story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

البث التلفزي لأغاني “طوطو” المتضمنة لألفاظ “نابية” يثير انتقادات حادة

ص ص

أثار بث القناة الثانية، ليلة الثلاثاء 1 يوليوز 2025، لسهرة فنية أحياها مغني الراب المغربي “الغراندي طوطو”، ضمن فعاليات مهرجان “موازين – إيقاعات العالم”، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط موجة من الانتقادات التي طالت مضمون العرض.

وانطلقت السهرة، التي تم بثها انطلاقًا من الساعة 11 و05 دقائق ليلاً، في إطار التغطية الخاصة التي خصصتها القناة لفعاليات المهرجان، حيث ظهر طوطو وهو يؤدي مجموعة من أشهر أغانيه، من بينها مقاطع تضمنت عبارات وُصفت من قبل نشطاء بـ”النابية” و”غير الملائمة”، معتبرين أنها “لا تعكس القيم الثقافية والأخلاقية للمجتمع المغربي”.

وتداول رواد المنصات الرقمية تدوينات تعبر عن استنكارهم لما اعتبروه “تطبيعًا مع الخطاب السوقي” في الإعلام العمومي، متسائلين عن دور الرقابة في حماية الذوق العام، لا سيما أن السهرة بُثت في توقيت ذروة المتابعة العائلية في قناة عمومية.

وقبل البث قالت القناة الثانية على موقعها الإلكتروني إن هذا البث جاء لـ”نقل واحدة من أبرز لحظات المهرجان”، مشيرة إلى أن “الغراندي طوطو” يعتبر أول فنان مغربي يعتلي منصة السويسي العالمية بالعاصمة الرباط، التي اعتادت على استضافة كبار الفنانين الدوليين.

وأضاف المصدر ذاته أن العرض شهد حضورًا جماهيريًا كثيفًا وتفاعلًا كبيرًا، وقدم من خلاله نجم الراب المغربي أداءً تميز بالحماس والتواصل المباشر مع الجمهور، في أمسية ترسخ، حسب القناة، مكانته ضمن أبرز الأسماء الفنية في الساحة الموسيقية المغربية.

يسائل مؤسسات التنشئة

وفي السياق، اعتبر الأستاذ الجامعي والخبير في السياسات التربوية، حسين زهيدي، أن السهرة التي أحياها الفنان المغربي الشاب طه الفحصي، الملقب بـ”الكراندي طوطو”، على منصة السويسي، في ليلة حظيت بحضور جماهيري واسع من الشباب والشابات، تطرح العديد من التساؤلات العميقة حول المؤسسات التنشئية في المجتمع المغربي.

وأكد زهيدي على أن الحدث لا يجب أن يُنظر إليه فقط من زاوية التقييم الأخلاقي أو القيمي لمضمون الأغاني والموسيقى، بل هو “إنذار” لكل من الأسرة، والمدرسة، ودور العبادة، والمؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى الأندية الفنية والثقافية والرياضية، وكل من يتولى مهمة التنشئة الاجتماعية.

وفي توصيفه للحدث، وصفه زهيدي بأنه “كحجر قُذف في نوافذ هذه المؤسسات، مما يجبرنا على التساؤل حول قدرة هذه المؤسسات على مواكبة التحولات السريعة التي يشهدها المجتمع، أم أنها تعيش بدورها حالة من التحول أو التآكل”.

“يحتل موقعًا بارزًا”

وأوضح أن فن “الراب”، الذي كان يُعتبر سابقًا صوت الهامش والشارع، أصبح اليوم يحتل موقعًا بارزًا داخل المشهد الثقافي، بدعم من مؤسسات رسمية، وهو ما يتجلى في حضوره في مهرجانات دولية مرموقة، سواء اختلفنا أو اتفقنا مع محتواه.

وأشار إلى أن الفنان الشاب لم يكن بحاجة إلى هذا المهرجان لتكريس شهرته، إذ أن نجاحه وشعبيته كانت قائمة بالفعل، مستدلاً على ذلك بقدرة الفئات المهمشة والمقهورة والمنبوذة، عبر أدوات التواصل الحديثة، على اختراق قنوات الإعلام التقليدية والوصول إلى جمهور واسع دون الحاجة إلى المؤسسات الرسمية.

وشدد على أن ما حصل هو لحظة انكشاف لتحولات جرت بصمت على مدى سنوات، مشيراً إلى أن إصدار الأحكام السريعة لا يكفي، ولا يجب الاقتصار على الاستنكار أو وصف الفن بـ”الرديء” أو “غير اللائق”، بل لابد من التساؤل عن الأسباب الحقيقية والطبيعة العميقة لهذه التحولات، وهل تعكس تغييراً جذرياً في منظومة القيم أم مجرد مظهر طبيعي لتحولات في مجتمع حي.

الحاجة إلى دراسات عميقة

ولفت إلى تناقضات أخرى في سلوكيات الشباب، مثل الإقبال الكبير على المساجد وصلاة التراويح خلال رمضان، وهم نفس الشباب الذين يحضرون مثل هذه السهرات الفنية، مما يؤكد وجود تحولات تراكمية في القيم والرؤى والسلوكيات، وليس تحولات جذرية.

وأكد الحاجة إلى دراسات سوسيولوجية ونفسية معمقة لفهم هذه الظواهر، بدلاً من الاكتفاء بإدانتها أو التساهل معها.

وأوضح أن لا مجتمع يقبل بتفكك بنيته الاجتماعية، وكل الدول تسعى إلى ضمان الانسجام والاستقرار، مع الحفاظ على تماسك الهوية الوطنية، مع السماح بالاختلاف والتنوع داخل هذا الإطار، معتبرا أن الصراعات في المجتمع قد تكون بناءة تساهم في تطوير الذات الجماعية، أو مدمرة تهدد النسيج الاجتماعي، لذا يجب التمييز بينها والتركيز على البناء.

ودعا إلى عدم تحويل النقاش حول هذا الحدث إلى صراع بين فئتين أو تبادل للأحكام، بل إلى إطلاق نقاش هادئ ورصين، مدعوم بدراسات علمية، لتمكين صناع القرار والمجتمع من فهم الظواهر والتعامل معها.

وختم حديثه بالقول إنه تابع السهرة عبر قناة الثانية ولاحظ استخدام “لغة الشارع” وألفاظاً من “كلام الشارع”، مشيراً إلى أن الإقبال الجماهيري الكبير على السهرة يستدعي الاستماع إلى الشباب وفهم اختياراتهم، بدلاً من تحميلهم تهم الفساد أو الانحراف.

كما دعا إلى بناء جسور التواصل مع الشباب، والاعتماد على الحكمة والدراسات العلمية لفهم هذه الظواهر الجديدة داخل المجتمع، بدلاً من الانجرار وراء الأحكام الانفعالية أو التحقيرية.