قلق حقوقي ومطالبات بالتحقيق.. سيون أسيدون في غيبوبة بعد حادث “غامض”

ما يزال سيون أسيدون، المناضل السياسي والحقوقي، في غيبوبة تحت أجهزة التنفّس الاصطناعي منذ العثور عليه مغمى عليه ومصابًا داخل بيته، يوم الاثنين 11 غشت 2025، وسط استمرار القلق بشأن صحته وتواصل الشكوك حول الظروف التي أوصلته إلى هذه الحال.
وعلمت صحيفة “صوت المغرب” أنه تمّ نقل سيون أسيدون، في وقت متأخر من ليل الأربعاء 13 غشت 2025، من مدينة المحمدية، حيث أُجريت له عملية جراحية على مستوى الدماغ، إلى مستشفى خليفة بالدار البيضاء.
وبخصوص حالته الصحية، قال الأطباء الذين عاينوه في المحمدية إن وضعه حرج، مشيرين إلى أنه ستُنتظر عودة الاستقرار إلى حالته بعد العملية الأخيرة، التي وُصفت بالناجحة، تمهيدًا لإجراء عملية ثانية على مستوى الرئتين بسبب تعرضهما لنزيف داخلي.
من هو سيون أسيدون؟
سيون أسيدون من مواليد 1948 بأكادير لعائلة يهودية. سياسيّ ومناضل حقوقي، يُعد أحد مؤسّسي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “بي دي إس” (BDS)، وينشط حاليًا ضمن السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، التي تضم 19 تنظيمًا سياسيًا وحقوقيًا ونقابيًا.
عاش أسيدون في سبعينيات القرن الماضي تجربة الاعتقال السياسي خلال ما سُمّي “سنوات الجمر والرصاص”، إذ اعتُقل في فبراير 1972 واقتيد إلى المعتقل السري “دار المقري”، حيث تعرّض لتعذيب كان له تأثير كبير على حالته الصحية.
وأصدرت غرفة الجنايات بالدار البيضاء حكمًا ثقيلًا بحقه بالسجن 15 سنة، على خلفية اتهامات ينفيها عن نفسه، من بينها التخطيط لقلب نظام الحكم والقيام بأعمال عنف. وأمضى أكثر من 12 سنة في السجن قبل أن يُفرج عنه في غشت 1984، في إطار عفو أصدره الملك الحسن الثاني بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”.
دخل سيون أسيدون عالم السياسة من بوابة فلسطين، كما يروي في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، خلال استضافته في بودكاست “ضفاف فنجان” الذي يقدّمه الصحافي يونس مسكين.
يُعد أسيدون ناشطًا بارزًا في المغرب ضد الصهيونية والتطبيع مع إسرائيل، ومناضلًا من أجل مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو الشركات الداعمة للاحتلال، خاصة من داخل الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل “بي دي إس”، التي تأسست عام 2005 لتشمل مجالات اقتصادية وثقافية ورياضية. ويؤكد أنها تحقق نتائج إيجابية، مثل سحب عدد من البنوك والشركات العالمية استثماراتها. وتشمل المقاطعة مجالات فنية وأكاديمية ورياضية واقتصادية.
ويُعرف أسيدون بحضوره الدائم والفاعل في الفعاليات والمظاهرات والمسيرات الشعبية المتضامنة مع فلسطين والمندّدة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكان آخرها الاعتصام الشعبي أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء يوم السبت 2 غشت الجاري، والمسيرة المتّجهة نحو ميناء طنجة يوم الأحد 3 غشت، احتجاجًا على رسو سفن تحمل معدات عسكرية موجهة إلى إسرائيل.
مطالبات بالتحقيق
بعد دخوله المستشفى عقب الحادث الذي أثار قلق أصدقائه والمقرّبين منه، دعت اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة (BNS)، التابعة لحركة المقاطعة العالمية، سلطات المغرب إلى التحقيق والكشف عن ملابسات ما تعرّض له أسيدون في أقرب وقت.
وقالت اللجنة الفلسطينية: “نضمّ صوتنا إلى الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع في المطالبة بالتحقيق والكشف عن ملابسات الحادث بأسرع وقت”. وأضافت: “تمنياتنا للرفيق سيون أسيدون بالشفاء العاجل، وعودته إلى ميادين النضال والتضامن ومناهضة التطبيع ومساندة شعبنا في نضاله لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة وتفكيك نظام الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي برمّته”.
وكانت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع قد طالبت السلطات “بكشف نتائج التحقيقات التي يفرضها الغموض الكبير المحيط بالحادث”، ولا سيما في حالة شخصية حقوقية وطنية وأممية بارزة و”مناضل صلب من أجل فلسطين وضد التطبيع”. وأوضحت الجبهة أن نشاط سيون أسيدون “يجعل احتمال الاستهداف أمرًا قائمًا”، ما يستوجب “التعامل مع الواقعة بكل جدية ومسؤولية، بعيدًا عن أي استخفاف أو معالجة سطحية”.
وأعلنت أنها ستُبقي اجتماع السكرتارية الوطنية للجبهة مفتوحًا لمتابعة كل المستجدات وإخبار الرأي العام الوطني والدولي بها، واتخاذ الموقف المناسب. وذكرت أنها تنتظر الملف الطبي لاتخاذ كل الإجراءات على ضوئه.
وعلمت صحيفة “صوت المغرب” أن التحقيقات متواصلة من قبل السلطات المختصة، التي حصلت على تسجيلات لكاميرا مراقبة خارج المنزل، كما أخذت هاتف أسيدون والبصمات من على سيارته، وغيرها من المعطيات المعتمدة في التحقيق.
يُذكر أنه جرى العثور على سيون أسيدون مغمًى عليه فوق كرسي داخل منزله، الذي جرى اقتحامه بحضور الشرطة، عقب انقطاع اتصال أصدقائه به لمدة يومين. وأفادت مصادر لصحيفة “صوت المغرب” بأن أسيدون كان فاقد الوعي وعليه آثار إصابات على مستوى الرأس والكتف وُصفت بأنها “غير طبيعية”، ما استدعى نقله على وجه السرعة إلى مصحة بالمحمدية، حيث تبيّن أنه يعاني نزيفًا في الدماغ والرئتين.
ويأتي هذا الحادث في سياق الحراك الواسع الذي يشهده الشارع المغربي ضد التطبيع والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ويُعد سيون أسيدون من أبرز قادة هذا الحراك منذ أكثر من 22 شهراً، داعمًا للمقاومة واحتجاجًا على الإبادة الجماعية، إلى جانب نشاطه المتواصل في حملات المقاطعة ضد الشركات الداعمة لإسرائيل. وهو ما يدفع مخاوف أصدقاءه للمطالبة بتحقيق جدي خشية أن يكون الحادث الأخير نتيجة لاستهدافه.