story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

محكوم بالمؤبد.. مروان البرغوثي مُرعب الاحتلال من داخل سجونه

ص ص

مبتسمًا مرفوع الرأس، رافعًا شارة النصر بإحدى يديه بينما يقبض عليها باليد الأخرى، واليدان مكبّلتان بالأصفاد. صورةٌ للأسير مروان البرغوثي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ردًا على مقطعٍ نشرته وسائل إعلام إسرائيلية يظهر تهديد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير للأسير أثناء اقتحام زنزانته.

أشاد النشطاء بصمود مروان البرغوثي، الأسير في سجون الاحتلال منذ أكثر من عشرين عامًا، بأوصاف تقديرية من قبيل “الكرامة التي تهزم الجلاد” و”الرجال الصامدون”، وكتبت زوجته فدوى مخاطبةً إياه: “سوف تظل حرًا”.

خلال اقتحام زنزانته في سجن غانوت هدد الوزير اليميني المتطرّف إيتامار بن غفير البرغوثي قائلاً: “من يعبث بشعب إسرائيل سنقوم بمحوِه”. بدا البرغوثي في المقطع بملامح متوترة، ما أثار صدمة في صفوف عائلته ومخاوف بشأن مصيره. وأضاف بن غفير موجّهًا حديثه إلى البرغوثي: “لن تنتصروا، ويجب أن تدركوا ذلك”.

من هو البرغوثي؟

مروان البرغوثي سياسي وقيادي بارز في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). كان أحد أبرز وجوه الانتفاضة الثانية عام 2000، وشارك أيضًا في الانتفاضة الأولى عام 1987، وتعرّض للاعتقال والإبعاد أكثر من مرة، كما تعرّض لمحاولات اغتيال فاشلة.

وُلِد البرغوثي في يونيو 1959 في رام الله. أنهى دراسة الثانوية العامة في مدرسة الأمير حسن في بيرزيت، لكن مسيرته الدراسية تخلّلها اعتقالات وإبعاد، إذ اعتُقل بتهمة المشاركة في مظاهرات مناهضة للاحتلال أواخر السبعينيات.

تعلّم البرغوثي اللغة العبرية ومبادئ اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتمكّن من إثراء ثقافته أثناء وجوده في السجن.

نال درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة بيرزيت بعد الإفراج عنه، ثم ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة نفسها. عمل محاضرًا في جامعة القدس (أبو ديس) قبل أن يُعتقل مجدّدًا في أبريل 2002.

في عام 2010 نال من داخل قسم العزل الجماعي في سجن هداريم درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية؛ أنهى كتابة رسالته وتمَّ إيصالها سرًا إلى الخارج على مدى نحو عام بمساعدة محاميه.

يُعدّ البرغوثي من الشخصيات القادرة على توحيد الصف الفلسطيني، وهو من قيادات حركة فتح التي تربطها علاقات متفاوتة مع الفصائل الإسلامية. يرى أن أي فلسطيني يساوم على حدود عام 1967 خائن، لكنه يؤكد ضرورة التوصل إلى حل عادل ونهائي وفق قرارات الأمم المتحدة، ويعتقد أن عملية السلام بحاجة إلى راعٍ آخر غير الولايات المتحدة لانحيازها لإسرائيل.

تجربة الأسر

تعرض البرغوثي للاعتقال أول مرة عندما كان في السابعة عشرة من عمره (عام 1976) لمدة عامين بتهمة الانضمام إلى حركة فتح، ثم أعيد اعتقاله في 1978 وأُفرج عنه في مطلع 1983. لم يلبث طويلاً خارج السجن حتى اعتُقل مرة أخرى وأُطلق سراحه في العام نفسه.

ترأس مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت وانتُخب رئيسًا له لثلاث سنوات متتالية، وكان من أبرز مؤسسي حركة الشبيبة الفتحاوية، قبل أن يُعتقل مجدّدًا عام 1984 ويُفرَج عنه بعد أسابيع.

