لعبة رقمية مغربية تحيي تراث فاس في معرض الألعاب الإلكترونية بالرباط

يحتضن معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية في دورته الثانية بالعاصمة الرباط عددًا من المبادرات الشبابية، التي تعكس التوجه المتزايد نحو إدماج الثقافة المغربية في المنصات الرقمية التفاعلية، من خلال تطوير ألعاب إلكترونية تربط بين الترفيه والتعلم.
ويشارك في هذا الموعد السنوي، المنظم من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل، عدد من المهنيين والخبراء والمطورين من المغرب وخارجه، بهدف تعزيز موقع المغرب ضمن خارطة الصناعات الإبداعية والرقمية.
ومن بين المشاريع المعروضة خلال هذه الدورة، قدم محمد لعروسي، مؤسس شركة “Inclusive Medina”، لعبة إلكترونية تفاعلية تتمحور حول مدينة فاس، وتهدف إلى تقديم تجربة افتراضية داخل معالمها التاريخية، عبر مزج الجانب الترفيهي بالمحتوى التعليمي والثقافي.
وتقوم فكرة المشروع على رقمنة عدد من الفضاءات التراثية وتحويلها إلى مراحل داخل اللعبة، يتعرف خلالها اللاعب على قصص الأماكن، ويتفاعل معها من خلال مهام تعتمد على الحرف التقليدية والمكونات المعمارية المحلية.
وأوضح لعروسي في تصريحات خاصة لصحيفة “صوت المغرب” أن اللعبة تستهدف جمهورًا متنوعًا من الأطفال والشباب والعائلات، وتتيح لهم خوض تحديات مرتبطة بإعادة بناء أجزاء من المآثر، مثل تجميع الزليج أو ترميم نافورة، بما يعكس الأبعاد الحرفية والتاريخية للمكان.
وأكد أن المؤثرات الصوتية والموسيقية المعتمدة في اللعبة مستمدة بالكامل من الثقافة المغربية، بهدف تعزيز الشعور بالانتماء الثقافي لدى المستخدم.
وأشار إلى أن المشروع يندرج ضمن رؤية أشمل تتعلق بإدماج الرقمنة في صون الذاكرة المعمارية، مستشهدًا بتجارب دولية استخدمت فيها ألعاب إلكترونية لتوثيق معالم تراثية ساعدت لاحقًا في عمليات الترميم.
واعتبر أن هذا النوع من الألعاب يمكن أن يتحول إلى مصدر مرجعي يُعتمد عليه في الحفاظ على التفاصيل الدقيقة للفضاءات التاريخية.
وفي هذا السياق، اعتبر المتحدث أن هذا التطور يندرج في إطار رؤية وطنية طموحة تهدف إلى جعل المغرب فاعلًا رئيسيًا في هذا القطاع، قائلاً: “نحن نحلم بأن تكون لدينا مدينة متخصصة في صناعة الألعاب الإلكترونية، تجمع بين الشركات المغربية والفاعلين العالميين”، مشددًا على أن المغرب يملك المؤهلات البشرية والتقنية التي تخوّله النجاح، كما نجح في قطاعات صناعية كبرى كصناعة الطيران والسيارات.
وتندرج هذه المبادرة ضمن حركية أوسع يشهدها مجال الألعاب الإلكترونية في المغرب، منذ إطلاق النسخة الأولى من المعرض سنة 2024، والتي ساهمت في ظهور تجمعات للمطورين الشباب، وإطلاق برامج تكوينية مخصصة لصناعة الألعاب، من بينها برنامج يستفيد منه 40 شابا في مجال تصميم الألعاب، وآخر موجه لدعم الشركات الناشئة في القطاع.
وتعكس هذه المشاريع الشبابية التحول الذي يعرفه مجال الألعاب الإلكترونية بالمغرب، من مجال ترفيهي تقليدي إلى منظومة رقمية منفتحة على إمكانيات التعليم، وتثمين الموروث الثقافي، وتطوير المهارات الرقمية في أوساط الفئات الناشئة.
ويشارك في المعرض أكثر من مئة شاب مغربي، في مشهد يعكس الدينامية المتصاعدة التي يعرفها هذا القطاع، وانتقاله من خانة الهواية إلى مجال ريادة الأعمال، ضمن منظومة رقمية تجمع بين الإبداع والتكنولوجيا والاقتصاد، وتفتح آفاقًا واعدة أمام شباب يراهن على تحويل الشغف بالألعاب إلى مسار مهني متكامل.