story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

تقرير: التعليم في المغرب لايساعد الشباب على اكتساب مهارات سوق الشغل

ص ص

أكد تقرير حديث أن النظام التعليمي والتكويني في المغرب يواجه تحديات كبيرة تؤثر على جودة التعليم وفرص الشباب في الحصول على المهارات اللازمة لولوج سوق الشغل، مضيفا أن البنية التحتية في العديد من المؤسسات الجامعية لا تزال بحاجة إلى تطوير وتحديث لتواكب المتطلبات الحديثة للتعليم والبحث العلمي.

وأفاد التقرير الصادر عن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن من أبرز هذه التحديات هو عدم ملاءمة المناهج التعليمية مع متطلبات سوق الشغل المتغيرة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الخريجين.

وأوضح التقرير المُنجز حول وضعية الشباب بالمغرب، أن العديد من التخصصات لا تزود الطلاب بالمهارات والكفاءات اللازمة التي يبحث عنها أرباب العمل، مما يخلق فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات الاقتصاد.

وأضاف المصدر أنه إلى جانب هذه الإكراهات، توجد تحديات متعلقة بالعدالة المجالية في الولوج إلى التعليم العالي، تتجلى في كون الفرص الجيدة تتركز في المدن الكبرى، مما يحرم شباب المناطق النائية من فرص متكافئة.

كما أشار أيضا إلى الإشكاليات المرتبطة بارتفاع نسب الهدر الجامعي، وما يعكسه ذلك من صعوبات يواجهها الطلاب في التكيف مع البيئة الجامعية أو في متابعة دراستهم بنجاح.

وفي هذا الإطار، دعت الوثيقة ذاتها الحكومة إلى ضمان إصلاح عميق للمناهج التعليمية وجعلها أكثر مرونة وتكيفاً مع سوق الشغل، مع التركيز على تطوير المهارات الناعمة أو البيضاء والقدرة على الابتكار وريادة الأعمال.

وشددت على ضرورة زيادة الاستثمار في البنية التحتية الجامعية وتجهيزها بأحدث التقنيات، وتوفير التمويل الكافي للبحث العلمي لتشجيع الابتكار وإنتاج المعرفة، علاوة على تعزيز الشراكة بين الجامعات والقطاع الخاص لضمان تدريب الطلاب على المهارات المطلوبة وتوفير فرص عمل للخريجين، وتفعيل دور التوجيه المهني والأكاديمي لمساعدة الشباب على اختيار التخصصات المناسبة لميولهم واحتياجات السوق.

وفي غضون ذلك، أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن إعادة بناء جسور الثقة بين الطالب المغربي وجامعته يمثل تحديًا محوريًا يتطلب مقاربة شاملة تبدأ بمكافحة ظواهر المحسوبية والزبونية، “التي أضحت تشكل وصمة عار في بعض الأحيان، وتؤثر سلبًا على مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الأكاديمية”.

وأشارت إلى أن معالجة مثل هذه القضايا بشفافية وحزم، وتقديم المتورطين فيها للعدالة، من شأنه أن يعيد الاعتبار للمؤسسة الجامعية كفضاء للعلم والمعرفة لا للتلاعب والمصالح الضيقة.

وخلص التقرير إلى التأكيد على أهمية إعادة الاعتبار للتنظيمات الطلابية وجعلها شريكًا فاعلاً وأساسيًا في صناعة جامعة رائدة، من خلال إشراكها في اتخاذ القرارات، والاستماع إلى صوتها، وتمكينها من أداء دورها التمثيلي في الدفاع عن حقوق الطلاب وتطلعاتهم.

وعلاقة بذلك، دعا تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة بمجلس المستشارين، المكلفة بتحضير الجلسة السنوية الخاصة بتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل، إلى إعادة هيكلة منظومة التكوين المهني للرفع من نجاعة الإدماج المهني، وربط برامج التكوين بمتطلبات سوق الشغل والمجالات ذات القيمة المضافة العالية.

وتضمن التقرير، الذي تمت مناقشته خلال جلسة عامة خصصت لمناقشة وتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل، يوم 22 يوليوز 2025 بحضور عدد من أعضاء الحكومة، مجموعة من التوصيات همت، بالخصوص، الجوانب المتعلقة بتأهيل منظومة التكوين وربطها بسوق الشغل، وتعزيز البحث العلمي والابتكار، وإصلاح السياسات العمومية المرتبطة بالتشغيل وتعزيز حكامتها، والتمكين الاقتصادي للنساء، وتحفيز المقاولات، لاسيما الصغيرة والمتوسطة.

