ضيوف “من الرباط”: المغرب يتأثر بالقضية الفلسطينية وتجاوز التطبيع ليس سهلا

سلط برنامج “من الرباط”، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب” الضوء على المأساة المستمرة في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 22 شهرا، وانعكاساتها السياسية والإنسانية على المغرب، إذ اعتبروا أن المملكة تتأثر مباشرة بالتحولات العالمية التي باتت تحدثها القضية الفلسطينية، مبرزين أن تجاوز التطبيع بين الرباط وتل أبيب “أمر معقد وليس سهلا”.
“مأساة معقدة“
في هذا السياق، قالت الأستاذة الجامعية والحقوقية لطيفة البوحسيني “إن غزة اليوم تعيش مأساة معقدة وكبيرة آثارها النفسية وخيمة على الجميع”، لافتة إلى أن “العصابات الصهيونية لجأت إلى سلاح التجويع ضد الشعب الفلسطيني، وخصوصًا سكان غزة، مستخدمة كل أشكال الإبداع في أساليب القتل والإبادة، التي تجاوزت حتى ما استخدمه أدولف هتلر والنازيون”.
وأضافت أن “الإنسانية والمجتمع الدولي لم يتمكنا حتى الآن من إيقاف هذه الجرائم، بل استمرت عمليات الإبادة واستهداف الصحافيين”، مبرزة أن “هذه الجرائم تعكس الطبيعة الاستعمارية للكيان الصهيوني المبنية على أيديولوجية دينية وعنصرية”.
وذكرت البوحسيني، في هذا الجانب، أن “الكيان الصهيوني لم ينجح على مدى 75 عامًا في تأسيس مجتمع متماسك يجمع الشتات اليهودي في أرض فلسطين المزعومة”، مشيرة إلى أن “المشروع الصهيوني بني على الطروحات الدينية والسياسية العنصرية دون عمق حضاري أو هوياتي، ولم يستفد من الجانب الروحي والديني لبناء مجتمع متجانس، إذ أن هذا الفشل يظهر في عدم قدرته على استيعاب التشبث الفلسطيني بالأرض وحقه في استعادتها”.
وأردفت المتحدثة أنه رغم كل هذه المعاناة، “استطاعت المقاومة الفلسطينية إسقاط جزء من السردية الإسرائيلية الكاذبة وأثبتت أن هناك صوتًا عالميًا يدافع عن الحق الفلسطيني”. منبهة في الوقت نفسه إلى “أن بعض الجهات المتنفذة داخل الدولة المغربية تسعى لمصالحها الاقتصادية والسياسية على حساب القضية الفلسطينية”، وهو “ما يتطلب مواجهة التطبيع ويبرز الحاجة لتوحيد جهود المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية للدفاع عن غزة والحق الفلسطيني”.
إبادة وتوسع
من جانبه أكد الحقوقي والأستاذ الجامعي خالد البكاري “أن ما يقع في غزة ليس فقط احتلال أو استحواذ على السلطة، بل حرب إبادة بكل معنى الكلمة”، مضيفا أن “إسرائيل دولة توسعية وبلا حدود واضحة ولا دستور، وتستهدف جميع المجتمعات الفلسطينية في القدس والضفة وغزة”.
وتابع البكاري أن حتى الجيل الجديد في أوروبا “لم يعش تجربة التعرف على مأساة اليهود خلال الحرب العالمية، وهذا خلق تساؤلات حول ماضي الأجداد وانتهاكاتهم”، ومع ذلك، “الرأي العام وحده لا يستطيع أن يغير موازين القوى بين ليلة وضحاها”.
وفي حديثه عن مستقبل التطبيع لين المغرب وإسرائيل، شدد البكاري على “أن مبدأ إسقاط التطبيع ما زال قائما، ولكن الواقع يقول إن الموضوع مغلق حاليًا، فالاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل معقد وتجاوزه ليس سهلا، والنظام المغربي محرج”.
كما نبه، في هذا الصدد، إلى أن “هناك تغلغل فكري وإعلامي لبعض الإسرائيليين في المغرب سواء بالمؤسسات الإعلامية أو الأكاديمية أو المناصب الرسمية، وهذا ما يعقد الأمور ويؤكد أن الضغط على المغرب مستمر، سواء تعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية أو العلاقات الدولية”.
الواقعية والذكاء العسكري
ومن جهته، قال الإعلامي عبد الله الترابي “إن الواقع يشير إلى توجه نحو ما يُسمى ‘السلام الإسرائيلي’، وهو سلام مفروض بالقوة العسكرية، كما فعل الرومان قديمًا”، مبرزا أن “هذه هي نظرية نتنياهو الحالية المتثملة في إقامة علاقات قائمة على الخوف، مع جميع الدول المحيطة بإسرائيل، مع امتلاكها لإمكانات عسكرية وتكنولوجية كبيرة تضمن لها هذه الهيمنة”.
وأضاف “أن الصور التي تصلنا من غزة خلال العامين الماضيين كانت مؤلمة وغير مسبوقة، لكن ما يحدث في الضفة الغربية قد يكون أسوأ، نظرًا لعدم وجود تغطية إعلامية واسعة هناك”.
ولفت الترابي إلى أن “إسرائيل صنعت منذ أكثر من 70 عامًا سردية قوية، معتمدة على مأساة الهولوكوست، وأسست نموذجًا تاريخيًا في العلاقات الدولية، له تأثير كبير حتى اليوم”، مضيفا أن “السردية الإسرائيلية مدعومة أيضًا من تيارات سياسية غربية، مثل الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة، التي تدعم إسرائيل بشكل قوي بسبب معتقداتها الدينية المتعلقة بيوم القيامة وعودة المسيح”.
واستطرد المتحدث قائلا “إن هذه الحرب على غزة هي مفصلية لتوليد تيارات سياسية جديدة، والقضية الفلسطينية أصبحت عاملًا مؤثرًا في السياسة العالمية، من فرنسا إلى الولايات المتحدة”، مؤكدا أن القضية الفلسطينية تلعب دور فرز للأحزاب والتكتلات، والمغرب ليس بمعزل عن هذه التحولات، وتأثيرها يصل مباشرة إلى المجتمع المغربي والسياسة الداخلية”.
وخلص الترابي إلى التشديد على “أن المرجعية الكونية التي تؤمن بالحقوق والحريات بما فيها القوانين الدولية والعهود والاتفاقيات، فقدت مصداقيتها عمليًا أمام إسرائيل، بالنظر لما تقترفه من جرائم ضد الفلسطينيين على امتداد عقود، وأن كل ما بُني منذ الحرب العالمية الثانية من قيم دولية، أصبح بلا تأثير”.
*نسرين أولفقيه.. صحافية متدربة
لمشاهدة الحلقة كاملة المرجو الضغط على الرابط