story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

إعلاميون يحذرون من “جريمة قانونية وأخلاقية” في مشروع قانون “مجلس الصحافة”

ص ص

قال الإعلامي والكاتب محمد عبد الرحمن برادة إن مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يتضمن “ثغرات ونواقص ومخالفات جسيمة”، مشددًا على أن رفضه لهذا المشروع لا ينبع فقط من مخالفته للقانون، أو للأخلاق، أو الأعراف، أو التقاليد، بل لأنه “يضرب في كل ذلك مجتمِعًا”.

وفي كلمة له خلال المائدة المستديرة التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية، يوم الأربعاء 16 يوليوز 2025 بالرباط، لمناقشة هذا المشروع، اعتبر برادة أن مجرد الاطلاع السريع على مواد هذا القانون يكفي لاكتشاف ما وصفه بـ”جريمة قانونية وأخلاقية” في كل بند تقريبًا، قائلاً: “كل سطر فيه ثغرة، بل كل بند يفضح استهتارًا بحقوق الصحافيين وبروح المجلس نفسه.”

وأضاف المتحدث أن “المجلس الوطني للصحافة في حد ذاته إنجاز مهم جدًا، بل هو من أفضل ما جاءت به التجربة الديمقراطية في بلادنا، لأنه مرآة تعكس مستوى نضج ديمقراطيتنا، لكن ما يحدث الآن هو محاولة لتحطيم هذه المرآة، لتغدو عاكسة لوضعية هشة، بل مخجلة، تعيشها الصحافة في المغرب.”

وانتقد برادة استمرار اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون المجلس الوطني للصحافة، واصفًا إياها بأنها “غير قانونية وغير ديمقراطية”، مؤكدًا في نفس الوقت أن الجسم الصحافي المغربي “لم يُستشر إطلاقًا في هذا المشروع”، لا من قريب ولا من بعيد.

“في جميع المحطات، وفي كل الجهات، ومع كل مكونات الجسم الصحافي في المغرب، لم يتم أي نوع من الاستشارة الحقيقية حول هذا المشروع، كيف يمكن أن نناقش شيئًا لا نملك حتى الحق في رفضه؟” يتساءل برادة.

“غير دستوري”

واعتبر الإعلامي أن المشروع الجديد “غير دستوري”، لأن الدستور ينص على أن التنظيم الذاتي يجب أن يتم على أساس قانوني واضح، ومن خلال انتخابات حقيقية، وليس عبر “تعيينات سياسية على المقاس”.

وقال إن “في هذا المشروع، نجد تناقضًا صارخًا: هناك من يُنتخب، وهناك من يُعيّن، وهذا الخلل البنيوي يُفقد المجلس شرعيته، ويجعل منه كيانًا هشًّا خاضعًا للتوازنات السياسية، لا لحاجيات المهنة.”

وختم برادة كلمته بالتأكيد على موقفه الرافض لهذا المشروع، قائلًا: “نعم للمجلس الوطني للصحافة، لا للرداءة، لا للهيمنة، لا للتسلط، لا للتحكم”، معتبرا أن هذا القانون يمثل إساءة حقيقية لمهنة الصحافة ولقيم التنظيم الذاتي والمهنية والاستقلالية.

ومن جانبه، تمنى المنسق الوطني للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، محمد الوافي، لو كان لقاء اليوم مخصصًا للنقاش حول حصيلة المجلس الوطني للصحافة، وما يحتاجه من دعم، والإنجازات التي يمكن الاعتزاز بها وتشجيعها بفخر، لكنه أكد بأسف أن النقاش حول مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة “أنهى النقاش عمليا”.

وقال الوافي إن الحكومة التي تعمل بأغلبية عددية ستُمرر المشروع مهما كان، ولهذا فإن أهمية النقاش اليوم تكمن في توجيه رسالة واضحة للحكومة ولمشروع القانون نفسه: أين وقع الخطأ؟ وما هي المشاكل الحقيقية؟ وكيف يمكن تطوير المشروع وصياغته بشكل أفضل؟

البارومتر الحقيقي للديمقراطية

وأوضح المسؤول النقابي أن الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام تؤمن بأن مجال الحريات، وخاصة حرية الصحافة، هو البارومتر الحقيقي للديمقراطية في أي بلد، لافتا إلى أن هذا البارومتر اليوم في حالة تدهور، ولكن للأسف لا يُؤخذ الأمر بجدية كافية.

واعتبر أن مشروع القانون الحالي يكشف حجم التناقضات في المغرب، إذ يعكس القانون، الواقع الحالي بشكل مرآة، وبتراجعه يُعاد إحياء ممارسات لم تعد مقبولة حتى في أزمنة غير مستحسنة.

وأكد أن هذه التناقضات الخطيرة تثير تساؤلات حول دور المجلس الوطني للصحافة ومستقبله.

وأشار إلى “وجود تناقض واضح بين اختصاصات المجلس الوطني للصحافة المحددة قانونيًا وبين الواقع الممارس على أرض الواقع”، موضحًا أن المجلس يعاني من مشاكل كبيرة في التسيير، بحيث يتعرض الصحافيون والنقابيون والناشرون لضغوط مستمرة.

وأضاف أن الزملاء في المجلس يتلقون شكاوى متكررة حول عدم احترام المساطر التأديبية، وعدم الالتزام بقانون الشغل، وكثرة الإقالات “بسبب الانتماءات النقابية، ورفض الاختلاف”.

وأشار الوافي إلى أن المهنيين كانوا متفائلين في وقت سابق بمسار المجلس الوطني للصحافة، “بفضل تراكم تاريخي منذ الاستقلال وحتى اليوم”، غير أن الانحراف الذي بات يعرفه منذ ثلاث سنوات، فضلا عن مشروعي القانون المعروضين على البرلمان حاليا، كلها أمور خيبت آمال الصحافيين وعموم المهنيين في تحقيق تنظيم ذاتي حقيقي للقطاع.