story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا ينتقل لمرحلة أكثر تقدما وسط تحديات استثمارية وجيوسياسية

ص ص

على ضوء المعطيات الحديثة التي أكدت وجود تطور ملحوظ في مشروع أنبوب الغاز من نيجيريا إلى المغرب نحو أوروبا، حيث تم استكمال الدراسات الهندسية والتقنية الخاصة بالجزء الشمالي، وجرى التوقيع على مذكرات تفاهم جديدة مع شركاء جدد.

اعتبر خبراء في الشأن الاقتصادي أن الانتقال من مرحلة الدراسات الأولية إلى المرحلة الهندسية يعد مرحلة مهمة تمهّد لانطلاق التنفيذ الفعلي، لكنهم أشاروا إلى استمرار وجود تحديات أخرى تتعلق بتحديد التكلفة الحقيقية للمشروع، وضمان الاستدامة المالية عبر توقيع عقود شراء مسبقة، بالإضافة إلى التأثيرات الجيوسياسية والمنافسة الإقليمية التي قد تؤثر على نجاح المشروع.

تطور بارز

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي رشيد ساري، إن المشروع انتقل فعليًا من مرحلة الدراسات الإدارية، التي كانت تهم تجميع الوثائق والإجراءات الأولية، إلى مرحلة أكثر تقدمًا، تتعلق بإجراء الدراسات الهندسية المفصلة، موضحا أن “صندوق أوبك تولّى تمويل هذه المرحلة الثانية، التي تمثل تطورًا جوهريًا في مسار الإنجاز”.

وأبرز ساري أن هذه المرحلة ستمكن من تحديد نقطتين أساسيتين ظلتا غامضتين في السابق، وهما التكلفة الحقيقية للمشروع، التي كانت تقدّر بـ25 مليار دولار، ثم المدة الزمنية المطلوبة لإنجازه، والتي كانت التوقعات بشأنها تشير إلى 25 سنة، قبل أن تشير الدراسات الأخيرة إلى إمكانية تقليصها.

وأشار إلى أن طول الأنبوب كان يُقدّر سابقًا بما بين 5600 و6000 كيلومتر، غير أن الدراسات الهندسية الحديثة ستساعد على تحديد المسافة الفعلية للمسار بدقة أكبر، ما سيساهم أيضًا في حسم مسألة التكلفة والمدة الزمنية للتنفيذ.

وتابع الخبير أن المشروع يضم 13 دولة بحرية، إضافة إلى دولتين غير ساحليتين، مؤكدا أن هذه الدول وقّعت مذكرات تفاهم مختلفة، من بينها موريتانيا والسنغال، كما أُعلن حديثًا عن انضمام الشركة التوغولية للغاز رسميًا للمشروع، ما يعزز التوافق الإقليمي حوله.

وأوضح ساري أن القمة التي عقدتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “سيدياو” في دجنبر 2024، اعتمدت اتفاقًا حكوميًا دوليًا يُنظّم حقوق والتزامات الدول المشاركة، وهو ما اعتبره تطورًا مؤسساتيًا مهمًا يعزّز الإطار القانوني للمشروع.

وشدّد على أن المرحلة الحالية تمثّل تحولًا استراتيجيًا، حيث تم استكمال الدراسات الأولية، ودخل المشروع ما سمّاه مرحلة الإنجاز، التي تشمل الترتيبات المالية والمؤسساتية تمهيدًا للبدء الفعلي في أشغال البناء.

وتوقع ساري أن تكون الأشهر القليلة المقبلة حاسمة، من أجل حسم ثلاث قضايا رئيسية وهي تحديد الدول التي ستنضم نهائيًا إلى المشروع، والتكلفة المالية الدقيقة، ثم الجدول الزمني المفصل للتنفيذ، في ظل ما أفرزته الدراسات الحديثة من معطيات.

تحديات مستمرة

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي ياسين اعليا، إن “المشروع قطع أشواطًا مهمة، خاصة في الشطر الشمالي الممتد من المغرب حتى السنغال، حيث استُكملت الدراسات التقنية، في حين ما زالت الدراسات في الجزء الجنوبي الممتد من نيجيريا إلى السنغال تشهد بعض التعثرات”.

وأوضح اعليا أن “المشروع يحظى باهتمام من مؤسسات تمويل دولية وإقليمية كالإمارات والبنك الإسلامي للتنمية، إلا أن تكلفته المرتفعة، التي تتراوح بين 25 و30 مليار دولار، تفرض تحديات كبيرة، خاصة في ما يخص تأمين عائدات مستدامة تبرّر هذا الاستثمار”.

وأضاف أن “هذه المردودية تعتمد على توقيع عقود شراء مسبقة مع الزبائن، ولا سيما في السوق الأوروبية، وهو ما لم يتم إلى حدود الآن، مما يجعل من الصعب الشروع في تنفيذ المشروع فعليًا قبل 2026 على أقل تقدير”.

وأشار المتحدث إلى أن “المشروع، رغم أهميته في توفير الطاقة لدول غرب إفريقيا، يواجه منافسة من مشاريع أخرى، خاصة بعد الاكتشافات الغازية في موريتانيا والسنغال، ما قد يدفع هذين البلدين إلى إعادة تقييم مشاركتهما في الأنبوب، ليس انسحابًا، وإنما بإعادة النظر في شروط المشاركة”.

كما أشار إلى “وجود تحديات جيوسياسية مرتبطة بمشروع آخر منافس، وهو الأنبوب الذي يربط نيجيريا بالنيجر ثم الجزائر، والذي يتمتع ببنية تحتية جاهزة بشكل أكبر، ما يجعل كلفة الاستثمار فيه أقل مقارنةً بالمشروع المغربي النيجيري”.

ورغم هذه التحديات، أكد اعليا أن “المشروع المغربي النيجيري يراهن على إحداث زخم طاقي إقليمي، ويُعَد جزءًا من رؤية استراتيجية للمغرب في تقوية روابطه الاقتصادية والطاقة مع عمقه الأفريقي وأوروبا”، مشددًا على “أهمية توالي الاجتماعات والاتفاقات لتثبيت أسسه”.

وشدد على أن “بداية التنفيذ الفعلي للمشروع تبقى مرهونة بتجاوز هذه الإكراهات، مرجّحا “ألا يبدأ الإنجاز إلا في حدود سنة 2028، في أفضل السيناريوهات”.