وفي هذا السياق، أوصى التقرير بملاءمة برامج التكوين والتأهيل المهني مع متغيرات سوق الشغل، وتصميم برامج تكوينية تستجيب بدقة لاحتياجات سوق العمل عبر إشراك القطاع الخاص في تحديد محتويات التكوينات، وتوسيع نطاق برامج الإدماج والتشغيل الذاتي، وتبسيط المساطر الإدارية والولوج إلى التمويل، لاسيما لفائدة الشباب والنساء.

كما دعا إلى دعم التكوين المستمر للفاعلين في منظومة التشغيل، واعتماد شراكات استراتيجية مع الجامعات في مجال البحث العلمي، واعتماد برامج تكوين مدى الحياة لفائدة الموارد البشرية العاملة بقطاعي التشغيل والتكوين لتعزيز كفاءتهم المهنية وتحيين معارفهم، وتكوين الفاعلين المحليين في مجال إعداد وتتبع الأوراش، وإرساء منظومة رقمية موحدة لتتبع الأداء وتقييم الأثر.

وأكد التقرير، أيضا، أهمية تشجيع وتطوير البحث العلمي والابتكار لدعم التنافسية وجلب استثمارات ذات قيمة مضافة، والاستثمار في اقتصاد المعرفة لتوفير فرص شغل جديدة، وإدخال أهداف متجددة تراعي الابتكار، من قبيل دعم المقاولات الرقمية وتحسين أداء ومهارات الاقتصاد الأخضر.

وعلى مستوى الحكامة، حث المصدر ذاته على تدبير السياسات العمومية بمنطق الاستمرارية، لاسيما في القطاعات الحيوية المبنية على إجماع وطني كالصحة والتعليم والتشغيل، ورفع مستوى التنسيق المؤسساتي بين القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، بهدف تجاوز تكرار البرامج وتداخل الأدوار، داعيا إلى إحداث هيئة دائمة متعددة القطاعات لتنسيق السياسات العمومية المرتبطة بالتشغيل والتكوين والاستثمار، تحت إشراف رئاسة الحكومة.

وبخصوص التمكين الاقتصادي للمرأة، دعت التوصيات إلى تمكين النساء من امتلاك الأدوات اللازمة من خلال اعتماد حوافز ضريبية ومالية إضافية لصالح النساء، وتخصيص اعتمادات مالية لفائدة المشاريع النسائية الجماعية، مع تشجيع إدماج النساء في برامج التكوين والتشغيل في القطاعات الصناعية والمهيكلة، مشددة على أهمية دعم المقاولة النسائية من خلال تبسيط المساطر من خلال المواكبة القانونية والتقنية.

وفي ما يخص بيئة المقاولة، دعت الوثيقة إلى مراجعة تطوير منصات رقمية وطنية وجهوية لربط قواعد بيانات التكوين والتشغيل بالكفاءات والفرص الاستثمارية، وتشجيع الاستثمار الموجه ترابيا من خلال حوافز مالية وضريبية وآليات تمويل مرنة وميسرة، مبرزة أهمية توسيع نطاق الضمانات العمومية لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة لتيسير ولوجها للتمويل البنكي، وتخفيف الضغط على ميزانيات البنوك عبر إحداث سوق قانونية موازية خاصة بالديون المتعثرة.

وفي هذا الصدد، شدد عدد من المستشارين على ضرورة اعتماد إجراءات تحفيزية إضافية لتشجيع تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتعزيز العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات العمومية، مشيرين إلى أهمية تحديث الإطار القانوني المنظم لعلاقات الشغل، وتكييف عرض التكوين مع حاجيات سوق الشغل، وذلك في إطار مقاربة أكثر نجاعة واستهدافا.

وسجلوا أنه، بالرغم من التقدم المحقق في تحديث المنظومة المؤطرة للاستثمار واعتماد آليات محفزة للتشغيل، فإن الواقع لا يزال يكشف عن فجوة قائمة بين نجاعة الاستثمار من جهة، وأثره المباشر على التشغيل من جهة أخرى، مؤكدين أن معالجة معضلة البطالة تستدعي تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتعزيز الإدماج السوسيو اقتصادي.