وترى التامني في هذا الصدد، أن فرض الغرامات الثقيلة وحجز الدراجات يضر مباشرة بمصادر عيش هذه الفئة.
وسجلت المسؤولة البرلمانية “وجود تناقض بين سماح المصالح المختصة باستيراد وبيع هذه الدراجات في السوق الوطنية، ثم معاقبة المواطن عند استعمالها”، معتبرة أن هذا الأمر يعكس غياب الحكامة والفعالية في تدبير السياسات العمومية المرتبطة باستيراد وتسويق الدراجات النارية.
وفي هذا الإطار، طالبت المتحدثة الوزير الوصي على القطاع، عبد الصمد قيوح، بالكشف عن نوايا وزارته لإطلاق حملات تواصلية وطنية واسعة قبل تطبيق العقوبات، وعن الإجراءات الكفيلة بتجاوز تضارب الاختصاصات بين القطاعات الحكومية.
كما استفسرت التامني عن إمكانية بلورة استراتيجية مندمجة توازن بين متطلبات السلامة الطرقية وحماية القدرة الشرائية ومصادر رزق الفئات الهشة.