منتدى السوسيولوجيا.. أكاديمي: نرفض أن يُقرَن اسم المغرب بـ”شبكة للشذوذ”

بينما لم تخمد بعد نار الغضب من المشاركة الإسرائيلية في المنتدى الخامس للسوسيولوجيا بالرباط، حتى أشعلت الجمعية الدولية لعلم الاجتماع موجة غضب جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط المحافظة بالمغرب، بإعلانها عن تأسيس “شبكة لذوي الميولات الجنسية المختلفة” في العاصمة الرباط.
وقالت الجمعية الدولية لعلم الاجتماع، في بلاغ نُشِر على موقعها الرسمي، إنها تعتزم تنظيم اجتماع افتتاحي على هامش المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، يوم الإثنين 07 يوليوز 2025، لإطلاق شبكة للمثليين والمتحولين جنسياً، مشيرة إلى أنها تهدف إلى ربط الأعضاء ذوي الميولات الجنسية المختلفة في الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) عبر اللجان البحثية والأجيال والاهتمامات البحثية المختلفة”.
شكل آخر من أشكال التطبيع
وفي هذا السياق، يرى الباحث الأكاديمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، فؤاد هراجة، أن تبني هذه الشبكة من داخل المغرب “هو شكل آخر من أشكال التطبيع الأكاديمي، لكنه هذه المرة مع الشذوذ الجنسي والرذيلة والمسخ الفطري”.
واعتبر هراجة، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، هذه الخطوة محاولة لإضفاء نوع من المشروعية العلمية والمعرفية على سلوكات شاذة “فندت العديد من الأبحاث العلمية كونها ميولات طبيعية، وأكدت أنها حالات مرضية تستدعي علاج أصحابها حتى يستعيدوا حالتهم الطبيعية والفطرية”.
وقال إن الجامعات والمعاهد باعتبارها منارات للتربية والتكوين والبحث العلمي والابتكار، تقتضي وظيفتها التربوية في نشر القيم “التبرم عن تبني واحتضان مثل هذه الشبكات التي يعد إدماجها في المجتمع العلمي تشجيعاً لمذهبها، وتعزيزاً لشذوذها وتطبيعاً مع الرذيلة وتهديداً لفطرة وطبيعة الإنسان”.
ولا يفرق الباحث فؤاد هراجة بين التطبيع مع إسرائيل والتطبيع مع الشذوذ الجنسي، مشيراً إلى أنهما “سيان في تهديد قيم وأخلاق ووحدة المجتمعات، كما أن كليهما مدخلان لنخر المنظومات القيمية، ومن ثم التحكم باسم الأقليات في سياسات وقرارات الدول”، بالتالي ينبغي للجامعات بحسب المتحدث “أن تكون صمام أمان لاستقرار المجتمعات لا أداة للهيمنة عليها”.
وضرب هراجة المثال بدولة قطر عند تنظيمها كأس العالم 2022، قائلاً: “إن انتهاز فرصة انعقاد المنتدى بالمغرب لتأسيس ‘شبكة لذوي الميولات الجنسية المختلفة’ يذكرنا بمحاولة اختراق المنظومة الأخلاقية والقيمية لدولة قطر خلال تنظيمها للمونديال، وتهديدها بحرمانها من تلك الفرصة إن لم تسمح للاعبين والجمهور بحمل شعارات الشواذ”.
وأضاف: “وقتها رفضت قطر هذا التهديد وتحدت الضغط ونظمت أنجح مونديال في التاريخ دون التخلي عن أخلاق المجتمع وقيمه”.
ويرى المتحدث ذاته أن هناك جهات محلية ودولية تحاول استغلال مرحلة التطبيع، وتنظيم المغرب لكأس العالم “من أجل تمرير وتأسيس هذه الشبكات المشبوهة التي إن أسست -لا قدر الله- سيبقى اسمها مقترناً بالبلد والمدينة التي تشكلت فيها”.
وتابع قائلاً: “نحن نرفض رفضاً تاماً أن ترتبط شبكة أو معاهدة للشذوذ باسم المغرب وعاصمته الرباط، رباط المربين والعلماء والمفكرين”.
“أخبار زائفة”
ومن جهة أخرى، تواصلت صحيفة “صوت المغرب” مع منسق الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، فتاح الزين، كونها الجهة المستضيفة للمنتدى العالمي بشراكة مع جامعة محمد الخامس، فنفى أن يكون هناك تأسيس فعلي للشبكة بالمغرب، واعتبر ما يُروّج “مجرد أخبار زائفة”، قبل أن يسترسل قائلاً: “حتى وإن صح ذلك فإنه ربما يتعلق بشبكة بحثية تهتم بهذه الظاهرة من أجل دراستها، لنحاول فهم الأسباب والحلول، وليست شبكة تضم المثليين”.
وأوضح أن السوسيولوجيا علم يُعنى بدراسة قضايا المجتمع ولا يدعو إلى تبنّي المثلية، مشيراً إلى أن الجمعية الدولية لعلم الاجتماع هي مؤسسة أكاديمية تهدف إلى دراسة مختلف القضايا من منظور علمي.
وقال إن الذين يهتمون بهذه الأخبار في المغرب “يلاحقون الإثارة وليس الخبر، ويؤججون علينا النحل داخل المغرب وخارجه”، مضيفاً أن “الدولة المغربية أو جامعة محمد الخامس لم تتقدما بترشيح رسمي لاحتضان المنتدى، بل جاء ذلك عبر المجتمع المدني الأكاديمي من خلال الهيئة المغربية للسوسيولوجيا”.
وأشار الزين إلى أن الهيئة تدرس إصدار بلاغ توضيحي “يفند الادعاءات بشأن تأسيس شبكة للمثليين والمتحولين جنسياً بالعاصمة الرباط”.
حذف الإعلان
وبالمقابل، أقدمت الجمعية الدولية لعلم الاجتماع، مساء الجمعة 4 يوليوز 2025، على حذف البلاغ الذي كانت قد أعلنت فيه عن الاجتماع الافتتاحي لتأسيس “شبكة لذوي الميولات الجنسية المختلفة”.
وكانت الجمعية قد نشرت، يوم الخميس 3 يوليوز، بلاغاً على موقعها الرسمي قالت فيه إن شبكة المثليين والمتحولين التابعة لها “تُعد مبادرة جديدة تهدف إلى ربط الأعضاء الكويريين في الجمعية الدولية لعلم الاجتماع عبر مختلف اللجان البحثية والأعمار والاهتمامات”.
ويُعدّ مصطلح “الكوير”مظلة تشمل جميع الأقليات الجنسية المنتمية إلى مجتمعات الميم، مثل المثليين والمتحولين جنسياً، أو أي شخص لا يرى نفسه منسجماً مع المعايير المجتمعية السائدة فيما يخص الهوية الجندرية أو التوجه الجنسي.
وأضافت الجمعية الدولية لعلم الاجتماع أن هذه الشبكة “تهدف إلى بناء مساحة مشتركة للتعاون، والدعم المتبادل، والتبادل، والمساهمة في جعل الجمعية الدولية مجتمعاً أكاديمياً أكثر شمولاً”.
ودعت الجمعية جميع المشاركين المهتمين إلى حضور الاجتماع الافتتاحي خلال المنتدى الخامس، يوم الإثنين 7 يوليوز 2025، على أن يتم تقاسم مكان الاجتماع مع المهتمين.