في مايو 1985 اعتُقل مجدّدًا لمدة خمسين يومًا وتعرّض أثناءها لتحقيق قاسٍ، ثم فُرضت عليه الإقامة الجبرية في العام نفسه قبل أن يُحتجز إداريًا في غشت من ذلك العام.

بعد أقل من عام على اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 انهالت الاتهامات الإسرائيلية على البرغوثي بمسؤوليته عن عدد من العمليات التي نسبتها إسرائيل إلى كتائب الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح. وتعرّض لعدة محاولات اغتيال، أبرزها قصف موكبه أمام مكتبه في رام الله في غشت 2001.

ظلّ البرغوثي مطارَدًا حتى اعتقله الاحتلال الإسرائيلي من رام الله يوم 15 أبريل 2002 مع أحد مساعديه أحمد البرغوثي.

صدر الحكم عليه بعد عامين من اعتقاله بخمس أحكامٍ بالسجن المؤبد إضافةً إلى أربعين عامًا، بتهم تتعلق بالضلوع في قتل وإصابة إسرائيليين والمشاركة في عملياتٍ مسلحة، والعضوية في ما وصفته السلطات الإسرائيلية بتنظيمٍ إرهابي.

واتهمته إسرائيل بأنه كان ضابطَ الاتصال بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقادة المجموعات المسلحة في حركة فتح، إضافةً إلى كونه مسؤولًا عن توفير السلاح والتمويل والمأوى وإعطاء الأوامر لتنفيذ عمليات عسكرية.

وبحسب وثائق صادرتها سلطات إسرائيل من مقرات السلطة، لم يثبت أن للبرغوثي علاقة مباشرة بالممارسات العسكرية على الأرض، وكان دوره تنظيميًا يقتصر على بعض مجموعات الكتائب، كما كان حلقة وصل بينها وبين عرفات في تمرير طلبات الدعم المالي والعسكري إلى مكتب الرئيس.

مرشحاً للرئاسة

لم تمنع جدران السجن البرغوثي من أن يظل جزءًا من المشهد الفلسطيني لسنوات؛ إذ كان من أعدّ صيغة اتفاق الفصائل عام 2003 لوقف العمليات المسلحة لمدة ثلاثة أشهر مقابل وقف عمليات الاغتيال والاقتحامات الإسرائيلية. كما ساهم عام 2006 في صياغة وثيقة الأسرى نيابةً عن حركة فتح سعيًا لحقن الدماء بعد الاشتباكات التي تلت فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات، وتم تعديل الوثيقة لاحقًا لتصبح وثيقة الوفاق الوطني.

في يناير 2021 أعلن البرغوثي ترشحه لرئاسة السلطة الفلسطينية بعد إصدار محمود عباس مرسومًا رئاسيًا يحدد مواعيد الانتخابات، رغم أن هذا الموقف خالف توصيات بعض أطر حركة فتح التي فضّلت اتفاقًا على مرشحٍ واحد.

إلى جانب نشاطه السياسي، يهتم مروان البرغوثي بالكتابة والتأليف. كتب داخل زنزانته عدة مؤلفات تمكّن من تسريبها ونشرها خارج السجن، منها: “يوم في زنزانة العزل الانفرادي”، و”الوعد”، و”الوحدة الوطنية”، و”قانون الانتصار”.

كما سرب في 18 أبريل 2017 بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني مقالًا نُشر في صحيفة نيويورك تايمز تحدث فيه عن ما وصفه بـ”وحشية الممارسات الإسرائيلية” داخل السجون، وسَرَّب أيضًا رسالة الدكتوراه الخاصة به التي حملت عنوانًا حول “الأداء التشريعي والسياسي للمجلس التشريعي الفلسطيني ومساهمته في العملية الديمقراطية في فلسطين من 1996 إلى 2006”.